21-أبريل-2024
صالح قوجيل

صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة (الصورة: فيسبوك)

أنهى فريق عمل تابع لمجلس الأمة صياغة مشروع نظام داخلي جديد يتضمن إصلاح آلية انتخاب رئيس الهيئة تحسبًا لعملية التجديد المقررة أواخر العام الجاري.

يتوقع الدكتور رابح لونيسي،في تصريح لـ "الترا جزائر" أن يكون بروفايل الرئيس القادم للمجلس شخصية غير معروفة في الساحة على نمط الرئيس الحالي للغرفة الأولى للبرلمان

وتركّزت التعديلات الجديدة على وجوب احترام موعد انتخاب رئيس المجلس تنفيذًا لأحكام الدستور وخاصة المادة 134 منه والتي تنص على انتخابه كل ثلاث سنوات بعد كل تجديد جزئي للهيئة، لضمان -حسب معدي المشروع -عدم حدوث فراغ قانوني على شاكلة ما حدث بين عامي 2019 و2021،حيث أديرت الغرفة العليا للبرلمان من قبل العضو الأكبر سنًا في مكتب المجلس بصفة رئيسًا للهيئة بالنيابة دون انتخابات بينما ينص النظام الداخلي في مادته 6على اختيار رئيس جديد في مهلة لا تتجاوز 15يوم ،مما فجر توترات داخل الهيئة دامت قرابة العامين لعدم قانونية الإجراء.

و تشمل التعديلات الجديدة استحداث مكتب مؤقت يتمثل في لجنة ترشيحات مكوّنة من أعضاء المجلس تتمحور مهمتها في جمع طلبات الترشح والنظر في  الطعون، والإعلان عن اسم الفائز بعد فرز الأصوات في حال وجود أكثر من مرشح.

و حسب التعديلات المقترحة يتعيّن على كل مرشح لمنصب رئاسة مجلس الأمة تقديم طلبه شخصيًا عبر رسالة خطية، وإيداع ملفه لدى لجنة المكتب المؤقّت الموكّل له دراسة ملفات وإعداد قائمة المرشحين المقبولين والمرفوضين.ويحقّ للمرشحين الذين يتم رفض ملفاتهم الطعن في القرارات.

ويأمل معدو النظام الداخلي الجديد في أن تسفر هذه التعديلات عن وضع ضوابط وتحكم اكبر في عملية انتخاب رئيس المجلس وتحقيق أعلى مستويات النزاهة والشفافية . غير أن هذه الإصلاحات سوف لن تغيير قيد أنملة في الأعراف سارت عليها اختيار الرئيس الحالي صالح قوجيل وأسلافه.

وبجانب سنه المتقدم (يحتفل بعيد ميلاده الـ 94 عامًا في كانون الثاني/جانفي المقبل).,يقع قوجيل تحت طائلة أحكام المادة 122 من الدستور التي تمنع البرلمانيين الذين شغلوا عهدتين نيابيتين من الحصول على عهدة جديدة بينما يقترب هو من إكمال فترته النيابية الثالثة، إلا في حالة إذا ادخل تعديل قانوني يلغي العمل بتطبيق الحكم الدستوري بأثرٍ رجعي.

نهاية الشرعية التاريخية

ورجح الباحث والمؤلف المتخصّص في التاريخ السياسي للجزائر الدكتور رابح لونيسي، في تصريح لـ "الترا جزائر" أن يكون بروفايل الرئيس القادم للمجلس بالشكل التالي"شخصية غير معروفة في الساحة على نمط الرئيس الحالي للغرفة الأولى للبرلمان، ممن ليس لهم ثقلًا سياسيًا قد تحوزه شخصية من صف الجيل الذي حارب لأجل الاستقلال"

توقع لونيسي المضي قدمًا في الاستغناء عن جيل الثورة، ووقف العمل بالشرعية التاريخية والتقاليد التي سار عليها المجلس بتكليف واحدٍ من الجيل الذي شارك في حرب التحرير والاستقلال برئاسة الغرفة العليا للبرلمان.وقال: "الجيل الذي كافح لأجل استقلال البلاد منتهٍ بيولوجيًا ..هذه دورة الحياة".

