14-سبتمبر-2020

التلميذتان المقصيتان من شهادة البكالوريا بولاية تمنراست (الصورة: البلاد)

أثارت حادثة إقصاء طالبتين من امتحان البكالوريا في يومه الأول ببلدية أبلسة بولاية تمنراست أقصى جنوب البلاد، لوصولهما متأخّرتين تعاطفًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن طالب البعض الجهات المسؤولة بإصدار رخصة استثنائية لهما والسماح لهما بإعادة الامتحان الضائع حتى ولو كانت القوانين لا تسمح بذلك.

تناقل متابعون شائعات عن إعادة الامتحان للشقيقتين والتراجع عن قرار إقصائهما من امتحان البكالوريا

وبثت قناة "البلاد" الخاصّة، تقريرًا حول اتخاذ رئيس مركز الإجراء بثانوية بشير شيهاني بتمنراست، قرارًا بإقصاء مترشّحتين شقيقتين من امتحان البكالوريا بشكل نهائي، بسبب وصولهما بعد بضع دقائق من انطلاق الامتحان.

تعاطف واسع

وغصّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات ومواقف من الجزائريين، عبروا فيها عن تعاطفهم مع التلميذتين، واستهجنوا القرار الذي اتخذه مدير مركز الامتحان، بحجّة أن تأخّرهما لم يكن سوى بدقائق معدودة، كما جاء في التقرير.

وتناقل متابعون على فيسبوك، شائعات عن إعادة الامتحان للشقيقتين، والتراجع عن قرار إقصائهما من امتحان البكالوريا، وذلك استجابة للهبة التضامنية الشعبية التي عرفتها قضيتهما. في مقابل ذلك، لم يُعلن أيّ مصدر رسمي عن هذا القرار، لا من وزارة التربية ولا من الديوان الوطني للامتحانات.

في هذا السياق، يقول الأستاذ زغيدة الهادي إن "المدير ليس آلة قانونية، فهو له وظيفة تربوية وليس قاضٍ، المدير له السلطة التقديرية"، مضيفًا أن "الإقصاء في حق شقيقتين من شهادة البكالوريا بولاية تمنراست بعد وصولهما متأخرتين بـ 5 دقائق عن الموعد المحدّد للامتحان (حسب منشورات في الفايسبوك) أمر غير مقبول أخلاقيًا وتربويًا، وخاصة في هذه الظروف الخاصة من جائحة كورونا وقلة المواصلات خاصّة في الصحراء".

وحسب زغيدة فإن "رئيس مركز الإجراء لم يوفّق في قراره بإقصاء الطالبتين من الامتحان"، مطالبًا في الوقت ذاته وزارة التربية "بتدارك هذه الحالات، لأنه لا مناص من وضع حلول استثنائية خاصة هذه السنة".

من جهته كتب أمين مغردًا "تتأخر البنوك ومكاتب البريد عن ضخّ الأموال أمرٌ عادي، تأخّر في تقديم السكنات أمر عادي، يتأخّر الوزير عن الندوة الصحافية أمرٌ عادي، تتأخر عن الدخول إلى المنزل بسبب الزحام فذلك عادي، تتأخّر في نيل راتبك أمرٌ عادي، لكن تتأخّر عن موعد اختبار البكالوريا فهو أمرٌ غير عادي وتخسر سنة من الجهد والاجتهاد". 

وفي منشور على فايسبوك، قال حسن بوبيدي "رأيت الصورة التي تنطق بالحزن والخيبة. حزن عنوانه لماذا لا يُفهم أن كل الجزائر في ظرف استثنائي، فما بالك بالجنوب الذي نعرف بعد المسافات فيه بين كثير من مقرّات السكن ومقرات الامتحان، لماذا لا تفهم أيها القاسي أنها لحظة طال انتظارها ولا يمكن تعويضها، لماذا لا تفهم أيها المدّعي أن العائلات الجزائرية لا تزال تعيش الفقر والحرمان".

الأكثر تداولًا

وفي ساعات قليلة، أصبح وسم #انصفوا_التلميذتين ضمن الوسوم الأكثر تداولًا للجزائر على تويتر. حيث غرد فلاح عيسى قائلًا "نطالب بالتراجع عن إقصاء الأختين من البكالوريا، ونناشد رئيس الجمهورية بالتدخل لإنصاف التلميذتين".

 وذهب البعض إلى اعتبار أن إعادة البكالويا للشقيقتين المقصيتين من البكالوريا قد أصبح مطلبًا شعبيًا.

