25-أبريل-2020

محاربة الإشاعات مساحة كبيرة في الإعلام الجزائر (تصوير: بلال بن سالم/Getty)

أمام تفشي وباء كورونا المستجد( كوفيد- 19)، يقف الإعلام في الجزائر أمام تحدٍ كبير، حول كيفية التعامل وتغطية التطوّرات المتعلقة بجائحة كورونا، حيث اهتمّت وسائل إعلامية في كثير من الأحيان إلى محاربة الشائعات أكثر من اهتمامها بنشر المعلومات.

أكّد خبراء على ضرورة الاعتماد على المواقع الرسمية والابتعاد عن منصّات التواصل الاجتماع

 وفي ظلّ تزايد اهتمام المواطن بما يتناوله الإعلام، خاصة في هذا الظرف، وأمام  الإشاعات والأخبار مجهولة المصدر، واحتكار السلطات الصحية للمعلومة، يشكّل الوضع اختبارًا لوسائل الإعلام  التقليدية التي تسعى إلى إعادة الثقة بينها وبين المواطنين واستعادة جمهورها.

اقرأ/ي أيضًا: حملة مكثفة لوزير الاتصال لتبرير حجب المواقع الإخبارية في الجزائر

 مصدر الإشاعات

يلتزم مواطنون بالحجر الصحّي، ويتابع أغلبهم الأخبار والتطوّرات المرتبطة بالفيروس ويتشاركها مع قائمة الأصدقاء، حيث شكّلت مواقع السوشيل الميديا، منبرًا ومنصّة تتداول الأخبار والمعلومات والدراسات، كما انتشرت العديد من الرسائل والنصائح والإرشادات عبر مواقع فيسبوك وتويتر ويوتيوب، حيث تعدّ بعضها مضرّة بالصحّة ولا تعالج من الوباء في الحقيقة، بحسب متابعين.

في هذا الصدّد، اضطرت إدارة الفيسبوك، إلي تغيير طريقة التعامل مع المعلومات المضلّلة، عبر إشعار تحذيري يدعوهم إلى زيارة الموقع الإلكتروني لمنظمة الصحّة العالمية،  والتضييق على الأخبار والمنشورات الزائفة، وأعلنت إدارة موقع تويتر من جهتها، أنها ستحذف كلّ محتوى أو أخبار تتعلّق بفيروس كورونا، لا يكون مصدرها هيئات صحيّة عالمية، لها مصداقية في تعاملها مع السلطات الصحيّة الرسمية.

في هذا السياق، أكّد خبراء على ضرورة الاعتماد على المواقع الرسمية والابتعاد عن منصّات التواصل الاجتماعي، ورصد المعلومات من وسائل الإعلام التقليدية الأكثر احترافية ومسؤولية، كونها تحقّق في المعلومة، كما تُفضّل وتتعامل في رصد تطوّرات فيروس كورونا مع الجهات الصحيّة المختصّة.

أبعد من الأزمة الصحّية

في الموضعو ذاته، يرى الكاتب والإعلامي احسن خلا ص، أن  أزمة كورونا ليست أزمة صحيّة محضة، بل هي  أزمة متعدّدة الأبعاد والتبعات، وقد تؤدي الى زعزعة استقرار المجتمع  والانفلات الأمني، فللمعلومة وتحليلها وقراءتها حساسية بالغة، على حدّ قوله.

وأضاف المتحدث أن السلطات الصحية شدّدت على المحافظة على المعلومة الرسمية، عبر الرجوع الحصري  إلى وكالة الأنباء الرسمية لاستقاء المعلومة الصحيّة، وأيّة محاولة لتخطّي القناة الرسمية، قد تُعرّض الوسيلة الإعلامية لطائلة القانون.

 واستطرد محدثنا بالقول، أن تساؤلات المواطن كثيرة ومتعدّدة الاتجاهات، ولم تستطع الجهات الرسمية تلبية هذه الحاجة، لا سيما مع انتشار الأخبار الكاذبة في منصّات التواصل الاجتماعي. وذكر احسن خلاص أن السلطة استنفرت الأجهزة الأمنية لمحاربة التغليط والتضليل الإعلامي، بدل إيصال المعلومة بالقدر الكافي وبشكلٍ أكثر مهنية. على حدّ تعبيره.

 ويرى الكاتب هنا أن المعلومة الصحية لها مصداقية،  كون مصدرها طبي وليس سياسي، وفي تقدير خلاص، يكمن الخلل  في قطاعات عدّة، مثل قطاع التجارة والشؤون الدينية التي لا تزال غير متحكمة تماما في توزيع المعلومة.

 وخلص محدّث "الترا جزائر"، إلى  أن احتكار المعلومة الصحيّة في يد لجنة خبراء مشهود على إيجابيتها، قد يساعد على ضمان الطمأنينة والاستقرار الذي نحن بحاجة إليه في مثل هذه الظروف.

احتكار المعلومة 

 في المقابل، ذكر الإعلامي لوناس مروان، أن وسائل الإعلام لم تتعامل في البداية مع الخطر بالجدية المطلوبة مثلها مثل السلطة، مشيرًا في حديث إلى "الترا جزائر"، أنه مع تزايد أعداد الإصابات، بدأ الاهتمام يزداد أكثر فأكثر، وقال إنها سعت الى نشر ثقافة الوعي والوقاية.

أفاد محدثنا أن الصحافة لم تسلم من سوط السلطة المرتبكة، خوفًا من أن يتحول الوضع إلى فوضى اجتماعية، وبحجّة عدم التهويل ونشر المعلومات المزيف، تمت معاقبة صحافيين من جريدة "الصوت الآخر"، بعد نشر موضوع عن تحاليل خاطئة لمعهد باستور. بحسب أقوال المتحدث.

هنا، يقول لوناس، إنّ أغلب وسائل الإعلام سارت في الخط المرسوم من قبل السلطة خوفًا من العقاب، إلى درجة المبالغة في التمجيد والإشادة وسط غياب للأصوات الناقدة والمنتقدة لكيفية إدارة الأزمة.

وفي تقدير المتحدّث، فإن  المنتقدين لم يجدوا سوى شبكات التواصل الاجتماعي، التي فتحت الباب واسعًا للجميع لمناقشة كل حيثيات وتفاصيل الأزمة، عبر بثٍ مباشر بتقنية الفيديو، حيث يستضاف فيه صحافيون مستقلون، أطباء وباحثون من كل أنحاء العالم. وختم لوناس بقوله،  إن وسائل الإعلام التقليدية واقعة تحت سيطرة السلطة بشكل كامل.

يمكن أن تؤدي هذه الأزمة إلى إعادة التوازن بين الإعلام التقليدي ومنصّات التواصل الاجتماعي

عمومًا، يمكن أن تؤدي هذه الأزمة إلى إعادة التوازن بين الإعلام التقليدي ومنصّات التواصل الاجتماعي، واسترجاع وسائل الإعلام للثقة لدى جمهور متعطّش للمعلومة الدقيقة والأخبار الصحيحة، وأمام إفلاس معلوماتي ومصداقية نسبية في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن الوضع يدفع إلى التفكير في الإستثمار في الصحافة الرقمية لأهميّتها وفاعليتها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إذاعة على الإنترنت تشكو تعرّضها لـ "الرقابة السياسي"

إدارة "راديو أم" تتهم بلحيمر بالجهل بالإعلام الرقمي وتهدّد بمقاضاته