وقد تداول على كرسي رئاسة مجلس الامة منذ تأسيس الهيئة منذ ربع قرن أربعة رؤساء كلهم من جيل الثورة وهم بشير بومعزة 1998-2001، ومحمد الشريف مساعدية 2001-2002، وعبد القادر بن صالح 2002-2019، ثم صالح قوجيل 2019-2024، في وقت يشكل هرم كبار مسؤولي الدولة مصدر انشغال لدى قطاع من الطبقة السياسية. ويجري العمل على معالجته تدريجيًا من خلال مشروع تجديد الطبقة السياسية بتقليص شرط السن لشغل مناصب في المجالس المنتخبة ومنها مجلس الأمة حيث جرى إنزاله لـ 35 عام و 25عام للمجلس الشعبي الوطني و23 عام للمجالس المنتخبة المحلية.

قدماء المحاربين  

وفي الاتجاه ذاته يرى المحلل والخبير الدستوري رشيدي لوراري، أن أحكام الدستور أو قانون الانتخابات لا تشترط تعيين واحد من قدماء المحاربين في منصب رئيس مجلس الأمة ، موضحًا في تصريح لـ "الترا جزائر" أن انتخابات التجديد الجزئي المقررة أواخر العام الجاري تعد فرصة لتجسيد  التداول على رئاسة المجلس، وتغيير تركيبته أسوة بما تم في المجلس الشعبي الوطني في انتخابات حزيران/جوان 2021.

وقال معلقًا على سؤال حول الاهتمام المنصب على منصب رئيس مجلس الأمة :"هذا الاهتمام ذا صلة بالمكانة الدستورية التي يحتلها المنصب في منظومة القرار ." وأوضح قائلًا: "يحوز رئيس مجلس الأمة على صلاحيات وأدوار هامة حددها الدستور حيث تملك الغرفة الثانية للبرلمان  تملك تأثيرًا قويًا في العمل التشريعي والسياسي في البلاد" .

ويضاف الى هذا حسب ملاحظين مهمة احتواء خطر سيطرة قوة معارضة على المجلس الشعبي الوطني قد تقدم على قرارات منافية للادستور".  وكذا الحقوق المادية والمزايا المرتبطة بالمنصب (أجرة تعادل ما يحصل عليه رئيس الحكومة).

الشروط نفسها

ووفق أحكام المادة 87 من الدستور الدستور يخضع الترشّح لرئاسة مجلس الأمة للشوط ذاتها الواجبة في الترشح لرئاسة الجمهورية وأهمها تقديم وثيقة إثبات الجنسية الأصلية لميلاد المرشح، والتمتع بالجنسية الجزائرية الأصلية لا غير،و أن يكون معتنقًا للدين الإسلامي. كما يجب تقديم شهادة طبية من أطباء محلفين، وشهادة تثبت الإقامة على الأراضي الجزائرية دون توقف خلال السنوات العشر الماضية، ووثيقة التصريح بالممتلكات، وهو وضع طبيعي حسب الباحثين ويتماشى مع المنطق كون أن رئيس مجلس الأمة قد يحل محل رئيس الجمهورية ويشغل ذات المنصب في أحوال محددة( حالة شغور المنصب بسبب الوفاة أو الاستقالة أو العجز) وهو ما تنص عليه المادة 94 من الدستور .

وفي هذا السياق، يرتقب أن تسلط الأضواء على خلافة رئيس المجلس الحالي صالح قوجيل مباشرة بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والإعلان عن الحكومة الجديدة في أيلول/سبتمبر المقبل.

يرتقب أن تسلط الأضواء على خلافة رئيس المجلس الحالي صالح قوجيل مباشرة بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية والإعلان عن الحكومة الجديدة

ويتم انتخاب رئيس مجلس الأمة ضمن عملية تشمل تجديد نصف أعضاء المجلس من المنتخبين والمعنيين البالغ عددهم 174 عضوًا، يمثل المنتخبون الثلثين منهم .ومن المرتقب أن تتركز المنافسة في تلك الانتخابات بين مرشحي أحزاب الموالاة والمنتخبين الأحرار الذين يهيمنون  على المجالس المنتخبة المحلية البالغ عدد أعضائها 27151  منتخب.