28-أبريل-2023
حساسية الربيع

(الصورة: النهار)

مع دخول موسم الربيع في الجزائر، بدأت أعراض الحساسية الموسمية الخاصة بهذا الفصل في الظهور، وهي مرضٌ يعاني منه الأشخاص بدرجات متفاوتة ويزداد خطورة عند أصحاب الأمراض المزمنة، مما يوجب الاحتياط له مبكرًا، من خلال السلوكات الوقائية والاستعداد الدوائي لمنع تفاقم المرض.

المختصة في الأمراض الصدرية مريم سيدمو: الحساسية الموسمية قد تكون خطيرة في حال التهاون في علاجها واللجوء للأعشاب كبديل للدواء

ومنذ سنوات في الجزائر، تحولت الحساسية إلى مرض شائع، بعد الارتفاع المضطرد في عدد الحالات المسجلة، وذلك نتيجة عوامل عديدة تتعلق بالتلوث وتغير نمط المعيشة واستعمال عناصر مسببة لهذا المرض في بعض المنتجات الغذائية وغير ذلك من الأسباب.

وسبق لرئيس الأكاديمية الجزائرية لعلوم أمراض الحساسية، البروفيسور مرزاق غرناوط، أن حذّر منذ سنوات من انتشار أمراض الحساسية، مقدمًا مؤشرًا مقلقًا، ففي دراسة جزائرية أجريت سنة 1994 تم التوصل إلى أن التهاب مخاطية الأنف، أحد أبرز مظاهر أمراض الحساسية، كان منتشرا بنسبة 9.5 بالمائة بينما وصل سنة 2018 إلى نسبة 25 إلى 30 بالمائة "وهي نسبة عالية جدا"، حسبه.

وتأتي أمراض الحساسية وفق منظمة الصحة العالمية، في مراكز متقدمة من حيث الخطورة والانتشار، وتصنف مع أمراض السرطان وفقدان المناعة السيدا وأمراض القلب والأوعية بسبب ارتفاع أعداد المصابين بها، مع توقعات بأن يتعرض نصف سكان المعمورة في سنة 2050 ولو لمرض واحد من أمراض الحساسية.

خطورة الحساسية

وتقول الطبيبة المختصة في الأمراض الصدرية مريم سيدمو في حديث مع "الترا جزائر"، إن الحساسية الموسمية من أكثر الأمراض الصدرية شيوعًا حول العالم وفي الجزائر، وتحدث فقط في أوقات معينة من السنة، ولا سيما في الربيع أو الصيف أو الخريف، وذلك بحسب المادة التي يتحسّس منها الشخص، ومن أهمها حبوب الطلع عند لقاح النباتات.

وفي الحديث عن أعراضها، أفادت الدكتورة أنها تختلف من شخص إلى آخر وبدرجة خطورة متفاوتة، فمنها الأعراض البسيطة والنموذجية مثل حساسية الجيوب الأنفية التي تسبب حكة مصحوبة بسيلان مزمن للمخاط أو انسداد أنفي مزمن، والعطاس، والتهاب باطن جفن العين الذي يسبب حكة واحمرار وسيلان الدموع، ومنها الخطيرة التي تصيب مرضى الربو وهي نوبات ربو وضيق التنفس الذي يستدعي علاجًا استعجاليًا.

أما عن التشخيص، قالت المختصة سيدمو إنه عادة ما يكون أسهل من تشخيص أنواع الحساسية الأخرى، إذ أن الإصابة بأعراض حساسية فقط في أوقات معينة من العام علامة على الإصابة بالحساسية الموسمية.

ولكن الطبيب حسبها يستند لتأكيد التشخيص على الأعراض السريرية واختبار الجلد والذي يكون بحقن أنواع مسببات الحساسية المحتملة تحت الجلد وانتظار مدة زمنية قصيرة لتأكيد الحساسية نتيجة الاستجابة المناعية لأحد المسببات باحمرار الجلد. وقد يقوم الطبيب أيضًا بفحص الأذن والأنف والحلق لإجراء التشخيص، وعادة لا يكون إجراء اختبار الحساسية ضروريًا في هذه الحالة.

وحول خطورتها، أبرزت الطبيبة أن الحساسية الموسمية قد تكون خطيرة على مرضى الربو لأنها تسبب نوبات ربو في حالة عدم الالتزام بالعلاج بانتظام وفق الجرعات المحددة من طرف الطبيب، وتكمن الخطورة أيضا في إمكانية تطور حساسية الجيوب الأنفية إلى مرض الربو المزمن في حال تجاهل العلاج.

