مجتمع

مطعم كتامة بباب الزوار.. 15 سنة من المقاطعة للسلع الداعمة للاحتلال الصهيوني

8 يوليو 2024
مطعم كتامة.jpg
(الصورة: فيسبوك)
عبد الحفيظ سجال
عبد الحفيظ سجالصحفي من الجزائر

يتشبّث الأربعيني سفيان كعواش، مالك مطعم كتامة ببلدية باب الزوار، شرقي العاصمة الجزائر، حتى اليوم بالقرار الذي اتخذه قبل 15 سنة، والقاضي بمقاطعة كل المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني. وذلك رغم الإغراءات التي عرضت عليه من قبل شركات عالمية تضررت من حملة المقاطعة التي طالتها جراء مساهمتها في قتل الأبرياء في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

صاحب مطعم كُتامة لـ"الترا جزائر": المقاطعة سلاحٌ فعّال لثني هذه الشركات الداعمة للمحتل، ولا بُدّ أن يكون القرار دائمًا وحياتيًا لا مجرد قرارات لحظية ومناسباتية

وقُبالة جامعة هواري بومدين للتكنولوجيا باب زوار، أصبح مطعم كُتامة المختص في بيع الأطباق التقليدية الجزائرية علامة معروفة بمقاطعتها لكل المشروبات والعصائر والأجبان الداعمة للاحتلال، بالرغم من كثرة طلبات زبائنه عليها، بالنظر إلى أن من بينهم الطلبة الذين يميل بعضهم لتناول المنتجات الأجنبية.

من البداية

ويشرح سفيان كعواش لـ"الترا جزائر" أن قرار مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني كان مبدئًا حرص على احترامه، وعدم التخلي عنه منذ أن قرر أن يؤسس مشروعه الاستثماري في 2009 بفتح مطعم تحت اسم " كتامة"، وذلك استمرارًا لقرار كان قد اتخذه منذ سنوات.

وأضاف كعواش المنحدر من ولاية جيجل، التي يشتهر أبناؤها بالاستثمار في مجال الطهي والإطعام أن انضمامه للمقاطعين للمنتجات الصهيونية كان في انتفاضة 2001 واقتناعه بالفتاوى التي دعت إلى عدم اقتناء المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني.

وأشار إلى أنه منذ 2001 لا يشتري أي منتج معروف بدعمه أعداء الأشقاء الفلسطينيين، مبينًا أن هذا القرار يطبقه أيضا على مستوى عائلته الصغيرة، ويأمر ابنه عند إرساله للمحل لاقتناء حاجيات المنزل بعدم شراء أي منتج من السلع المعروفة بذهاب عائداتها لخزينة الاحتلال الصهيوني.

وقال الدكتور حسين بوبيدي في منشور على فيسبوك "هذا المطعم لأخي وصديقي سفيان كعواش اليدري الشقفي في باب الزوار، لم تدخله الشركات الداعمة للكيان منذ حملة المقاطعة سنة 2008، ومارست عليه مختلف أذرع الشركات الإغراء الذي تمارسه على الجميع (الثلاجات، واللافتات الإشهارية والمظلات الصيفية) بل ونقلته إحداها لمقرها سعيا لإبعاده عن الخط الذي تبناه، وهو ما لم يحدث إلى اليوم".

وأضاف بوبيدي "أرزاق الله جارية وسيبقى موقف سفيان وإرادته استثناء بين المتهافتين، وما جذبته قناعته من الزبائن الذين أكبروا فيه هذا الموقف أفضل من الذين قد يمتعضون لغياب الكوكا من الطاولة".

ويُبيّن سفيان أن "المقاطعة سلاح فعّال لثني هذه الشركات العالمية عن دعم المحتل، بالنظر إلى أن التجربة أثبتت أن هذا السلاح يمكن أن يؤثر في الطرف الآخر"، داعيا في الوقت ذاته إلى أن "تكون المقاطعة قرارًا دائمًا وحياتيًا مثلما يطبقه هو، لا أن تكون مجرد قرارات لحظية ومناسباتية."

 وكشف سفيان كعواش في حديثه مع "الترا جزائر" أن مطعمه لا يقتصر على مقاطعة المشروبات والعصائر الداعمة للاحتلال الصهيوني فقط. إنما يشمل هذا القرار أيضا الأجبان وحتى مختلف السلع الأخرى كمواد التنظيف والتجميل وغيرها.

تأثير؟

لا ينكر سفيان أن الكثير من زبائن مطعمه يتفاجؤون بقرار مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني الذي يلتزم به منذ 15 سنة، حيث ينقسمون بين مؤيد ومتفهّم لدعمه لإخوانه الفلسطينيين. فيما يعتبر آخرون أنه من الصعب التخلي عن المنتجات الأجنبية، ومنها تلك الداعمة للاحتلال الصهيوني، وبالخصوص بعض المشروبات الغازية المعروفة.

