16-مايو-2024
مصنع تركيب السيارات في الجزائر(فيسبوك/الترا جزائر)

(الصورة: Getty)

قرّرت الحكومة أن تكون أكثر صرامة في ملف تصنيع السيارات، وذلك عبر مراجعة دفتر الشروط المؤطّر للعملية، للمرة الثالثة على التوالي، وبالضبط في 8 مواد قانونية يتضمنها، تتعلق بالدرجة الأولى بكيفيات بلوغ نسب الإدماج المطلوبة وتفاصيل الشراكة مع المنتج الأجنبي.

المراجعة الجديدة لدفتر الشروط تُلزم مصانع تصنيع السيارات بنسبة إدماج إذا لم تُحترم يُجمّد البرنامج التوريدي للمعنيين

وتهدف هذه المراجعة، وفق متابعين لشأن السيارات، إلى "توضيح شروط التصنيع بشكل أكبر من خلال إدراج نقاط جديدة لتوضيح النقائص وتدقيق كيفيات العمل ميدانيًا وضمان الامتثال لأعلى المعايير، وتعزيز جودة المنتجات المصنعة ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة."

وعاد وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني، علي عون، خلال ندوة صحفية عقدها شهر أيار/ماي الجاري إلى فتح ملف مصانع السيارات السابقة. أي التي كانت موجودة في الجزائر قبل الحراك الشعبي بتاريخ 22 شباط/فيفري 2019، والتي قال أنها "كانت تشبه أي شيء إلّا المصانع"، واصفًا إياها بـ"مجرد الحظائر، التي لا تحتوي أية تجهيزات للتصنيع."

وشدّد الوزير عون على أن "تجربة التصنيع هذه المرة ستكون مميزة ومحترفة". ما يطرح استفهامات عن إمكانية نجاح مصانع السيارات هذه المرة في الجزائر.

شروط جديدة لأصحاب المصانع الجُدد

وفي تفاصيل المرسوم التنفيذي رقم 24-159 مؤرخ في 12 أيار/ماي من سنة 2024، يعدّل ويتمم المرسوم التنفيذي رقم 22- 384 المؤرخ في 17 تشرين الثاني/نوفمبر سنة 2022. الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة نشاط تصنيع المركبات موقع من طرف الوزير الأول نذير العرباوي، وبناء على تقرير وزير الصناعة والإنتاج الصيدلاني وبناء على الدستور، تم تعديل شروط وكيفيات ممارسة نشاط تصنيع المركبات، بإضافة نصوص جديدة للمواد 7 و 8 و 10 و23 و26 و29 و30 و33.

وتنص المادة 7 وفق التعديل أنه يتكون الملف المطلوب للحصول على الرخصة المسبقة إضافة إلى الوثائق المتضمنة في المرسوم الصادر شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2022 من بروتوكول الاتفاق أو اتفاق الشراكة عند الاقتضاء. يبين أن الاستثمار المتوقع يندرج في إطار شراكة صناعية بين مستثمر جزائري واحد أو عدة مستثمرين جزائريين وشريك أجنبي واحد أو عدة شركاء أجانب بمن فيهم المصنع مالك العلامة أو العلامات.

ويتم أيضًا تحديد مستويات الإنتاج المتوقعة حسب كل طراز ونموذج وحسب كل مرحلة فيما يخص حجم الإنتاج، مع تحديد قائمة المجموعات والمجموعات الفرعية واللواحق التي سيتم استيرادها وتلك التي ستصنع محليًا تدريجيًا.

وتؤكد المادة 8 المعدلة أنّه "يجب أن يوضح بروتوكول الاتفاق أو اتفاق الشراكة توزيع الأسهم أو الحصص الاجتماعية بين الأطراف المعنية بالمشروع، عند الاقتضاء".

تعيين لجنة وزارية لدراسة الطعون المقدّمة من أصحاب طلبات التصنيع، في حال الرد السلبي، على ألّا تتجاوز مدة دراسة الطعن  شهرًا

وتنص المادة 10 على "يتم تبليغ المتعامل بالرأي السلبي، ويجب على لجنة الطعن الرد خلال الثلاثين يوما التي تلي تاريخ استلام الطعن المقدم من صاحب الطلب".

وطبق المادة 23، تنشأ لدى مصالح الوزير المكلف بالصناعة لجنة تقنية تتضمن إضافة إلى ما تفرضه الشروط السالفة، ممثل الوزير المكلف بالتشغيل عضوا وممثل الوزير المكلف بالنقل، عضوا وممثل الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، عضوا وتستمر اللجنة بناء على اقتراح الوزراء والهيئة الذين يتبعونهم، لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة.

وتؤكد المادة 26، من المرسوم الجديد أنه تنشأ لجنة طعن لدى الوزير المكلف بالمالية تتشكل من ممثل الوزير المكلف بالمالية، رئيسًا وممثل الوزير المكلف بالداخلية والجماعات المحلية عضوا وممثل الوزير المكلف بالمناجم عضوا وممثل الوزير المكلف بالصناعة، عضوا وممثل الوزير المكلف بالتجارة، عضوا وممثل الوزير المكلف بالتشغيل، عضوا وممثل الوزير المكلف بالنقل، عضوا وممثل الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.

