18-سبتمبر-2020

نقابات التربية لم تتجاوز خلافاتها المطلبية (الصورة: الخبر)

قبل أسابيع معدودة من بدء السنة الدراسية الجديدة، تتزايد الأسئلة بشأن الحال التي سيكون عليها الموسم التعليمي بعد جائحة كورونا، ومدى قدرة وزارة التربية على كسب هذا الرهان في قطاعٍ ظلّ إلى وقت قريب لا يكاد يخلو من الاحتجاجات العمالية التي تقوده نقابات أثبتت ميدانيًا قوتها في تحقيق مطالبها مقارنة بقطاعات أخرى.

ظلّت الحركة النقابية في قطاع التربية تشكّل الاستثناء في المشهد الجزائري

غير أن فتح السلطة الأبواب لاعتماد شركاء اجتماعين جدد حتى تعدّى عددهم العشرين، أثار مخاوف الحرس القديم من النقابات التي لم تُخف تخوّفها من أن تكون هذه الخطوة، بداية لتركيع وتمييع النضال العمالي في قطاع التربية.

اقرأ/ي أيضًا: إيداع ملفات التقاعد لعمال التربية قبل 31 أكتوبر بشروط جديدة

وظلّت الحركة النقابية في قطاع التربية تشكّل الاستثناء في المشهد الجزائري خلال السنوات الماضية، حيث حقّقت بعض مطالبها المهنية والاجتماعية على الرغم من التعنت الذي انتهجته السلطة تجاه العمال في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والاكتفاء بدعوة المركزية النقابية لوحدها في اجتماعات الثلاثية.

شركاء جدد

خلال هذا العام، طلّقت السلطة الحظر الذي كانت تضعه ضد الممارسة النقابية، وفتحت المجال لاعتماد ثماني نقابات جديدة في قطاع التربية، تم تسليم وصول اعتمادها شهر شباط/فيفري الماضي.

والنقابات الثماني الجديدة هي المنظمة الجزائرية لأساتذة التربية، والنقابة الوطنية لمشرفي التربية، والنقابة المستقلة لموظفي المصالح الاقتصادية لقطاع التربية، والنقابة الوطنية المستقلة لمستشاري التربية الوطنية، والنقابة الوطنية لمديري المدارس الابتدائية، والنقابة الوطنية لمساعدي ومشرفي التربية، ونقابة مفتشي التربية الوطنية، ونقابة مديري الثانويات.

وبهذا الاعتماد الجديد، صار قطاع التربية الذي يوظّف أكثر من 600 ألف عامل بين أساتذة وإداريين وعمال مهنيين يضمّ 23 تنظيمًا عمّاليًا، في مشهد لم تعرفه البلاد من قبل.

وقبل بداية حراك 22 شباط/فيفري 2019، كانت نقابات التربية من أكثر التنظيمات العمالية التي نددت بالتضييق على نشاطها من قبل نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بسبب التعديلات التي تضمنها قانون العمل، وقبلها إلغاء التقاعد المسبق.

تخوف عمالي

غير أن هذا الانفتاح في اعتماد التنظيمات العمالية بقطاع التربية الذي يشهد سنويًا احتجاجات عارمة، بعث بعض التخوّف لدى متابعين ومنتمين لهذا القطاع الذي يضم أكثر من نصف مليون موظف يسهرون على خدمة 10 ملايين تلميذ.

وأبدى النائب بالمجلس الشعبي الوطني مسعود عمراوي، وهو النقابي السابق، تخوفه من أن يكون هدف السلطة من اعتماد نقابات جديدة هو تمييع العمل النقابية وتسطيحه.

وقال عمراوي "إنها سياسة تمييع وتعويم قطاع التربية بالنقابات بوصول العدد إلى 23 نقابة، أفهموني ماذا تستطيع فعله بعض النقابات لبعض الأسلاك؟، لو تبقى عامًا كاملًا لا تؤثر في شيء".

وأضاف القيادي السابق في الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين "هل هي سياسة تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ؟ وداعًا لتحقيق المطالب".

وبدورها لم تتردد الأستاذة سعاد أميمة في حديثها مع "الترا جزائر"، في الكشف عن تخوفها من أن يؤدّي الرفع الكمي للنقابات في تشتيت الحركة العمالية في قطاع التربية، وخلق خلافات بينها مثل ما حدث مع الأحزاب السياسية.

وأشارت إلى أن هذا الوضع سيُضعف الشركاء الاجتماعيين، ولا يصبح أي تمثيل نقابي يملك القوة التي تمكنه من أن يكون مفاوضًا قويًا للوزارة.

إنهاء احتكار

غير أن دزيري نور الدين، وهو مفتش في قطاع التربية لا يوافق على ما ذهب إليه مسعود عمراوي وسعاد أميمة، مبينًا أن "وجود 23 نقابة في قطاع التربية لا ضرر منه إذا تجاوزت هذه التنظيمات خلافاتها، وتعلّمت كيف تنتصر على الأنا والتطلع للزعامة، واستطاعت أن تتوحّد في اتحاد أو كونفدرالية نقابية تحفظ للنقابات المشكلة لها خصوصياتها، وتذوب خلافاتها واختلافاتها في القضايا ذات الاهتمام المشترك".

في هذا السياق، يرى دزيري أن الثراء في عدد النقابات قد يسمح بالتخلص من المنطق الذي يحكم الحركة العمالية في الجزائر، الذي ينطلق من تأسيس نقابة وطنية تتفرع بعدها محليًا في واقع مخالف لاتحادات الشغل في العالم، التي تبدأ بتشكيل النقابات المهنية الفئوية التي تجمع مجموعة عمّال في مكان عمل مشترك أو يتشاركون الوظيفة نفسها، ثم يتحالفون مع تنظيمات أخرى لتكوين نقابة وطنية ذات قوة تمثيل وضغط.

 وبالنظر إلى طبيعة التنظيمات الجديدة المعتمد، يظهر أنها تمثل أغلب الأسلاك العاملة في القطاع التربوي، وهي محاولة لإنهاء سيطرة الأساتذة على المشهد النقابي الذي جعلهم محلّ اتهام دائم من باقي الأسلاك في استغلالهم لتحقيق أهداف فئوية فقط، جعلت القانون الأساسي لـ 2008 والمعدل في 2012، يتضمن عديد الاختلالات التي أنصفت الأستاذ وأجحفت في حقّ باقي الموظفين في سلك التربية.

يبقى عامل الوقت كفيلًا بإظهار الهدف الحقيقي من توسيع الحركات النقابية 

ومهما كانت نية السلطة من هذا الإغراق للمشهد التربوي بالنقابات، يبقى عامل الوقت كفيلًا بإظهار هدفها الحقيقي من ذلك، سواءً تمييع الحركة العمالية أو تنويعها، كما لا يمكن إرجاع أي فشل إلى تدخّلات السلطة لأن أصل العمل النقابي هو نضال متواصل، وقد يكون سبب الإخفاق في تحقيق المطالب المشروعة هو عدم صدق المناضل في تحقيق ما يسعى إليه.

 

اقرأ/ي أيضًا:

وزارة التربية تحذّر من دعوات الاحتجاج

نقابات التربية تثمن قرار تأجيل شهادتي المتوسّط والبكالوريا