وأضاف سفيان أنه يلتزم بعدم بيع هذه المنتجات التي يقاطعها، لكنه أيضا يسمح لزبائنه بأن يقتنوا هذه المنتجات من الخارج ويتناولونها في مطعمه عملا بحرية الرأي، ولكي يكون انضمامهم لحملته اقتناعا لا إكراها.

وبين صاحب مطعم كتامة أن الأحداث الأخيرة التي تحدث في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة جراء العدوان الصهيوني المتواصل جعلت الكثير من زبائنه يشجعونه على هذا القرار، ولا يترددون في إعلان عزمهم الاقتداء به.

وأوضح سفيان كعواش في حديثه مع "الترا جزائر" أن التخلي عن المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني أصبح أمرًا ممكن التطبيق بسهولة، بالنظر إلى أن السوق الجزائرية تتوفر اليوم على الكثير من السلع الاستهلاكية البديلة لنظيرتها الأجنبية، والتي تكون في مرات عدة ألذ وأجود من المستوردة، إلا أن المشكل يبقى في التسويق لها بالقدر المطلوب الذي يمكنها من إزاحة السلع الأجنبية، مشيرا في هذا الإطار إلى أن قرار مقاطعته يشمل أيضا السلع والمنتجات الفرنسية كلها، حيث يقاطعها منذ سنوات.

سفيان كعواش: التخلي عن المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني أصبح أمرًا ممكن التطبيق بالنظر إلى أن السوق الجزائرية تتوفر على الكثير من السلع الاستهلاكية البديلة لنظيرتها الأجنبية

ويضرب كعواش هنا مثالًا بتوفر الجزائر على مشروب غازي ألذّ وأعرق من مختلف المشروبات الغازية العالمية المعروفة، وهو الرأي الذي قاسمه فيه سُيّاح صينيون دخلوا مطعمه منذ سنوات. حيث طلبوا إحضار "كوكاولا" فأخبرهم عن المقاطعة التي ينتهجها عبر المترجم الذي كان معهم، وأخبرهم بتوفر مشروبات غازية محلية تنافس المشروب الأميركي، وهو ما اقتنعوا به، وجعلهم يأخذون صورا معه تتضمن المشروب الغازي الجزائري المعروف الذي تعدت شهرته حدود البلاد.

إغراءات

لم تمر المقاطعة التي شنها سفيان كعواش بمطعمه مرور الكرام على ممثلي الشركات المتهمة بدعم الاحتلال الصهيوني، بالنظر إلى أن تقارير الموزعين المرفوعة إلى إدارة هذه الشركات. أفادت بمقاطعة مطعم كتامة لمنتاجتهم في منطقة ذات كثافة استهلاكية ممثلة في بلدية باب الزوار، وطلبة جامعة هواري بومدين، إضافة إلى وجود إقامة جامعية للبنات بالمنطقة.

وقال كعواش إن "المدير التجاري لشركة بيبسي انتقل إلى مطعمي وحاول إقناعي بالعدول عن قرار المقاطعة، متحججًا بأن هذه فرع الجزائر يشغّل عمالًا جزائريين ومداخيله تستثمر في البلاد. ولا علاقة لها بدعم الاحتلال الصهيوني، كما دعاني لزيارة مصانع المؤسسة وفروعها المختلفة، لكن لم تقنعني هذه الحُجج الواهية".

وأبرز كعواش أنه رفض الاستفادة من ثلاجات وتجهيزات إلكترونية إشهارية لهذه الشركة وغيرها من شركات المشروبات المتهمة بدعم الاحتلال الصهيوني، وذلك بالرغم من العروض المتكررة لهذه الشركات أو الموزعين الذين يتولون تسويق منتجاتها.

ومهما توالت هذه المحاولات، فإن التمسك بمقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال الصهيوني قرار لا يقبل النقاش عند سفيان. وهو ما يؤكد توسيع قائمته السوداء لتشمل أيضا المنتجات الفرنسية، حيث قرّر في هذا الإطار مقاطعة أحد العصائر الجزائرية التي تحمل اسم مدينة تقع شرقي العاصمة، بعد أن سمِع أنها بيعت لفرنسيين.

