على بعد خطوةٍ واحدةٍ من الذهب، ينتظر الجزائريون، الجمعة، خوض الملاكمة إيمان خليف، المبارزة النهائية دورة ألعاب أولمبياد باريس التي ستقودها للمجد، بعد تخطيها المرة الماضية لنصف النهائي بسهولة، ونالت الفوز على التايلاندية جانجيم سوانافينغ، لوزن 66 كغ.
خارج الحلبة خاضت الملاكمة إيمان خليف معارك ضارية دون قفازات بين التنمّر والتشكيك والعنصرية
خارج الحلبة، خاضت الملاكمة إيمان خليف، معارك ضارية بين التنمّر والتشكيك والعنصرية التي لاقتها من مختلف الجِهات، وكان ردها بالقول في تصريحات صحفية: "أنا هنا من أجل المنافسة ولا تهمّني تلك الانتقادات"، مؤكدةً مرّة أخرى: "أنا كباقي الرياضيين جئت هنا لكي أحقّق حلمي وأنا فخورة جدًا بهذا الإنجاز الجديد"، في إشارة إلى تجاوزها نصف الخطوة الثلاثاء الماضي، لتواصل النصف الآخر في التاسع آب/أوت الجاري".
2024.. موسم الحصاد
موعد ابنة مدينة تيارت، غرب الجزائر العاصمة، مع الظّفر بالميدالية الذهبية، التي يمكن أن تضعها في سجّل النجوم الكبار في الرياضة الجزائرية، إذ ستكون المواجهة هذه المرة مع الصينية يانج ليو، المصنّفة الثانية عالميًا.
كل الآمال معلقة على الجزائرية، بالرغم من أنّها ضمنت ميدالية فضية لحدّ الآن في المنافسة العالمية وتحت سماء باريس، شرفت الجزائر والعرب والقارة الأفريقية خاصة، وكافحت من أجل هذه اللّحظة التاريخية.
من ثمارها تُعرف الأشجار، كذلك من إنجازاتها تعرف المثابرة والاستمرارية على نهج التدريب ومعانقة الشغف، فمشوار إيمان خليف، لم يكن سهلًا، فطفولتها كانت صعبة، وتخطت المراهقة بسرعة مثلما تخطف اللكمة وهي في الحلبة.
لأجل ذلك الشغف باعت الخبز و مخلفات البلاستيك على حافة الطرقات من أجل تسديد تذاكر النقل العمومي من وإلى قاعة التدريب، غير أنها قررت توديع قريتها الصغيرة النائية بيبان مصباح التي تبعد بـ 10 كيلومترات عن مقر المدينة تيارت، لتحقق شغفها في ممارسة رياضة "الفن النبيل".
تأرجحت بين مدّ العائلة الصغيرة ورفض والدها لممارستها الرياضة، وجزر النجومية التي لاحت لها منذ سنة 2016، عندما منحها المدرب محمد شعوة الأمل في أن تكون نجمة عالمية، كما قال.
كثيرون يولدون بملعقة من ذهب، ولكن إيمان خليف تسعى لنيل الذهب بيديها، فهي التي استطاعت إخراج قريتها الصغيرة إلى العالمية، بعدما كانت في طي النسيان، وأخرجت حبها للرياضة على الحلبة، وها هي اليوم تطرق عالم النجومية من الباب الواسع ولكنه كان مليئًا بالأشواك.
زوبعة وصلت مجلس الأمن
عاشت الملاكمة الجزائرية، ضغطًا رهيبًا خلال الأيام الماضية، إذ كانت محور صراع طاحن في السر والعلن، بين اللجنة الأولمبية الدولية التي دعمتها والاتحاد الدولي للملاكمة برئاسة الروسي كريميف والذي فقد الشرعية بعد سحبت هيئة الرئيس توماس باخ اعترافها به.
وكان رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، قد أعلن دعمه الكامل للملاكمة إيمان خليف، بعد الهجمات غير المبررة التي تعرضت لها من وسائل الإعلام وبعض الشخصيات الاجنبية خلال الألعاب الأولمبية.
وأكثر من ذلك، دخلت إيمان خليف مجلس الأمن، بعد تدخل من الوفد الروسي، وتحولت الملاكمة الجزائرية إلى " قضية" سياسية، وهو ما استدعى ردًا حازمًا من ممثل الجزائر، حيث أكد ممثل البعثة الدائمة للجزائر في الأمم المتحدة، أنّ "المشككين في الملاكمة الجزائرية، إيمان خليف، لهم أجندة سياسية مجهولة المقاصد، مبرزًا أن تقرير اللجنة الأولمبية الدولية "قصم ظهر كل مشكك".
وأضاف ممثل الجزائر قائلًا: "أكتفي بإحالة الجميع إلى اللجنة الأولمبية الدولية نفسها والتي بكامل الوضوح وبشهادتها تقصم ظهر كل مشكّك في بطلتنا الشجاعة الآبية، حفيدة النساء الجزائريات الحرائر".
عاشت الملاكمة تحديات كبرى، إذ سبق لها وأن منعت في سنة 2023 من المشاركة في نهائي البطولة العالمية للملاكمة (أقل من 66 كلغ) التي أقيمت بالهند، بقرار من الاتحاد الدولي للملاكمة لأسباب طبية، وهو ما تمّ استدراكه لاحقًا من اللجنة الأولمبية الدولية التي أقرت مشاركة البطلة الجزائرية دون إشكال في الأولمبياد.
دروس وإنجازات
تُشارك إيمان خليف (25 سنة)، للمرة الثانية في الألعاب الأولمبية، خاضت في مشوارها الرياضي إلى حد الآن 51 نزالًا محققة 38 انتصارًا مقابل تسعة هزائم.
دائمًا، تُرجع الفضل في التألق في الحلبة لجمعية تحمل اسم جمعية الحماية المدنية بمدينة تيارت، التي احتضنتها منذ صغرها، قبل أن تدمج في سلك الحماية المدنية عقب تألقها وطنيًا برتبة عون، لضمان استمرارها في ممارسة الفن النبيل والتألق والمشاركات الدولية.
يعود النجاح الباهر الذي تحققه خليف، للمدرب محمد شعوة، إلى جانب المدرب عبد الغني كنزي والكوبي بيدرو دياز
خليف لا تغفل في لقاءاتها الإعلامية عن ذكر مدربها محمد شعوة، إلى جانب المدرب عبد الغني كنزي والكوبي بيدرو دياز، الذي قاد منتخب بلاده في أربع دورات أولمبية متتالية من سنة 1992 إلى 2004، ويشرف حاليًا على البطلة في دورة باريس.