04-أبريل-2020

انتشار فيروس كورونا أعاد الاهتمام بالإعلام البيئي (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

أعلن التلفزيون الرسمي في الجزائر مساء، عن إعادة النظر في برامجه، تماشيًا مع حالة الحجر الصحي الطوعي المعلنة في الجزائر وتعطل الدروس المدرسية ومتطلبات الإعلامية للحالة الوبائية في البلاد.

قال المدير العام بالتلفزيون الجزائري، أحمد بن صبان، إنّ المؤسّسة ستعيد مراجعة برامجها وفقًا للظرف الاستثنائي

وقال المدير العام بالتلفزيون الجزائري، أحمد بن صبان، إنّ المؤسّسة ستعيد مراجعة برامجها وفقًا للظرف الاستثنائي وبما يراعي اجتماع العائلة الجزائرية، من خلال بثّ أفلام جزائرية قديمة ومسلسلات هادفة، وبرامج توعية عن مخاطر انتشار وباء كورونا، والتوعية بالتدابير اللازمة، وتنظيم وتغطية المبادرات التضامنية بين الجزائريين في هذا الظرف.

اقرأ/ي أيضًا: الإعلام الجزائري بعد الحراك.. خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الخلف

بلاغات توعية 

في السياق نفسه، يستطرد بن صبّان، أن التلفزيون سيحوّل القناة الثالثة إلى قناة إخبارية تتضمّن نشرة إخبارية كل ساعة، لإبلاغ الرأي العام بآخر التطوّرات المتلاحقة حول الوباء، وما يتعلق بالحياة المعيشية والتموينية، ولفت إلي أن المؤسّسة ستشرع في بث دروس وبرامج تعليمية موجّهة لصالح تلاميذ وطلبة الأقسام التي تجري هذه السنة امتحانات حاسمة، كتلاميذ الخامسة ابتدائي والرابعة متوسّط والباكالوريا، وقبل ذلك كانت تصاعدت المطالبات في الجزائر للتلفزيون الرسمي، وكذا القنوات المحليّة بمراجعة برامجها وتطويرها وفقًا للضرورات الراهنة، وبثّ برامج مفيدة لأطفال والعائلات.

فرصة لاستعادة المشاهد

وتعدّ أزمة تفشّي وباء كورونا، اختبارًا جدّيًا للقنوات الجزائرية الرسمية والخاصّة، للتكيف مع الظروف الراهنة، واستقطاب المشاهد الجزائري الذي فُرض عليه البقاء في البيت، ببرامج إعلامية هادفة ومسلية في الوقت نفسه، إضافة إلى أنها امتحان جدّي لهذه القنوات للالتحاق بالأخبار المتوقّعة، والتطوّرات المستجدّة، واستعادة المشاهد الجزائري بعد فترة طويلة، جعلته يتّجه شطر القنوات الأجنبية.

من جهتهم، يعترف العديد من الإعلاميين، بأنّ أزمة كورونا وضعت الإعلام على المحكّ، فالجميع اليوم (الصحافي والمؤسسة كقائم بالاتصال) في الموقع "بين المطرقة والسندان"، كما أكّد على ذلك الإعلامي عبد القادر بهناس في حديث إلى "الترا جزائر"، لافتًا إلى أنّ المعلومة يستقيها من مصدر واحد بحسب تراتبية التكليف من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، للجنة الوطنية للرصد ومتابعة فيروس كورونا، وهي اللجنة المخوّلة بتقديم الأرقام وآخر الإحصائيات، وبالتالي فوظيفة التلفزيون تتعدّى المعلومة الرسمية إلى وضع أجندة مختلفة عن السابق، ببرامج ذات أبعاد معيّنة، معتبرًا أن من وظيفة التلفزيونات اليوم، "وضع برامج تلفزيونية تركّز علي الأبعاد الاجتماعية والتوعوية والتثقيفية والتعليمية وأيضًا".

ومع حالة الحظر الصحّي، وبرغم وجود الإنترنت ووسائط التواصل الاجتماعي، سيصبح التلفزيون أكثر أهميّة في حياة الناس، يقول بهناس، إذ هو "فرصة لاستعادة أهميّته التي خسرها في الفترة الأخيرة مع الانفجار التكنولوجي، لذلك يتوجّب علي المشرفين وضع برامج التسلية سواءً بالنسبة للأطفال أو الكبار، مواصلًا أنها "فرصة أيضًا لإعادة استهلاك الأرشيف التلفزيوني من الأفلام القديمة والساخرة، منها المسرحيات وكذا المباريات الرياضية التاريخية للمنتخب الجزائري، والنوادي الرياضية لجميع المناطق".

 اختبارٌ للصحفيين والقنوات

وبالعودة إلى تراتبية الأخبار والبرامج في القنوات التلفزيونية، والتي كانت قبل تفشّي الوباء تنتهج أجندة تضع السياسة وملحقاتها كأخبار المحاكم المتعلقة بالفساد، ثم الجرائم والفضائح وأخبار الرياضة في أعلى الترتيب، فإن أخبار الفيروس القاتل اليوم، قلب جميع الموازين والأجندات، بحسب تصريحات الإعلامي حسين بوصالح، وهو باحث في علوم الإعلام والبيئة، أن "الأخبار الصحيّة والبيئية كانت ضمن آخر اهتمامات غرف الأخبار، بل تناولها كان سطحيًا لا يعتمد على المادة العلمية أحيانًا، لعدم تخصّص الصحافي في المجال الصحي، وأحيانًا أن الشعوب العربية لم تدرج الصحة والبيئة ضمن أولويات الاهتمام عكس الدول المتقدّمة".