 

 

 

 

 

الكلمات المفتاحية

المنتجات الغذائية في الجزائر

"كامل" أم لا؟ جدل في الجزائر حول محتوى المنتجات الغذائية

في الوهلة الأولى؛ قد يبدو الغلاف الخارجي لأي منتج غذائي بمثابة بطاقة تعريف مُطمئنة: ألوان جذابة، شعارات صحية، وعبارات مثل "طبيعي 100%" أو "كامل الغذاء". لكن خلف هذا الغلاف، قد تختبئ مكونات لا تمتّ بصلة إلى ما يُروَّج له، ما يطرح سؤالاً جديًا: هل نشتري فعلاً ما نعتقده؟


ضرب الأطفال

"الضرب يربي"… مقولة شعبية يُكذّبها الطب النفسي ويُجرّمها القانون

أثار الفيديو المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، والذي يُظهر أبًا يعنّف ابنه الصغير بطريقة صادمة، موجة واسعة من الغضب والانقسام. وبين من رأى في الفعل جريمة لا مبرر لها، ومن اعتبره "تأديبًا مشروعًا"، أعاد المشهد فتح النقاش حول أساليب التربية السائدة في المجتمع الجزائري، وحدود ما يمكن قبوله تحت مسمى "التقويم".


ضريح سيدي عبد الرحمن بالعاصمة

عاشوراء في الجزائر.. عاداتٌ وطقوس تتجاوز البعد الديني

هناك مثل جزائري للتعبير عن عدم قدرة شخص الهروب من مصير محتوم يقول: "مذبوح في العيد وإلا في عاشوراء". مثل يبيّن أن عاشوراء لدى الجزائريين عيد في مقام عيد الأضحى يحتفل به بل وينحر لإحيائه.


 الزواج في الجزائر

ليلة العُمر.. ماذا تُخفي مواسم الأعراس في الجزائر؟

في الجزائر كانت الأعراس مجرّد مُناسبة للاحتفال وبداية لحياة جديدة، لكنّها اليوم تحوّلت لدى كثيرين إلى سباق محموم خلف مظاهر مكلفة جدا ، و"ترندات" مُتجدّدة يفرضها ضغط المجتمع ووهج المنصّات الاجتماعية.

بوضياف
راصد

محمد بوضياف.. رئيس يرفض أن يرحل من ذاكرة الجزائريين

في ذكرى اغتياله الثالثة والثلاثين، لا يزال الرئيس الراحل محمد بوضياف يثير مشاعر الحنين والأسى لدى الجزائريين، الذين يتذكرونه كأحد أكثر الشخصيات السياسية التي جمعت بين التاريخ الثوري والرغبة في إصلاح الدولة.

لونيس سعيدي
أخبار

سجن نقيب فيدرالية السكك الحديدية.. حزب العمال يطالب بالإفراج الفوري وغير المشروط

دعا حزب العمال إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن الأمين العام لفيدرالية عمال السكك الحديدية، سعيدي لونيس، الذي تم توقيفه يوم 5 تموز/جويلية الجاري، بالتزامن مع عيد الاستقلال الوطني، وأُودع الحبس الاحتياطي، في خطوة وصفها الحزب بانتهاك صارخ للحصانة النقابية واعتداء على حق الإضراب


رحابي.jpg
سياسة

الحبس المؤقت، شلل الأحزاب، ضعف الإعلام.. رحابي يرسم صورة سوداء عن واقع الحريات في الجزائر

انتقد الوزير والدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي واقع الحريات السياسية في البلاد، معبّرًا عن قلقه العميق إزاء ما وصفه بانحسار غير مسبوق للفضاء العام، وتنامي مظاهر التقييد التي مست جوهر الممارسة السياسية وحرية التعبير.

شركة الخطوط الجوية الجزائرية
أخبار

نقابة تقنيي صيانة الطائرات تندد بتهميشها في اتفاقيات الخطوط الجوية الجزائرية

نددت النقابة الوطنية لتقنيي صيانة الطائرات (SNMTA) بما وصفته بـ"تجاوزات" إدارة شركة الخطوط الجوية الجزائرية، على خلفية توقيع الاتفاقية الجماعية دون إشراكها، رغم أن اتفاقًا كان مرتقبًا يخص ميكانيكيي ومهندسي الصيانة بالتوازي مع هذه الوثيقة.

الأكثر قراءة

1
أخبار

مسار استثنائي في هياكل الدولة .. ليلى عسلاوي أول امرأة على رأس المحكمة الدستورية


2
أخبار

في ظل شكاوي لا تنتهي.. اعتمادات جديدة لشركات نقل المسافرين البحرية وعودة قريبة لطارق بن زياد


3
أخبار

قضية وفاة عامل مغربي في منزله.. تأييد الحكم ب 6 أشهر حبسا نافذا لمحسن بلعباس


4
أخبار

في مداخلة مثيرة.. ريما حسن تهاجم أحفاد الكولون الفرنسي في الجزائر وتتحدث عن بوعلام صنصال


5
أخبار

بعد أيام من توقيعه إشعارا بالإضراب.. حبس لونيس سعيدي الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال السكك الحديدية