قال أستاذ علم الاجتماع السياسي، ناصر جابي إن غموض مبادرة "لم الشمل" التي أطلقها رئيس الجمهورية "قد يكون غموضًا مقصودًا، الغرض منه السماح للسلطة أن تعرف اتجاهات الرأي العام والموقف من هذه المبادرة، بدون أن تتورط في اقتراحات مسبقة حولها".
جابي: هذه المبادرة تتوجه أساسًا إلى بعض وجوه المعارضة المقيمة في الخارج
وأكد جابي في مقال مطوّل أن السلطة "تريد ترك موازين القوى على الأرض، هي التي تحدد المحتوى النهائي لهذه الفكرة للتعامل معها لاحقًا، حسب موازين القوى الفعلية"، ما جعل البعض "يفهم أن هذه المبادرة تتوجه أساسًا إلى بعض وجوه المعارضة المقيمة في الخارج وقد تحولت إلى مصدر إزعاج للسلطة في بعض دول أوروبا بواسطة الحضور الذي ميزها على مستوى الوسائط الاجتماعية".
بالمقابل، يعتقد جابي أن "يكون هذا الغموض انعكاسًا لصراع بين أجنحة السلطة من الداخل وعدم اتفاق على المطلوب من هذا الاقتراح، كما كان سائدًا على الدوام داخل مؤسسات النظام السياسي الذي لم تحسم الأمور داخله بين من يدعو إلى الإصلاح".
وشبّه المتحدث الفترة الحالية والظروف التي أتت فيها المبادرة الرئاسية، بحقبة الحراك الشعبي، حيث "تغلب في نهايتها الجناح العسكري الذي مثله قائد الأركان قايد صالح، وهو يحسم الأمور لصالح تغيير شكلي للواجهة الخارجية، تاركًا النظام كما هو من دون تغيير"، حسبه.
وأردف"الجزائر في حاجة كمرحلة أولى إلى إصلاحات جوهرية تنطلق في بدايتها على الأقل وبشكل مستعجل من ثلاثة مستويات أساسية، لما تتميز به من إجماع عبر عن نفسه بين النخب السياسية تم تبنيه من جزء كبير منه الحراك الشعبي الذي استمر لسنوات، رفعها كشعارات ونصوص تم التوافق عليها بين مختلف مكوناته، رغم التشويش الذي تعرضت من داخل الحراك في بعض الأحيان ومن خارجه من قبل أبواق السلطة".
وعدّد جابي مجالات الإصلاح التي ينبغي البدء فيها قبل الحديث عن "لم الشمل"، أبرزها المجال الإعلامي الذي "تعيشه الجزائر في الوقت الحالي والذي لم تعرف ما يشبهه حتى في أحلك فترات حكم الرئيس السابق".