تأسف الصحفي المُفرج عنه في إطار العفو الرئاسي الخاص بذكرى سبعينية اندلاع الثورة التحريرية، إحسان القاضي، للعدد الضئيل من "سجناء الرأي" المُفرج عنهم بالمناسبة؛ كاشفًا عن عودة قريبة لنشاطه الإعلامي.
إحسان القاضي: مغادرتي السجن ليست انتصارًا ونواجه تراجعًا كبيرًا في الحريات
وفي فيديو بثّ عبر قناة موقع "راديو أم" على يوتيوب، قال، إحسان القاضي: "أتأسف اليوم لأنّ عدد مساجين الرأي الذين غادروا السجن ضئيل جدًا ولم يصل إلى مستوى التطلعات، ومرسوم العفو الرئاسي لم يشمل عديد الأسماء من معتقلي الرأي."
وتوجّه بكلمة شكر إلى كل من سانده في فترة متابعته القضائية وسجنه، بقوله "أشكر كل من شارك من قريب أو من بعيد في حملة التضامن معي. وكل من ساهم في جعل قضية إطلاق كل مساجين الرأي أولوية مهمة، وبالأخص قضية "راديو أم"؛ كذلك شكر لكل المنظمات والهيئات في الداخل والخارج التي نادت لإطلاق سراحنا."
واعتبر القاضي بأنّ مغادرته السجن ليس نجاحًا، مبررًا ذلك بأنّه "لا يمكنني أن أعتبر حملة مساندتي وخروجي من السجن بالنجاح. لأن مجمعنا الإعلامي توقّف جزء كبير من نشاطه خاصة "راديو أم" وخسارة زملائنا لوظائف عملهم إضافة إلى تعرض بعض منهم لمضايقات والخوف لاسيما المقيمين بالخارج منهم."
وأضاف: "أكررها بعد 22 شهرًا في السجن وخروجي اليوم ليس انتصارًا. لأنه كان من المفروض لا يكون ذلك. كذلك السلطة خسرت في الملف لأنها واجهت حالة من الضغوط من الرأي العام المحلي والأجنبي ومنظمات دولية. أعلّق باختصار عن قضيتي بالقول كل الجهات كانت خاسرة."
ولدى تطرقه إلى مستقبله بعد فترة سجنه وتوقيف موقعه الإلكتروني، أكّد بأنّ "المستقبل. فيما يخص الوضع العام، التقيت الكثيرين بعد مغادرتي السجن. وفيه تشاؤم كبير وإحباط وتراجع بالنسبة للحريات وللشيء الذي كُنا ننتظره بعد فترة الحراك (2019-2022). وعندما نقارن الوضع الحالي فيه إحباط كبير."
وأشار إلى أنّه يمكن تجاوز المرحلة مستذكرًا فترة سجنه بعد أحداث الربيع الأمازيغي بالجزائر. "بالمرجعية التي أحوزها بالعمل المهني والنضال في مجال الحريات، وعند خروجي رفقة مجموعة من الطلبة من السجن بعد ثمانية أشهر كان فيه تراجع، لكن عرفنا كيف نتعامل مع الوضع وحققنا المأمول بعد تشرين الأول/أكتوبر 1988."
وهنا شدّد بأنّه "أعلم أنه بعد فترات تراجع بالضرورة سيكون فيه استدراك في الحركة الشعبية وعند النخب والأوساط الشعبية، حتى عند الطبقة الحاكمة يمكنها الاستدراك ومراجعة أخطائها."
وواصل مدير "راديو أم" كلامه: "رسالتي بالنسبة للمستقبل لابد ألّا نفقد الأمل. أتابع نادي مولودية الجزائر والشيء الكبير الذي حصل في ملعب الدويرة أمام نادي اتحاد المنستير التونسي، ولا وسيلة إعلام تحدثت عن ذلك. هناك تراجع رهيب لمستوى الصحافة، اشتغلنا في التسعينيات في فترة الإرهاب ولم نعش وضعا كهذا."
وزاد: "وصلنا إلى درجة طرح سؤال هل نكمل المسار في هذه المهنة الشريفة (الصحافة) أم لا. لا بدّ ألا نيأس نحاول أن نواصل الحياة بمناصبنا العادية وأملنا أن تجد الجزائر حلًا لما يناسب القدرات الموجودة في الشعب الجزائري."
ولدى تطرّقه إلى وضعية موقع "راديو أم"، أفاد بأنّه "نحن الإعلاميين، مجمعنا لم يصبح قادرًا على النشاط ومقراته ما زالت مشمّعة؛ رغم أنه كانت لنا نية العمل في الإطار القانوني وهو ما أعلناه قبل اعتقالنا. سنبقى نعتبر أنفسنا صحفيين لدينا مهمة يُمليها علينا الدستور تتمثل في إيصال المعلومة للمواطن."
واعترف بأنّ وضعية الصحفيين في مؤسسته صعبة بسبب تواصل تشميع المقر، ليبرز بأنّ "ظروف عملنا أصبحت معقدة جدًا جعلت زملائنا يتوقفون عن النشر في الموقع الإلكتروني لـ"راديو أم"، لكن المشكل المطروح الآن حول مواصلة العمل. حاولنا في السابق الوصول إلى المعلومة وإنارة الرأي العام والتطرق لقضايا لم تتناولها وسائل الإعلام."
واختتم إحسان القاضي مداخلته بالتأكيد أنه "سنحاول الاستئناف في أقرب الآجال، كيف ذلك؟ الأيام المقبلة ستكشف ذلك. فقط أشير إلى أن كل طلباتنا ستكون في إطار القانون الناظم للمهنة لسنة 2022."
وليلة الفاتح تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، أفرج، عن الصحفي إحسان القاضي بعد عفو رئاسي بمناسبة ذكرى الثورة التحريرية، رفقة عدد من الناشطين.
وأعلنت رئاسة الجمهورية عن توقيع الرئيس عبد المجيد تبون لمرسومين رئاسيين يشملان العفو عن أكثر من 4 آلاف محبوس، بمناسبة الذكرى السبعين لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة. ويتعلق المرسوم الأول بالعفو عن المحكوم عليهم نهائيا في قضايا تتعلق بالقانون العام. أما المرسوم الثاني فيشمل القضايا المخلة بالنظام العام.
وأُدين إحسان القاضي في حزيران/ جوان 2023 بـ7 سنوات سجنا منها 5 نافذة عن تهمة التمويل الأجنبي لغرض الدعاية السياسية وفقا للمادة 95 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب كل من يحصل على أموال أو هدايا أو امتيازات للقيام بأعمال من المحتمل أن تضر بأمن الدولة.