هذا جديد ملف الإدماج

ويعين أعضاء لجنة الطعن برتبة مدير في الإدارة المركزية، على الأقل، بموجب قرار من الوزير المكلف بالمالية لعضوية مدتها ثلاث سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بناء على اقتراح وزراء القطاعات والهيئة المعنية.

وتعد لجنة الطعن نظامها الداخلي الذي يحدد سيرها ووفق المادة 29 ، تبلغ إلى الوزارة المكلفة بالصناعة التدابير المتخذة من طرف المصالح المؤهلة في حالة عدم احترام المصنعين المعتمدين للأحكام التشريعية والتنظيمية المطبقة، لا سيما في مجال معايير السلامة وحماية البيئة والمنافسة والممارسات التجارية وحماية المستهلك والنظافة والنظافة الصحية والعمل والتامين.

ووفق المادة 30 وفي حالة عدم تحقيق نسب الإدماج حسب كل مرحلة كما هو منصوص عليها في المادة 5 من هذا المرسوم يمنح للمصنع، بالنسبة لصنف المركبة المعنية أجل إضافي مدته إثنا عشر (12) شهرا لكل مرحلة، مع تخفيض نسبة 25% من البرنامج السنوي للتوريد يُحسب على أساس البرنامج الموافق عليه للسنة الماضية، مع اقتطاع عدد المجموعات والمجموعات الفرعية واللواحق المستوردة المتبقية غير المركبة.

وفي حال إذا لم يحقق المصنع نسبة الإدماج المحددة، بعد انتهاء الأجل الإضافي المذكور أعلاه، يتم تجميد برنامج التوريد الخاص به بالنسبة لصنف المركبة المعنية إلى غاية تحقيق نسبة الإدماج هذه. وتقوم المصالح المؤهلة للوزارة المكلفة بالصناعة بزيارات ميدانية لمواقع الإنتاج الخاصة بالمصنعين، وعند الاقتضاء، تلك الخاصة بالمناولين للتحقق من احترام نسب الإدماج المطلوبة من مصنعي المركبات حسب كل مرحلة.

ويُعفى، طبقًا للمادة 33 من الحصول على الرخصة المسبقة، المتعاملون الحائزون على اعتماد وفقا للأحكام التنظيمية السابقة ذات الصلة.

وكما أن المتعاملين الذين سبق لهم إنجاز استثماراتهم سواء دخلت حيز الاستغلال أم لا، قبل صدور هذا المرسوم والمتعاملون الحائزون على استثمارات كانت قيد الإنجاز قبل صدور هذا المرسوم، ويتوفرون على البني التحتية والمعدات اللازمة لممارسة نشاط تصنيع المركبات.

قطيعة مع ممارسات الماضي

من جهته، يرى رئيس منظمة حماية المستهلك، مصطفى زبدي، أن قرار الحكومة بتعديل دفتر شروط تصنيع السيارات عبر إضافة بعض التفاصيل على مواده "خطوة مهمة تدل على حرص السلطات على بعث صناعة ميكانيكية حقيقية."

واعتبر زبدي في إفادة لـ "الترا جزائر" أن "بعض مواد الدفتر السابق كانت مُبهمة وغير واضحة لاسيما ما تعلق بنسب الإدماج والشراكة مع الأجانب". وهو ما دفع بالسلطات إلى إعادة النظر فيها كي تتفادى أي انعاكسات سلبية خلال المرحلة المقبلة في حال تم توسيع عملية التصنيع  ودخول استثمارات جديدة الى السوق الوطنية، بحسب المتحدث.

واعتبر رئيس "حماية المستهلك" أن "الإضافات الجديدة التي أدخلت على دفتر الشروط مهمة على غرار مسألة الإدماج فمن غير المعقول أن نتحدث على نسب إدماج دون أن نتمكن من تحقيقها على أرض الواقع."

وشدّد على أنّ  "هذه التعديلات تمنع ضياع حقوق الدولة وكذا تحمي المستثمر من جهة".

رئيس منظمة حماية المستهلك:  أتوقع انفراجًا في سوق السيارات في الجزائر خاصة مع دخول علامات جديدة لمجال التصنيع

وبالنسبة لتأثير هذه التعديلات على سوق السيارات والمستهلك على وجه الخصوص قال مصطفى زبدي إن "الهدف من تعديل دفتر شروط المركبات اقتصادي محض يرمي إلى تكريس الشفافية وبعث استثمار جدي مبني على بنود واضحة ودقيقة تقطع الطريق أمام أية محاولة للتلاعب بهذا الملف."

بالمقابل، توقع محدثنا انفراجًا في سوق السيارات في الجزائر مع دخول علامات جديدة لمجال التصنيع، خاصة العلامات الصينية، التي أبدت قدرتها على دخول مجال التصنيع وتوفير سيارات بجودة عالية للجزائريين.

وأضاف زبدي في هذا السياق أن دخول ما يزيد عن 159 ألف سيارة إلى السوق، مؤخرًا، أنعش هذا القطاع وأدى إلى تراجع طفيف في أسعار المركبات المستعملة.