08-مارس-2022

في أحد أسواق الجزائر العاصمة (تصوير: بلال بن سالم/ أ.ف.ب)

 

أثار الارتفاع المتواصل لأسعار المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع من خضر وفواكه خلال الموسم الحالي والسنة الجديدة، تساؤلات مواطنين جزائريين لم تتكيّف ميزانياتهم مع التهاب الأثمان في الأسواق وارتفاعها بشكل مفاجيء من مطلع العام الجاري.

الدكتور إسحاق خرشي: السلوك البيروقراطي يطيل عملية منح رخص الاستيراد أو الإنتاج محليًا وهو ما يساعد في حدوث ندرة في بعض المواد الاستهلاكية 

ورغم الإجراءات التي تعد الحكومة باتخاذها في كل مرة لكبح الارتفاع الجنوني لأسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع، إلا أن أسعار السلع في الواقع يجعل في مرات عدة هذه الإجراءات في كل مرة دون فعالية ظرفية لا تعمر كثيرًا، وتتلاشى الوعود مع استمرار ارتفاع الأسعار والغلاء.

اقرأ/ي أيضًا: وزارة التجارة: نحو اللجوء استثنائيًا لاستيراد البطاطا لضبط أسعارها

غير مبرر

قبل أيام ارتفعت بعض أسعار المواد الاستهلاكية بشكل غير مبرر، مثلما يقول مسؤول الإعلام بالمنظمة الجزائرية للدفاع عن المستهلك سفيان الواسع لـ"الترا جزائر"، حيث مسّ مادة البطاطا التي تعد من الخضر الأكثر حضورًا على مواد الجزائريين، وتجاوز سعرها 100 دينار للكيلوغرام الواحد.

وقال الواسع إنّه "بالرغم من أن الفترة الحالية هي موسم جني البطاطا بالولايات الجنوبية، وفي مقدمتها ولاية الوادي، ورغم دعم السوق الوطني بمخزون إضافي، إلا أن سعر البطاطا ارتفع إلى مستوى غير مقبول وغير مبرر".

وحسب سفيان الواسع، فإنه من الممكن تفهم الارتفاع المسجّل في بعض المواد الاستهلاكية المستوردة، بالنظر إلى زيادة أثمانها وشحنها في السوق الدولية، إلا أنه من غير المقبول أن ترتفع أثمان منتجات تزرع أو تصنّع في الجزائر حتى وإن كان لموجة الجفاف التي تمس البلاد في الأشهر الماضية  دورًا في نقص الإنتاج الفلاحي، وبالتالي ارتفاع الأسعار بالنظر لتراجع كمية العرض مقارنة بما كان.

ويعتبر المتحدث أن فوضى الأسعار التي تعرفها السوق الجزائرية وأنهكت القدرة الشرائية للمواطن مردّها بالدرجة الأولى غياب الفوترة للمواد المستهلكة، وبالتالي من الصعب ضبط هامش الربح، وتحديد الكميات المخزنة بهدف المضاربة في الأسعار.

خمسة أسباب

من جهته، يُرجع الخبير الاقتصادي الدكتور إسحاق خرشي الارتفاع المسجل في الأسعار ذات الاستهلاك الواسع في الجزائر في خمسة أسباب رئيسة، مثلما يوضح لـ "الترا جزائر".

ويضع خرشي على رأس هذه الأسباب جائحة كورونا التي أثرت على الاقتصاد الجزائري كغيرها من دول العالم، لافتًا إلى أن العديد من المواد ذات الاستهلاك الواسع ارتفعت أسعارها بسبب أزمات التوريد، ما أدى إلى خفض المعروض الذي يتسبب آليا في ارتفاع الأسعار.

