قفزت إلى مواقع التواصل الاجتماعي، في الأسبوع الأول من رمضان، حملة واسعة تُطالب بوقف بثّ المسلسل الرمضاني "حَب ملوك"، بسبب ما وُصف بـ "إيحاءات جنسية" تضمنها العمل تتنافى والشهر الفضيل.
المخرج عادل محسن لـ"الترا جزائر": أين سلطة الضبط ممّا يحمله المسلسل من أمور خطيرة وغريبة عن مجتمعنا؟
وأحدث المسلسل الجزائري التونسي المشترك "حَب الملوك"، الذي يُعرض على قناة "النهار" وقناة "حنبعل" التونسية، غضبًا في حلقته الخامسة، بعد أن بُثّ مشهدٌ بين الدقيقتين السادسة والثامنة، تظهر فيه ممثّلة في دورِ موظّفة وهي تطلب من مديرها ترقيتها في العمل، وتحاوِل استمالته نحوها بإيحاءات جنسية.
وبدت الممثلة (الموظفة) في المشهد وهي تعدّد خصال مديرها وتُمسك بربطة عنقه مصرّة على ترقيتها، في إشارة إلى طرق الترقية ببعض الشركات والمؤسسات.
ومباشرة عقِب ردّة فعل المشاهد الجزائري على ما بُثّ في الحلقة، سارعت قناة "النهار" إلى حذف المشهد المثير للجدل من قناة المسلسل على يوتيوب، مع الإبقاء على الصوت.
كما سُحب المشهد من كلّ المنصات الرقميّة التابعة للقناة، بعد تلقّيها كمًا هائلًا من الانتقاد على الصور التي وردت في الحلقة الخامسة من مسلسل "حَب ملوك".
استنساخ وابتذال
وفي تعليقه على العمل الرمضاني، قال المخرج والناقد الفني عادل محسن، إن "العمل لا يعدو أن يكون مجرد مسخ تلفزيوني وفقط"، مضيفًا: "لا أريد إصدار أحكام أخلاقية، ولكني لا أنصح بمشاهدته خاصة بعد الإفطار وقبل الإفطار لأنه يكرس معنى الابتذال".
وذهب بالقول إن "من يظن أن المنتجين كلهم يسعون إلى تحقيق أهداف ربحية فهو مخطئ ونيّة، هناك من يدفع لتدمير ما بقي من أخلاق ورجلة عند الجزائريين".
ولفت هنا إلى أن "هذه الأخلاق مازالت تمثل عقبة صعبة أمام انهيار كلي للقيم والمبادئ الإسلامية، نعم الرجولة أيضًا تحمي القيم".
وفي ردّه على إشكالية استنساخ العمل الكوميدي من نسخة تركية، ردّ محدّثنا بأن فريق العمل أشار إلى أن "جينيريك المسلسل يحمل إشارة إلى أن العمل مقتبس من مسلسل تركي اسمه عشق فاخر"، موضحًا: "لكن هذا لا يعني أن نأتي بعمل من بيئة ونضعه في بيئة أخرى دون مراعاة خصوصياتها".
وأكّد محسن أن " الاقتباسات وإعادة الانتاج هناك نُقاد يرفضون اقتباس مسلسل عن مسلسل، من نفس النوع الدرامي ولكن هناك من يعتمد ذلك بما أن المعنى العام هو التضمين، وخلق معنى جديد".
وفي الصدد شدّد الناقد الفني على أن "الطريقة ككل (الاقتباس) هي عربيًا وعالميًا مستعملة ولكن مع مراعاة خصوصية المتلقي ثقافيا اجتماعيًا، مع إدخال عناصر حتى توافق البيئة الجديدة التي يعرض فيها العمل."
كما ذكر عادل محسن في محادثته مع "الترا جزائر" أن العمل الدرامي أنقص من قيمة العائلة الجزائرية ووضع شخصياتها في "صورة العائلة العنيفة المنرفزة، دون مبرر، والساذجة، كما أنها تدّعي قيّم الحُرمة والحياء وفي الأخير سلّمت ابنتها لمن يدفع أكثر".