وأضاف الباحث في إعلام واتصال البيئة في حديث لـ "الترا جزائر" أن "وباء كورونا أسهم في تغيير مؤشّر الاهتمام؛ بل فرض علينا التعامل مع المستجدات الصحيّة والبيئية" موضحًا أنّ التحسيس خلال الأزمات لا يكفي على حدّ تعبيره، إذ عزا الباحث ذلك، إلى أنه "من المفروض على المؤسّسات الرسمية وحتى الإعلامية أن تُدرج عنصر إدارة الأزمة والتعامل معها قبل وأثناء و بعد الأزمة، وليس التعامل المنساباتي والذي يغلب على مختلف مؤسّساتنا الإعلامية".

ودعا الباحث بوصالح إلى أهميّة مراعاة التخصّصات الأكاديمية، فالاتصال البيئي كان من بين التخصّصات الحديثة التي دخلت الجامعات الجزائرية عام 2010، لكن هذا التخصّص لم يصمد إلا لخمس سنوات، وتم إلغاؤه من المقرّر العام الأكاديمي لتخصّص الإعلام، مشددًا على أهمية تخصيص "دورات تكوينية تسمح بالاطلاع الجيّد وتوسع من الثقافتين الصحية والبيئية، حتى يتسنّى تقديم مادة محترمة للمشاهد".

تواصلٌ يومي 

يدور حاليًا النقاش في الجامعات حول الدور الحقيقي للإعلام التقليدي (صحافة مكتوبة، تلفزيون وإذاعة)، مع انتشار الإعلام الإلكتروني، إذ أكدت الأستاذة بكلية الاعلام بجامعة العفرون بالبليدة سهيلة سلامني، أن اتصال وإعلام الأزمة، هو عملية مستمرّة، ويمكن توقّعها منذ أشهر، لافتة إلى الدور المحوري للإعلام التوعوي والتحسيسي، لأنها من أبرز وظائف الإعلام في هذه الظروف.

وما يميز الفترة الحالية، أننا في مواجهة تفشي الوباء، وهو ما يقابله "إعلام أزمة يمتاز بالسرعة والفعالية، والابتعاد عن التسرّع في معالجة المادة الإخبارية"، مثلما ذكرت الأستاذة سلامني، مضيفة أن القنوات تحتاج إلى "تعبئة  أشخاص متفاعلين ناشطين قادرين على الإقناع، من أجل تجنّب سوء الفهم وتجنّب الجدل والرفع من الروح المعنوية لمجابهة الأزمة".

وفي البرامج التفاعلية على التلفزيون الجزائري، نحتاج إلى "أن نرى مسؤولين وصحافيين قادرين على التأثير، كما قالت، مشيرة إلى "أننا في مرحلة تشهد زيادة مستمرّة في حدّة الأزمة، ولم نصل قمتها للأسف ويجب أن على الجميع أن يكون مسؤولًا في أقواله و أفعاله".

وفي سياق ذي صلة، يهدف إعلام الأزمة حسبه إلى "التأثير المباشر للأزمة والتواصل التواصل الجيّد، من أجل تجنب زعزعة النفوس للمتلقين، والتي تفرزها الأزمة حيث أن هذه الأخيرة كما في "حالة كورونا، تجعل الناس غير مدركين لكيفية التعامل مع الإمكانات البشرية والمادية ولا يعرفون كيف يتصرّفون"، بحسب المتحدثة.

أسلوب حياة

يمرّ إعلام الأزمة كما هو معروف في الأبحاث العلمية لتسيير الأزمات، عبر مراحل وهي: مرحلة الحمل تتميّز هذه المرحلة بسلسلة من الأعطال والأخطاء كلها عبارات عن إشارات، إذا "تم الكشف عن هذه الإشارات وفهمها، وأخذها في الاعتبار من قِبل المؤسّسة كيفما كانت صفتها، ومسؤوليها، يمكن توقّع الأزمة وتقليل آثارها".

أما الثانية فهي "المرحلة الحادة، فمن الضروري خلال هذه المرحلة، من أن يكون لديك متابعة صحفية لمعرفة كيفية الردّ على التعليقات الإعلامية" علاوة على "  جمع المعلومات والفاعلين فيها لإيجاد رؤي صحيحة واضحة وواسعة للوضع والوباء الحالي".

أما المرحلة الثالثة وهي:" المرحلة المزمنة"، التي تتوجب على وسائل الإعلام  التركيز على موضوع الأزمة، والاعتماد على معالجة قضياها من كل جانب، بطريقة متوازنة"، بينما المرحلة الأخيرة تقول الأستاذة سلامني، أنها "مرحلة الشفاء" إذ تقترب دورة حياة الأزمة تقترب من نهايتها. ثم نرى انخفاضًا في الأزمة، مشدّدة على أن ذلك لا يعني أنّ "الأزمة انتهت".

ينبّه مختصّون في الإعلام والاتصال، إلى ضرورة مواصلة الاهتمام بموضوع الأزمة الحالية

وفي الأخير، ينبّه مختصّون في الإعلام والاتصال، إلى ضرورة مواصلة الاهتمام بموضوع الأزمة الحالية، وغيرها من الأزمات على المستوى التعاطي الإعلامي، لأن العالم معرّض لأن يواجه أزمات متعلقة بالصحّة والبيئة في أي وقت، إذ من الممكن أن تظهر الأزمة الحالية من جديد في أيّة فترة، إن لم تصبح الوقاية أسلوب حياة، على حدّ تعبيرهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الإعلام الجزائري في 2019.. "سلطة راكعة"؟

 الإعلام الجزائري بعد الحراك.. خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الخلف