على مدار الشهرين الأخيرين، قفز فيروس كورونا الذي كانت الصين منطلقه الأول، إلى طليعة الهواجس في القارات الخمس، ذلك أنه لا توجد دولة بمعزل عنه، بالنظر إلى قدرته على الانتقال السريع عبر الأشخاص والوسائط المختلفة.
أعلن عالم الجيوفزياء لوط بوناطيرو عن توصّل فريق بحث طبيّ جزائري وعراقيّ مشترك، إلى اكتشاف دواء كورونا
وقد كثرت الأحاديث عن وسائل الوقاية المسبقة من هذا الفيروس الموصوف بالقاتل، لكن الأحاديث التي تتناول إمكانية القضاء عليه من خلال دواء مباشر ظلّت شحّيحة، بما أجّج مزيدًا من المخاوف، خاصّة في الدول التي تملك منظومات صحيّة هشّة، منها الجزائر التي أعلن وزير صحّتها، عن اكتشاف إصابة رعيّة إيطالي يوم 25 شبّاط/فيفري الماضي.
اقرأ/ي أيضًا: 17 حالة إصابة بفيروس كورونا في الجزائر من العائلة نفسها
كان اعتراف الوزارة بدخول الفيروس إلى الفضاء الجزائري، منطلقًا لدخول الجزائريين في حالة من فوضى التعليقات، بين مصدق ومكذب ومتحفّظ وساخر، ومعلن خوفه من فشل المؤسّسة الصحّية في مواجهة الوباء في حالة استفحال انتشاره، مثلما يحدث في الصّين وإيران وكوريا الجنوبيّة.
في ظل هذا القلق العامّ، طلع الباحث لوط بوناطيرو بالقول إنّه توصّل، في إطار فريق بحث طبيّ جزائريّ وعراقيّ مشترك، لاكتشاف دواء يقضي على فيروس كورونا مباشرة، "وقد تمّ تجريبه في مخابر غربيّة، فأعطى نتاج حسنة، قبل الإعلان عنه رسميًّا في الجزائر قريبًا".
رغم أهميّة الحدث بالنّظر إلى صعوبة الوضع، إلا أنّ قطاعًا واسعًا من الجزائريّين في الواقع والمواقع قابل تصريح العالم الجزائري بالسّخرية والاستهزاء، حتّى غطّى الحديث عن ذلك على الحديث عن الفيروس نفسه وورود أخبار عن الاشتباه في حالات جديدة، في أكثر من مدينة جزائريّة.
هنا، يقول النّاشط خليل بن قرّي، إنّه لا يصدّق ما سمعه من بوناطيرو "لأنّه عالم فلك في الأصل وليس طبيبًا، ولأنّه وقع في شطحات علميّة في السّابق تبيّن عدم صحّتها". ويسأل محدّث "الترا جزائر": "لماذا لم يتمّ التّنسيق مع المنظمة العالميّة للصّحّة، أو مع وزارتي الصّحة في الجزائر والعراق للإعلان عن هذا الاكتشاف، الذي يعدّ فتحًا حقيقيًّا إذا تبيّنت صحّته، حتّى يكون الأمر بعيدًا عن التّشكيك؟".
من جهته، تساءل النّاشط نسيم إبراهيمي في تدوينة فيسبوكيّة له: "هل فعلًا اكتشف فريق بوناطيرو علاجًا لكورونا؟ يحدث ذلك. لكن لماذا لا يناقش الأمر في مجّلة علميّة مع نظرائه المؤهّلين للحكم عليه، عوضًا عن فيسبوك؟". وكتب الصّحفيّ رشيد ولد بوسيّافة أنّه إلى أن يثبت العكس، "بوناطيرو هو النّسخة الجزائريّة للمصريّ الذّي اخترع جهاز الكفتة".
من جهته قال الكاتب والنّاشط البيئيّ خالد فوضيل، إنّه لا يلوم أحدًا ممّن يقترب فكره من الشّعوذة، "انظروا إلى المجتمع بكلّ شرائحه من الجامعيّ إلى الأميّ كيف يشجّع الفكر المشعوذ ويتفاعل مع السّذاجة".
غير أنّ بيانًا لـ "المنظمة الوطنيّة للمبدعين"، تلا تصريح لوط بوناطيرو، تبيّن منه أنّه لم يساهم في الاكتشاف الذّي هو للباحثين أحمد غازي صبّار وجوهرة سامعي وفاطمة عبد الرّحمن، كلّ ما في الأمر أنّ المنظمة الوطنيّة التّي يرأسها تبنّت المشروع في الميدان.
وزراة الصحّة الجزائرية دخلت أيضًا على الخط، ونفت تحضیر أيّ لقاح مضاد لفیروس كورونا، على صعید معھد باستور أوباقي المخابر الوطنیة.
وقالت مديرة مصلحة الأمراض المتنقّلة بالوزارة، إنّ صنع لقاح مضادّ لكورونا، يجري تحت إشراف ومتابعة منظّمة الصحة العالمیة وبموافقتھا، مفنّدة وجود أيّ تنسیق مع باحثین في ھذا الشأن.
يبدو أن موقع فيسبوك في الجزائر، قد تحوّل إلى فضاء للجدل الخاضع للمنطق الشّعبويّ
يبدو أن موقع فيسبوك في الجزائر، قد تحوّل إلى فضاء للجدل الخاضع للمنطق الشّعبويّ لا المنطق العلمي، بما بات يُميّع المواضيع الجدّيّة المتعلقة بالحياة والموت نفسيهما. وهو الوضع المزعج الذي وجب على النّخب المختلفة، إيجاد حلول ناجعة له، قبل أن تستفحل الظاهرة وتصبح ثقافة عامّة.
اقرأ/ي أيضًا:
"كورونا ولا انتوما".. الحراك يصنع لقاحاته السياسية
كورونا.. منظمة حماية المستهلك تشجب قرار عودة الرحلات إلى الصين