02-مايو-2024
المرجان

ينتظر أن تستأنف الحكومة الجزائرية عملية صيد المرجان بداية السداسي الثاني من العام الجاري بعد سنوات من تعليق هذا الإجراء، في خطوة تنتظر منها تحقيق عائدات مالية من ثروة يبقى استغلالها مرتبط بمراعاة جوانب بيئية للحفاظ على الموارد الصيدية للبلاد.

بسبب الاستغلال الفوضوي للمرجان الموجود بالسواحل الشرقية للبلاد، أوقفت الجزائر في السنوات السابقة عملية صيد هذا النبات البحري الذي يدخل في صناعة الحلي

وبسبب الاستغلال الفوضوي للمرجان الموجود بالسواحل الشرقية للبلاد، أوقفت الجزائر في السنوات السابقة عملية صيد هذا النبات البحري الذي يدخل في صناعة الحلي، ويلعب دورا بارزا في التوازن البيئي البحري.

بعد 23 سنة

أعلن وزير الصيد البحري والمنتجات الصيدية أحمد بداني قبل أيام أن دراسة ملف إعادة فتح استغلال المرجان الأحمر في الجزائر الجارية حاليا على مستوى مصالحه الوزارية, قد بلغت"مراحل متقدمة".

وقال بداني في كلمته, خلال إشرافه على لقاء تقييمي لحصيلة نشاطات القطاع للثلاثي الأول من السنة الجارية 2024 إن ملف إعادة فتح بعث استغلال المرجان الأحمر في الجزائر سيكون محل نقاش على مستوى الحكومة، مشيرا إلى أنهيتم العمل على أن "ينطلق هذا النشاط فعليا بداية السداسي الثاني من السنة الجارية".

وأكد دربال في تشرين الأول أكتوبر الماضي إتمام الجانب القانوني لتنظيم صيد المرجان، مع انجاز دراسة حول تواجد المرجان على مستوى ولايات الطارف وسكيكدة وجيجل، مذكّراً بأنّ عملية صيد المرجان كانت متوقفة منذ سنة 2001. وسيتم منح تراخيص لحوالي 60 مهنيا يتم اختيارهم عن طريق المزايدة.

وفتحت الوزارة في 2021 مزايدة  حدد سعرها الافتتاحي بـ3 ملايين دينار للحصول على رخص صيد المرجان بالسواحل الشرقية للبلاد شارك فيها أكثر من 100 متعامل للتنافس على 60 ترخيصا، نصفها بولاية الطارف، فيما تقاسمت ولايتي جيجل وسكيكدة النصف المتبقي بـ15 ترخيصا لكل ولاية.

وقال مدير الصيد البحري وتربية المائيات لولاية الطارف عمار زواوي العايش لـ"الترا جزائر" إن هذا الاستغلال سيكون لخمس سنوات في المناطق المعنية، ليتوقف بعدها لفترة جديدة.

أهمية اقتصادية

أوضح المستشار الرئيسي لجمعية حماية البيئة والمناطق الرطبة لولاية الطارف عامر بشير لـ"الترا جزائر" أن المرجان الجزائري له قيمة اقتصادية كبيرة، كون منطقة القالة التابعة لولاية الطارف تتوفر على أجود أنواع المرجان في العالم، والمتمثل في المرجان الأحمر الملكي.

وحسب تقارير غير رسمية، فإن الكيلوغرام الواحد من المرجان الأحمر الجزائري يباع في السوق السوداء من قبل المهربين بمبلغ يصل إلى 300 ألف دينار جزائري (2273 دولارا حسب تداولات البنوك)، وهو ما يجعله يشكل قيمة اقتصادية مهمة للجزائر في هذا المجال.

وجاء في تقرير للمعهد الأفريقي للدراسات نشر في كانون الأول جانفي 2023 أن الجزائر تحوز على أكبر احتياطي من المرجان الأحمر في البحر الأبيض المتوسط، والذي يمكن أن يصل سعره إلى 5000 يورو للكيلوغرام الواحد.

وقال مدير الصيد البحري وتربية المائيات لولاية الطارف إن قيمة المرجان تختلف حسب النوع، وتتراوح بين 20 ألف دينار و600 ألف دينار، مؤكدا أن المرجان الأحمر المعروفة به الجزائر يبقى الأغلى ثمنا.

ويعرف المرجان الأحمر أيضا باسم "دم الثور"، وهو أكثر الأنواع قيمة من الناحية التجارية ويستعمل عادة في صناعة الحلي والمواد الصيدلانية، و هو متوفر بكثرة بمنطقة غرب البحر الأبيض المتوسط التي تشمل الجزائر.

