15-أغسطس-2019

الحدود البرية بين الجزائر والمغرب ظلت مغلقة منذ سنة 1994 (يوسف بودلال/ رويترز)

صار الشابّ الذّي ولد في الجزائر أو المغرب عام غلق الحدود البرّيّة بين البلدين متزوّجًا أو موظفًا أو متخرّجًا من الجامعة. أي أنّنا بصدد جيل لا يعرف البلد الآخر إلّا من خلال الشّاشات والحكايات، رغم أنّ طول الحدود المشتركة تبلغ 1559 كيلومترًا.

 قامت نخبة من مثقفي وكتّاب وفنّانيّ وصحافييّ الجزائر بإصدار بيان دعت فيه إلى فتح الحدود مع الجارة الغربيّة

يعود غلق الحدود إلى عام 1994، حين أقدم الملك المغربيّ الحسن الثاني على فرض التّأشيرة على الجزائريّين، في اتهام مبطّن لعناصر جزائريّة بالضّلوع في تفجيرات مراكش، فقابلت الحكومة الجزائريّة القرار المغربيّ بغلق الحدود البريّة، بحجّة أنّه كان قرارًا غير خاضع للتّشاور.

اقرأ/ي أيضًا: مبادرة لـ فتح الحدود بين الجزائر والمغرب.. حين لا تنخرط الشعوب في صراع الأنظمة

لم تؤدِّ محطّات التّقارب، التّي عرفتها الحكومتان لاحقًا، كانت آخرَها مساندة الجزائر لملف ترشّح المغرب لاحتضان فعاليات كأس العالم عام 2026، إلى فتح الحدود البرّية المغلقة، بما انعكس سلبًا على التّبادلات الإنسانيّة والتّجاريّة والسّياحيّة بين الطّرفين، إذ استفادت الواجهة التّونسيّة شرقًا من الخزّان السّياحيّ الجزائريّ، الذّي تجاوز ثلاثة ملايين سائح في السّنة.

في ظلّ هذا الوضع، قامت نخبة من مثقفي وكتّاب وفنّانيّ وصحافييّ الجزائر بإصدار بيان دعت فيه إلى فتح الحدود مع الجارة الغربيّة، منها الشّاعر بوزيد حرز الله والشّاعر سعيد هادف والقاصّة فايزة مصطفى والباحث سعيد بوطاجين والصّحفي صغير سلّام وسعيد بن رقية رئيس الاتّحاد العامّ للجزائريّين في المهجر والنّاشط الحقوقي عاشور عبد القادر والنّاشط السّياسيّ والحقوقيّ مصطفى بوشاشي.

ورد في البيان: "نحن المواطنين الجزائريّين الموقعين أسفله، أفرادًا وجمعياتٍ، وإيمانًا منّا بإيجابيّة التغيّرات، التّي أحدثها حراك 22 فبراير/ شبّاط في الذّهنيات والإرادات، ولاسيما أنّ هذا الحراك كشف عن مكنون هذا الشّعب وجوهره السّلمي، الذّي أبهر العالم. ولأنّ السّلام مطلب مشروع وشعار الشّعوب العظيمة، فقد ظلّ الشّعبان الشّقيقان الجزائريّ والمغربيّ معتصمين بحبل السّلام والمحبّة رغم كيد الكائدين ورغم نيران الحقد، التيّ ظلّ يشعلها الفاسدون والجهلة، فكانت كلما ازدادت اشتعالًا كانت بردًا وسلامًا".
"ولأنّ مشاعر المحبّة بين الشّعبين ظلّت حيّة، وظلّت تتحيّن الفرص لتتجلّى على شكل أفراح جماعيّة هنا وهناك، وتدعو إلى عودة المياه المغاربيّة إلى مجراها الطّبيعي، رأينا نحن الموقّعين على هذا البيان، أن نتوجّه بهذا النّداء إلى كل الإرادات الطيّبة في هذا البلد الأمين، أن يكون لها شرف التّأسيس لعلاقة جزائريّة مغربيّة منفتحة على التّعاون الخلّاق".

وكتب القاصّ والأكاديميّ عبد الله كرّوم في السّياق: "أما آن للحدود مع الجارة الشّقيقة المغرب أن تفتح ولا تغلق أبدًا؟ لنا أحبّة وأشقّاء في تافيلالت ووجدة وتطوان. ربع قرن بركات".

من جهته قال الشّاعر والأكاديمي ورئيس "بيت الشّعر في المغرب" مراد القادري لـ"الترا جزائر" إنّه تأثّر بخطوة النّخبة الثقافيّة الجزائريّة، "لأنّها تؤكّد لديها روح المسؤوليّة تجاه عمق مشترك كبير، علينا أن نحميه بمزيد من الانفتاح والتّواصل والحوار والتّقارب، لأنّ هذا العمق الثقافيّ والاجتماعيّ والجغرافيّ واللّغويّ والرّوحيّ معطًى غير قابل للاستبدال".

ويختم القادري بالقول: "أتمنّى من النّخبة السّياسيّة الجديدة في الجزائر، أن تأخذ بيان النّخبة الثقافية بعين الاعتبار. وأن تبادر إلى فتح الحدود البريّة المشتركة لزوال دواعي غلقها، ولأهمّية ذلك بالنّسبة للشّعبين، اللّذين أكدا شراكتهما في ردود الأفعال نفسها".

يوجد خطّان يوميان لطيران البلدين يربطان وهران والجزائر العاصمة بمطار الدّار البيضاء. كما يمكن للمسافرين من البلاد الانتقال جوًّا من غير تأشيرة

يُذكر أنّ الملاحة الجوّيّة ظلّت مفتوحة بين البلدين. إذ يوجد خطّان يوميان لطيران البلدين يربطان وهران والجزائر العاصمة بمطار الدّار البيضاء. كما يمكن للمسافرين من البلاد الانتقال جوًّا من غير تأشيرة. فهل تتطوّر الأمور إلى فتح الحدود بعد ربع قرن من غلقها؟

 

اقرأ/ي أيضًا: 

انفراج محتمل بين المغرب والجزائر.. هل تصلح كرة القدم ما أفسدته السياسة؟

"خاوة خاوة".. الهتاف الذي وحَّد المغاربة والجزائريين في مصر!