 وأفادت المختصة أن العلاج يقوم بتقليل الحساسية وتخفيض الاستجابة المناعية من الخلال اللقاح، أو بتناول الأدوية بعد استشارة طبية المتمثلة في مضادات الهيستامين الموضعية أو على شكل بخاخات والتي تساهم في تخفيف حدة الأمراض

ولفتت الطبيبة إلى أن تناول الأعشاب عن طريق الكمادات أو المشروبات لا يمكن أن يحلّ محل الدواء أبدًا، ولكن هناك بعض الأعشاب التي تساعد في التخفيف من حدة الأعراض خاصة احتقان الأنف مثل الزنجبيل والزيت الأساسي للحبة السوداء، الذي تشير بعض الأبحاث لفعاليته في الأمراض التنفسية.

تشابه الأعراض

في الواقع، تتشابه أعراض الحساسية الموسمية والأمراض الفيروسية مثل كورونا والانفلونزا الموسمية وتشترك في الكثير منها، مما يجعل التمييز بينها من مهام الطبيب وحده، حتى يستطيع تحديد المرض ووضع التشخيص والعلاج المناسب.

وعمومًا، تتميز الحساسية الموسمية بصعوبة التنفس، والسعال، والاحتقان، والعطس، وسيلان الأنف، والحكة، وتدمع الأعين وتنتشر في الربيع نتيجة انتشار حبوب اللقاح ولا يصاحبها ارتفاع في درجة الحرارة. أما الأمراض التنفسية تتميز أعراضها بالحمى نتيجة ارتفاع درجة الحرارة، القشعريرة، آلام العضلات، صعوبة التنفس، انخفاض مستوى الأكسجين في الدم.

وتؤكد الدكتورة بسمة بن عثمان، طبيبة مختصة في الصحة العمومية حول الموضوع، لـ"الترا جزائر"، أن الحساسية الموسمية انتشرت أكثر في الآونة الأخيرة في الجزائر وخاصة عند الفئة الصغيرة في السن (الأطفال بين عمر 4-10 سنوات)، وذلك راجع بالدرجة الأولى للتغير الرهيب والسريع لنمط الحياة لدى المواطن الجزائري كزيادة التوتر والضغط النفسي، ونظام الأكل غير الصحي عند أغلب المصابين والاعتماد على الأغذية السريعة والمُصنعة بالإضافة إلى زيادة نسبة التلوث البيئي ناهيك عن العامل الوراثي والتاريخ المرضي للعائلة الذي يلعب دورًا مهمًا جدًا في انتقال المرض إلى الأجيال القادمة بالحساسية.

وأضافت الدكتورة بن عثمان، أنه لا يوجد بروتوكول علاجي خاصٌ بالحساسية الموسمية في المستشفيات وهذا ما يجعل المريض يلجأ إلى شراء الأدوية من الصيدلية دون استشارة طبية ما ينجم عنه أخذ أدوية بطريقة عشوائية وعدم فعالية العلاج واستمرار الأعراض المزعجة.

كيفية أتجنب الحساسية؟

وأما عن طرق العلاج، أبرزت الطبيبة أنه لا يمكن تنجب حبوب الطلع المنتشرة في الهواء ولكن يمكن تخفيف التعرض لها باتخاذ بعض التدابير مثل الابتعاد تماما عن مسبب الحساسية بالحرص على عدم مغادرة المنزل في الأيام الجافة التي تشهد حركة شديدة للرياح.

الدكتورة بن عثمان: لا يوجد بروتوكول علاجي خاص بالحساسية الموسمية في المستشفيات ما يجعل المرضى بلجؤون مباشرة للصيدلي دون استشارة طبية ومنه عدم فعالية العلاج واستمرار الأعراض المزعجة للحساسية

يكون من الأفضل حسبها الخروج بعد سقوط الأمطار، لأن الأمطار تساعد على تنقية الهواء من حبوب اللقاح، وتجنب القيام بأعمال جز الأعشاب واقتلاع الحشائش وغير ذلك من أعمال البستنة الروتينية الأخرى التي قد تثير حبوب اللقاح وخلع الملابس التي تم ارتداؤها في الخارج عند دخول المنزل والاستحمام لإزالة حبوب اللقاح الموجودة على الجسم والشعر وتجنب نشر الملابس المغسولة خارج المنزل فقد تعلق حبوب اللقاح بها.

وشددت المختصة في الصحة العمومية على ضرورة اتخاذ نمط حياة ومتوازن يتضمن ممارسة الرياضة وتناول غذاء صحي خال من السكريات الصناعية والدهون المهدرجة التي تعتبر من أسباب ضعف المناعة.