01-يونيو-2020

أحزاب السلطة احتفظت بمقاعدها في البرلمان الجزائري بعد الحراك الشعبي (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

 رغم مشاركة أحزاب مختلفة في الحكومات التّي تعاقبت على المرحلة البوتفليقية (1999 - 2019)، بعضها جاء من المعارضة الشّرسة، إلّا أنّ السّلطة الفعليّة في تمرير سياسات الرّئيس ومحيطه، كانت لدى حزبي "جبهة التّحرير الوطنيّ" و"التّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ". والدّليل أنّ رئاسة الحكومة ظلت تترواح بين الوجوه التّي توّلت الأمانة العامّة فيهما.

حزبا السلطة استطاعا الصمود والاحتفاظ بمقاعدهما في البرلمان

بهذا عُرف الحزبان بـ"حزبي السّلطة"، ولحق بهما ما لحق بها من سخط شعبيّ واستياء وسخرية وبغض ودعوة إلى الرّحيل. وكانت الشّهور الأولى من الحراك الشّعبيّ والسّلميّ الذّي انطلق يوم 22 شبّاط/ فيفري من العام الفائت، تربة خصبة لدعوات مؤطّرة بإجماع شعبيّ إلى حلّهما، لأنّهما من رموز المرحلة التّي ثار عليها الشّعب.

اقرأ/ي أيضًا: بعجي أمينًا عامًا لـ "الأفلان" بمساعدة كورونا

غير أنّ الحزبين، رغم تعرّضهما لزلازل من خارجهما، وأخرى من داخلهما، حيث سُجن أميناهما العامّان، في إطار حملة مكافحة الفساد التّي شنّها القائد السّابق لأركان الجيش أحمد قايد صالح، استطاعا الصّمود والبقاء على قيد الاحتفاظ بمقاعدهما في البرلمان بغرفتيه وفي المجالس البلديّة والولائيّة، إذ ما يزال الرّئيس عبد المجيد تبّون يتحفّظ على إجراء انتخابات تشريعية ومحلّية مسبقة.



وفي الوقت الذّي أوحى فيه غيابهما الميدانيّ، خاصّة بعد الانتخابات الرّئاسية التّي أفضت بعبد المجيد تبّون إلى قصر المراديّة، بأنّهما في طريقهما إلى الزّوال، تفاجأ الجزائريّون بأنّهما بصدد عقد مؤتمريهما لانتخاب أمينين عامّين جديدين وإعادة النّظر في بعض القوانين واللّوائح النّاظمة لتسييرهما، فتناول التفاعل الإعلاميّ مع الأمر، في البداية، تزامن المؤتمرين معًا، بصفته إشارة سياسيّة إلى إمكانية اعتماد السّلطة الجديدة عليهما، بعد تغيير الوجوه، ثمّ كسرهما لشروط التباعد الاجتماعيّ، في ظلّ الحجر الذّي ما يزال على قيد التّمديد.

لكنّ انعقاد المؤتمرين فعلًا، وما تسرّب منهما من صور ومشاهد وخطابات و"مؤامرات" بين الأجنحة، وسّع دائرة التّفاعل الإعلاميّ إلى رفض عودة الحزبين والتّذكير بالمجازر السّياسيّة والأخلاقيّة والاقتصاديّة التّي أشرفا عليها، في العشريتين الأخيرتين، والدّعوة إلى حلّهما ليكون ذلك مقدّمة لحياة سياسيّة جديدة ونظيفة.



هنا، يقول الإعلاميّ حميد غمراسة إنّه بعودة جبهة التّحرير الوطني بفضائحها إلى الواجهة، يثبت النّظام أنّه مصمّم على ممارسة أكثر شيء يفهم فيه "الاعتداء على الجزائريّين وإذاقتهم فنون الإذلال والإهانة. فقد استغلّ الأزمة الصّحيّة التّي سقطت عليه كهدية من السّماء، وشنّ حملة اعتقالات في حقّ المتظاهرين والمناضلين السّياسيّين، ومارس التّرهيب ضدّ المئات من المرشحين للإقامة بالزّنزانات، وداس على حقوق الكثير من المتقاضين، بحرمانهم من تدابير بديلة للحبس الاحتياطيّ".

