23-مايو-2023
حادث مرور في الطريق السيار (فيسبوك/التراجزائر)

تورد تقارير الحماية المدنية يوميًا إحصاءات صادمة عما تخلفه حوادث المرور من ضحايا،رغم الإجراءات القانونية والحملات التحسيسية المتخذة من قبل السلطة والجمعيات المدنية للتقليل من هذه الظاهرة، حيث لم تفلح مختلف التدابير في التقليص من جسامة ما يسمه الجزائريون "إرهاب الطرقات".

أمين جمعية الوقاية من حوادث المرور بالأغواط: من غير المعقول أن يبقى السائق وراء المقود لمسافة قد تزيد عن 1000 كلم وهي حالة تنطبق على أغلب الخطوط التي تربط الولايات الجنوبية بالمدن الشمالية

ومع كل إحصاءات تقدم من الجهات المختصة، يتكرر التساؤل نفسه لماذا تسجل الجزائر هذا العدد الكبير من حوادث المرور؟ وكيف سيتم مكافحة هذه الظاهرة؟

أرقام صادمة

تشير الحصيلة الأسبوعية للحماية المدنية الخاصة بالفترة الممتدة من 7 إلى 13 أيار/ماي الجاري التي بحوزة "الترا جزائر" إلى تسجيل 1386 حادث مرور أدت إلى وفاة 38 شخصًا وجرح 1634 آخر تم إسعافهم و نقلهم إلى المراكز الإستشفائية.

وذكرت الحصيلة ذاتها أن أثقل حصيلة سجلت في ولاية النعامة بوفاة خمسة أشخاص في مكان الحادث وجرح 12 آخرين على إثر ثمانية حوادث مرور.

وأفادت الحماية المدنية  بأنه خلال الفترة الممتدة ما بين 16 إلى 17 أيار/ماي الجاري، قامت وحداتها بـ126 تدخل في عدة حوادث سجلت عبر عدة ولايات، والتي خلفت وفاة أربعة أشخاص وإصابة 153 آخرين بجروح مختلفة ومتفاوتة الخطورة.

وأحصت مصالح الأمن الوطني في 2022 وفاة 907 وشخص وإصابة 20575 آخرين في 17.186 حادث مروري، مسجلة بذلك ارتفاعًا مقارنة بــ2021 في حوادث الطرقات بنسبة 0.74 بالمئة وفي عدد الوفيات بنسبة 9.08 بالمئة وزيادة في عدد الجرحى بنسبة 1.88 بالمئة .

لكن الحصيلة المسجّلة من قبل مصالح الدرك الوطني خلال العام الماضي أثقل، فقد سجّلت قيادة الدرك الوطني 6242 حادث مرور في سنة 2022، أدّت إلى مقتل 2718 شخصًا وإصابة 10361 آخر على المستوى الوطني.

وأرجعت حصيلة الدرك الوطني الارتفاع في عدد حوادث المرور في 2022، إلى تورّط مركبات نقل المسافرين ونقل البضائع في عدد كبير من الحوادث الخطيرة، بالإضافة إلى المناورات الخطيرة والسرعة المفرطة وغياب الوعي المروري والسياقة تحت تأثير الكحول والمخدرات.

وأوضحت المصالح ذاتها، أن هذه الأسباب أدت أيضًا إلى ارتفاع مؤشر الخطورة من 37 وفاة/100 حادث إلى 44 وفاة/100 حادث.

المتهم الأول

قال المفتش العام لمصالح الأمن الوطني المراقب العام للشرطة حاج سعيد أرزقي شهر كانون الثاني/جانفي الماضي لدى عرض الحصيلة السنوية لحوادث المرور لسنة 2022، إن العنصر البشري من الأسباب الرئيسة لارتفاع حوادث المرور بسبب عدم احترام قواعد السياقة.

ويعتقد رئيس جمعية الوقاية المرورية لولاية وهران قاسمي إيدير أن العنصر البشري متسبب في 99 % من حوادث المرور، وباقي الأسباب يظل تأثيرها أقل، مثلما أوضحه لـ"الترا جزائر".