وأشار زواوي العايش إلى أن إعادة بعث نشاط صيد المرجان سيحدد بـ6 أطنان سنويا خلال الأعوام الخمسة التي تشملها مدة الرخص الممنوحة، وذلك بهدف حماية هذا المورد البحري، حيث تشرف على العملية الوكالة الوطنية للتنمية المستدامة للصيد وتربية المائيات الكائن مقرها بولاية الطارف شرقي الجزائر.

وبالنظر لقيمته الاقتصادية، تمنع الجزائر تصدير المرجان الخام، وذلك بهدف تسويقه في السوق المحلية من أجل دعم الصناعة التقليدية في الجزائر.

وأوضح مدير الصيد وتربية المائيات لولاية الطارف لـ"الترا جزائر" أن منح رخص المرجان تم وفق دفتر شروط محدد يضمن العائد الاقتصادي للبلاد، حيث يتم بيع 70 بالمئة من الكمية المصطادة للوكالة الوطنية لتحويل وتوزيع الذهب والمعادن الثمينة" أجينور"، فيما يملك الصياد الخيار بين تحويل 30 بالمئة الباقية على مستوى إحدى الورشات أو تأسيس ورشة خاصة بها، أو بيعها لوكالة تحويل الذهب.

حماية

شدد المستشار الرئيسي لجمعية حماية البيئة والمناطق الرطبة لولاية الطارف عامر بشير في حديثه مع "الترا جزائر" على ضرورة أن تراعي الوزارة قبل الشروع في صيد المرجان الجوانب البيئية، وذلك بإقامة دراسة علمية تحدد أماكن وجود المرجان وكمياته، والحجم المسموح بصيده للحفاظ على هذه الثروة البحرية التي تلعب دورا رئيسا في السلسلة الغذائية البحرية، كون الشعب المرجانية تشكل غذاء لكثير من الأسماك.

ولفت بشير إلى أن الشُعب المرجانية هي عرضة اليوم للنهب من قبل مافيا تقوم ببيعه بالملايين في السوق السوداء أو تهريبه إلى الخارج.

المستشار الرئيسي لجمعية حماية البيئة والمناطق الرطبة لولاية الطارف عامر بشير لـ "الترا جزائر": الشُعب المرجانية هي عرضة اليوم للنهب من قبل مافيا تقوم ببيعه بالملايين في السوق السوداء أو تهريبه إلى الخارج

وحسب تقرير المعهد الأفريقي، فإن حوالي 80٪ من المرجان الأحمر الجزائري المستغل بشكل غير قانوني يصدر إلى أوروبا، حيث يتم تهريب حوالي 3 أطنان سنويًا لتباع يتوري ديل جريكو بالقرب من نابولي في إيطاليا.

وأحصى التقرير مصادرة الجهات الأمنية الجزائرية منذ بداية الألفية لأكثر من 15 طنا من المرجان الأحمر المصطاد بطريقة غير قانونية.

1

لكن مدير الصيد وتربية المائيات لولاية الطارف أكد في حديثه لـ"الترا جزائر" " أن الإجراءات التي اتخذتها الوزارة من خلال دفتر الشروط الموضوع هدفه بالأساس القضاء على الصيد غير القانوني للمرجان، مبينا أن كل الجوانب البيئية للحفاظ على هذه الثروة قد تمت مراعاتها وفق المرسوم 15/213 الذي شكلت الجوانب البيئية أحد أهم بنوده، باعتماد المطارق في صيد المرجان، إضافة إلى أن كل الوسائل المستعملة صديقة للبيئة.

وأكد عمار زواوي العايش أن مخطط استغلال المرجان الذي وضعته الوزارة الوصية يحدد الكمية المُستغلة وعدد المستغلين إلى جانب وضع نظام استغلال يقوم على محاسبة صاحب الرخصة بشأن مدى التزامه بدفتر الشروط، حيث تفتح مناطق الاستغلال لمدة خمس سنوات قبل إغلاقها لمدة عشرين سنة، إذ تستغرق مدة تجدد المرجان فترة 15 إلى 20 سنة، فهو من الكائنات الحية البحرية بطيئة النمو.

ويرى زواوي العايش أن الشروع في الاستغلال القانوني للمرجان سيقضي على كل الممارسات غير القانونية، لأن كل صاحب رخصة سيسهر على حماية  منطقة الاستغلال الممنوحة له.