وغردت أمينة قائلة "في مثل هذه الظروف التي نمرّ بها يجب مراعاة كل الظروف، وخاصة معاناة الطلبة في الجنوب وفي كل أنحاء الوطن، على  الوزارة أن تكون على اطلاع بمعاناة التلميذ، رغم أننا نعلم أن مسؤولينا يعيشون في عالم آخر، أنصفوا التلميذتين".

ولقيت القضية تعاطفًا من قبل شخصيات معروفة، فقد وصف الصحافي يوسف نكاع الذي يقدم برنامج "أحكي حاكيتك" الاجتماعي ما حدث أنه "تفنن في الحقرة".

وأضاف قائلًا "المسؤول الذي يرسل أبناءه إلى المدارس الخاصة، ومن ثم إلى أكبر الجامعات بأوروبا ويسكنهم قصورا مشيدة من الموال الشعب، ويسارع إلى سن قوانين تهين المواطن وتنخر جيبه لا يمكن أن يحس بالمصيبة والمأساة التي وقعت على هاتين البنتين، بحرمانهما من الامتحان المفصلي في حياتهما، بحجة تأخّرهما الذي يعود إلى انعدام النقل والمواصلات في القرى والمداشر النائية".

وبدوره، كتب مغنّي الراي بلال الصغير متعاطفًا مع التلميذتين " والله اللسان يعجز عن التعبير، أنا متأكد أن ربي سبحانه لن يتخلى عنهما، إن شاء الله يعوّضهما".

وكتب الممثل صالح أوقروت قائلًا "هكذا يذهب شقاء سنة من الدراسة، كان لابدّ من توفير النقل قبل محاسبتهما".

تطبيق القانون

غير أن البعض رأوا في قرار رئيس مركز إجراء الامتحان قرارًا صائبًا، لأنه طبق القانون كما يجب، ولم يسمح لنفسه بأن يسقط في شباك مشاعره وإنسانيته، لأن "العاطفة الزائدة عن اللزوم جرت وطننًا العزيز للهلاك، القانون فوق الجميع"، مثلما قال أحد النشطاء مغردًا على تويتر.

وتساءل إدريس"أين المشكل؟؟، إنه أمر عادي تأخرتا وطبقت عليهما القوانين، القانون فوق الجميع".

أما العابد الكنتي، وهو موظف سابق بقطاع التربية بولاية تمنراست، فأوضح في منشور سماه "الحقيقة الكاملة" أن رئيس بلدية أبلسة بولاية تمنراست تكشف أن "الأختين من حي تندهار، والذي لا يبعد عن مركز الامتحان إلا بحوالي 200 متر فقط"، أي أن مركز الامتحان ليس بعيدًا، ولا يمكن طرح مشكل النقل.

وأضاف "كلنا متعاطفون مع الأختين ونتمنى أن تجد لهما الوزارة حلا من الجانب الإنساني، لكن السيد رئيس المركز طبق القانون لأن دخول التلاميذ للمركز يبدأ من الساعة السابعة صباحًا ويستمر إلى الساعة الثامنة والنصف صباحًا موعد غلق أبواب المركز وفتح الأسئلة، وبعدها لا يسمح لأي كان بالدخول مهما كانت المبررات. القانون فوق الجميع.. نتمنى من الأختين أن تستفيد من الدرس جيدًا ففي البكور بركات جمة... يمنحها الله لهذه الأمة".

وأضاف "بعيدًا عن المزايدات والدعايات المغرضة الخطأ والإقصاء تتحمله التلميذتين، ووالدهما وحدهم، أما رئيس المركز ومن ورائه مديرية التربية لولاية تمنراست، فقد قاموا بما يجب القيام به وبما يمليه القانون.. نتمنى أن يسمح للتلميذتين بالإعادة لينجحا العام القادم بحول الله".

باتت مشاهد تأخّر التلاميذ على موعد امتحان شهادة البكالوريًا تتكرّر سنويًا في الجزائر

وبالنظر إلى ما يتكرّر سنويًا في امتحانات شهادة البكالوريا، بسبب هذه المشاهد المتعلقة بالتأخر عن موعد الامتحان والتي تلقى تعاطفًا من قبل المواطنين، صار واجبًا على السلطات إيجاد حلول فعالة للحيلولة دون حدوثها من جديد، وذلك على الأقل بالقيام بحملات تحذّر من نتائج أيّ تأخّر عن موعد الامتحانات الرسمية.

 

اقرأ/ي أيضًا

منعًا للغش في البكالوريا.. الجزائر تعطّل شبكة الإنترنت لـ 5 أيام

انقطاع الإنترنت في الجزائر.. مصداقية البكالوريا تضرب الاقتصاد