ولا تختلف هذه النسبة عن تلك التي قدمها الأمين العام للجمعية الجمعية الوطنية للوقاية من حوادث المرور طريق السلامة بمكتب الأغواط بدر الدين خشبة لـ"الترا جزائر"، والذي اعتبر أن العامل البشري يتسبب في 98 % من حوادث المرور المسجلة بالجزائر.

وقال وزير الداخلية السابق كمال بلجود، في تصريح صحفي في سنة 2020 إن العنصر البشري يتسبب في 96 % من حوادث المرور من خلال الإفراط في السرعة  وعدم احترام قانون المرور، و2 % من الحوادث تتسبب فيها قدم المركبات، و1 % بسبب وضعية الطرقات، فيما تعود النسبة المتبقية لعوامل مختلفة.

وأوضح إيدير قاسمي  أن السائق الجزائري يتمرّد على  قوانين المرور ولا يحترمها،  لذلك وجب الردع والحرص على تطبيق الإجراءات العقابية ضد المخالفين، مشيرًا إلى أن هذه المخالفات لم تصبح تقتصر على الرجال فقط، بل إن كثيرًا من النساء يتسببن في حوادث مرور جراء عدم الالتزام بقواعد السياقة السليمة.

 حافلات الموت

بالنسبة للأمين العام للجمعية الوطنية للوقاية من حوادث المرور طريق السلامة بمكتب الأغواط بدر الدين خشبة، فإن أكثر الحوادث المسجّلة بمنطقة الجنوب التي ينتمي إليها، سببها إما الشاحنات أو حافلات نقل المسافرين، بالنظر إلى أن الطرقات السريعة تكون في الغالب باتجاهين غير منفصلين.

 وأضاف أن طول مسافة السفر تزيد من حجم الكوارث التي تسجلها حافلات نقل المسافرين، لذلك تنادي جمعيته بتقليص خطوط النقل إلى مسافة لا تزيد عن 600 كلم، معتبرًا أنه من غير المعقول أن يبقى السائق وراء المقود لمسافة قد تزيد عن ألف كلم، وهي حال تنطبق على أغلب الخطوط التي تربط الولايات الجنوبية بالمدن الشمالية الكبرى كالعاصمة ووهران وعنابة وقسنطينة، وبالخصوص في ظل عدم التزام ملاك الحافلات بقانون ضرورة عمل سائقين على الخطوط الطويلة.

وبيّن بدر الدين خشبة أن أغلب سائقي الحافلات لا يلتزمون بمستوى الخنق في مضخة الحافلات التي يجب أن لا تتجاوز 100 كم/ ساعة، إضافة إلى عدم الصيانة الجيدة لمركباتهم حتّى  ولو كانت أعمارها ليست كبيرة، مطالبًا في هذا الإطار بالسماح باستيراد حافلات بمعايير عالمية، لأن إيقاف الاستيراد ساهم آليًا في قدم حظيرة نقل المسافرين.

وحذّر كل من بدر الدين خشبة وإيدير قاسمي من تزايد ظاهرة السير في حالة سكر، وكذا في حالة تعاطي المخدرات التي ساهمت بشكلٍ كبير ٍفي تزايد حوادث المرور، وهي الظاهرة التي سجّلت حتى عند سائقي حافلات نقل المسافرين.

التقليل من  حصيلة "إرهاب الطرقات" مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المواطن والمسؤول والشرطي وممثل المجتمع المدني

 من المؤكّد أن جسامة عدد الضحايا الذين تخلفهم حوادث المرور سنويًا لا تخفى عن أحد، لذلك فإن التقليل من  حصيلة "إرهاب الطرقات" مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المواطن والمسؤول والشرطي وممثل المجتمع المدني، وهي المسؤولية التي تتطلب من الجميع التعجيل في إيجاد التدابير والحلول اللازمة التي من شأنها التقليل من ضحايا  الطرقات.