ضمن التّوجّه نفسه، القائم على القهر والتّسلّط والغلق، يقول محدّث "الترا جزائر"، إنّه تمّ إهداء طوق نجاة لرمزين في مشروع مسخ المجتمع، خلال عهد الرّئيس بوتفليقة هما حزب "التّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ" وحزب "جبهة التّحرير الوطنيّ". وبذلك "أطلق النّظام رصاصة جديدة على آمال الجزائريّين في بناء دولة ديمقراطيّة تستوعب اختلافات وخلافات الجميع، وتضمن العدل كقيمة اجتماعيّة".

من جهته، كتب الإعلاميّ ناصر الدّين السعدي: "من كان يؤمن بالأفلان والأرندي فقد عقدا مؤتمريهما بنجاح برعاية رسميّة ومن كان يريد التّغيير، فسبيله الوحيد تعزيز الحراك السّلميّ". فيما دعا الإعلاميّ يونس صابر شريف إلى العمل على استرجاع البعد التّاريخيّ لجبهة التحرير. كتب: "يجب استرجاع شعار جبهة التّحرير الوطنيّ من هؤلاء! مارسوا السّياسة كما شئتم، لكن حان الوقت لاسترجاع ما هو ملك للشّعب وللذّاكرة".

وبروح ساخرة كتب الأكاديميّ والكاتب الصّحفيّ سعيد بوطاجين: "لا داعي للذّهاب إلى الحجّ لرجم الشّيطان. يمكن أن تبقى في الجزائر وترجم حزب جبهة التّحرير الوطنيّ والأرندي". وساخرًا من عقد المؤتمرين داخل قاعتين مغلقتين، في عزّ انتشار وباء كورونا، كتب النّاشط محمّد حنّاشي: "لو أخذوا غرامة مالية عن كلّ شخص حضر لاستفادت الخزينة. نحن في الحجز لا في الحجر".



في السّياق، كتب الإعلاميّ مولود بعلي: "من الجيّد أن يعبّر ولّاة الجمهوريّة عن تخوّفهم من انتشار فيروس كورونا فيتخذوا قرارات يرونها مفيدة في محاربة ومحاصرة الوباء، تمامًا كما فعل بعض ولّاة الولايات السّاحليّة الذّين منعوا السّباحة، بل ومنعوا الذّهاب إلى البحر، وهذا أمر رائع. لكن في المقابل، من المؤسف أن ترى تجمّعات حزبية أكبر من تجمّعات البحر دون ردع، ولا مراقبة". 

فاروق بين شريف: جبهة التّحرير الوطنيّ والتّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ جهازان نظاميان وليسا حزبين سياسيين

وفي الوقت الذّي كتب فيه الإعلاميّ عمّار لشموت في تدوينة فيسبوكيّة له: "عودة الأرندي والأفلان. الطّبيعة لا تحتمل الفراغ"، في إشارة منه إلى أنّ قوى الحراك لم تستطع إفراز بدائل حزبيّة حقيقيّة، قال الإعلاميّ فاروق بن شريف لـ "الترا جزائر" إنّه ظهر بما لا يدع مجالًا للشّكّ أنّ جبهة التّحرير الوطنيّ والتّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ جهازان نظاميان وليسا حزبين سياسيين، "فلماذا لا تفكّر القوى الشّعبية في اختراقهما من الدّاخل ومحاولة امتلاك زمام الأمور فيهما لجعلهما في خدمة الشّعب، مثلما يفعل النّظام الذّي يسخّرهما لصالح استمراره؟".

 

اقرأ/ي أيضًا:

انتخابات الأمين العام لجبهة التحرير.. البوتفليقية تسكن بيت الأفلان

شباب "الأفلان" يثورون ضدّ قياداته الحالية.. إرحلوا