وفي ختام حديثه، تساءل محسن عن "سلطة ضبط السمعي البصري ودورها الرقابي لما يُعرض في رمضان عبر القنوات التلفزيونية"، داعيًا إلى "دضرورة التدخل ووقف العمل لـ"صورته المسيئة للمجتمع وقيمه الأخلاقية والثقافية..".
أين سلطة الضبط؟
وعبر تويتر، تصدّر وسم "أين سلطة الضبط؟" الترند لثلاثة أيام متتالية، حيث طالبت معظم تعليقات الجزائريين الهيئة الإعلامية الرقابية بالتدخل لوقف المسلسل.
واعتبر مغرّدون بأن الحلقات الأخيرة من مسلسل "حب ملوك"، "فضيحة من العيار الثقيل"، بينما عد آخرون تلك المشاهد بـ "المبرمجة لتشويه صورة المجتمع الجزائري".
وفي السياق، علّق كريم سيد بالقول: "السؤال المطروح لماذا يحاولون في كل مناسبة تصوير كل ما هو شاذ في مجتمعنا وتسويقه عبر القنوات الإعلامية، على أنه واقعنا ويجب أن نرضخ له".
وحذّر آخر في تغريدته من "حملة ممنهجة من طرف قنوات الزوجية إلى ألفاظ نابية وحركات غير أخلاقية إلى متى؟،لم يبق أمامنا إلا التوعية بضرورة مقاطعة تلك البرامج ".
دفاع..
ولحد الآن لم تُصدر لا القناة العارضة للعمل الفني بالجزائر ولا فريق عمله، أي رد فعلٍ على ما بُثّ في الحلقة الخامسة منه، ولا عن الانتقادات الموجهة إليه ككل.
في مقابل ذلك، دافعت الممثلة الجزائرية مينة لشطر المشاركة في العمل عن رؤية المخرج في العمل، من خلال نشرها منشورًا على فيسبوك، بدون نصّ، وحمل صورًا كاريكاتورية تعبّر عن ممارسة الرقابة على الفن ومصادرة حرّية الرأي.
#tahia_ya_cinema
Posted by Mina Lachter on Friday, April 8, 2022
كما غيّرت الممثلة مينة صورة حسابها عبر فيسبوك بشعار "تحيا السينما"، في إشارة إلى رفضها لكلّ أنواع التضييق على العمل الفني وحرية التعبير.
في سلسلة "حَب ملوك"
السلسلة الكوميدية "حب ملوك"، عمل جزائري تونسي مشترك، من إخراج نصر الدين السهيلي وتجمع ممثلين من البلدين، إذ يشارك من الجزائر كل من أمينة لشطر ومراد أودجيت وسعاد سبكي وأحمد زيتوني ومحمد بوشايب، بينما من تونس تشارك الممثلة منى نور الدين وجمال المداني ومريم بن مامي وحمادي الوهايبي.
وتدور قصة السلسلة حول يوميات عائلتين، واحدة تونسية وأخرى جزائرية مقيمة في تونس، تربطهما علاقة متينة. وتنشأ قصة حب بين ابنة العائلة الجزائرية وابن العائلة التونسية.
وتتطرق السلسلة إلى عديد القضايا على غرار الطبقية، وصراع الأجيال بين التمسك بالعادات والتقاليد ومظاهر الحداثة.
و"حب الملوك" هو تسمية محلية لثمار الكرز، متداولة خصوصا في المجتمع الجزائري والتونسي، وهي ثمار باهظة الثمن في السوق، ويراد من استعمالها في العمل التلفزيوني الإشارة إلى العائلة الأرستقراطية.
اقرأ/ي أيضًا:
في ظل غياب "عاشور العاشر".. هذه أبرز الأعمال الرمضانية لسنة 2022
دراما رمضان في الجزائر.. ضحك على الكوميديا لا منها