وأضاف أن الفترة الأخيرة شهدت ارتفاعًا في أسعار الطاقة خاصة الغاز التي أضيفت إلى الارتفاع الكبير الذي مس تكلفة الشحن في السوق الدولية بسبب الجائحة، لذلك سجلت زيادة واضحة في أسعار المواد المستوردة، وجعلت الاقتصاد الجزائري يعيش ما يمكن تسميته بـ "التضخم المستورد"، إضافة إلى ارتفاع في أسعار المواد الأولية التي تستعمل في إنتاج بعض السلع المنتجة محليًا، حتى الفلاحية منها، فعلى سبيل المثال الأعلاف والأسمدة  التي يدخل في إنتاجها مواد خام مستوردة تؤثر على تكلفة الإنتاج الزراعي والحيواني.

ويعتقد الدكتور خرشي أن الانخفاض المسجل في العملة الوطنية الدينار مقابل العملات الأجنبية سواء في السوق الرسمية أو الموازية ساهم بشكل كبير في ارتفاع الأسعار بالنظر إلى ارتفاع تكاليف المواد المستوردة، مضيفًا أن السبب الثالث الذي يراه سببًا في هذا الارتفاع هو استمرار السلوك البيروقراطي الذي يعيب الإدارة الجزائرية، والذي تتسبب في مرات عديدة في إطالة عملية منح رخص الاستيراد أو الإنتاج محليًا، وهو ما يساعد في حدوث ندرة في بعض المواد كالحليب على سبيل المثال جراء توقف الإنتاج ونقص المعروض مقابل طلب لا يعرف التراجع مطلقًا.

تدخل

بالنسبة لمسؤول الإعلام بالمنظمة الجزائرية للدفاع عن المستهلك سفيان الواسع، فإن ضبط الأسعار يتطلب دومًا تدخلًا من الحكومة لمكافحة المضاربة، وتوازن السوق بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، مثل رفع الرسوم، ودعم بعض المواد الأساسية.

وثمن المتحدث في هذا الإطار الإجراءات التي اتخذها الرئيس عبد المجيد تبون في اجتماع مجلس الوزراء السابق المنعقد في 13 شباط/فيفري من العام الجاري، حيث أمر تبون بتجميد كلّ الضرائب والرسوم، ولا سيما تلك التي تضمنها قانون المالية 2022 على بعض المواد الغذائية، مع اتخاذ كل التدابير والإجراءات، لتفادي آثار الارتفاع الجنوني للأسعار، في الأسواق الدولية، على المواطنين، خلال السنة الجارية، إلى غاية استقرارها.

وأسدى تبون وقتها باجتماع تنسيقي، بين مصالح وزير التجارة وممثلي الأجهزة الأمنية، لضبط إستراتيجية مُحكمة للحدّ الفوري من تهريب المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك، عبر كامل الحدود الوطنية، التي تكبّد السوق والاقتصاد الوطنيين خسائر كبيرة.

وقال الرئيس الجزائري إن "الدولة ستتكفل بتغطية الفارق في الأسعار الخاصة بالمواد الموجهة للمواطنين، من قبل الديوان الجزائري المهني للحبوب، وذلك نظرًا لارتفاع الأسعار دوليًا".

وأسدى الرئيس تعليمات بتشديد المراقبة، أكثر، على الدعم في قطاع الفلاحة، وتربية المواشي، بما يخدم استقرار الأسعار، لفائدة المواطنين.

يقترح ممثل جمعية المستهلك على السلطات التحضير لذلك بأسبوعين قبل الموعد، بفتح أسواق جوارية عبر مختلف الولايات

وقبل شهر من حلول شهر رمضان الذي عادة ما يشهد ارتفاعًا في أسعار المواد الغذائية، يقترح ممثل جمعية المستهلك على السلطات التحضير لذلك بأسبوعين قبل الموعد، بفتح أسواق جوارية عبر مختلف الولايات، وتموين السوق بالسلع الضرورية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

في 6 ولايات.. ضخّ المزيد من البطاطا المخزّنة

نقيب الفلاحين يوافق على استيراد البطاطا لكسر الأسعار