11-يوليو-2019

تستثمر كل من الرياض وأبوظبي في تأجيج الملف الليبي على حساب استقرار البلاد ودماء الليبيين (أ.ف.ب)

تُلقي الأحداث المتسارعة في ليبيا بظلالها على الجزائر، وتزيدّ من حدّة الأزمة التي تمرّ بها البلاد منذ انطلاق الحراك الشعبي، فبعد خمسة أسابيع على زيارة رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السرّاج إلى الجزائر العاصمة، جرى  لقاء آخر يوم الإثنين الماضي 8 جويلية/ تمّوز، بين وزير الداخلية الجزائري صلاح الدين دحمون ونظيره في حكومة الوفاق الوطني فاتحي باشاغا، الذي قام بزيارة رسمية إلى الجزائر ليوم واحد. 

وزارة الخارجية الجزائرية نفت التصريحات المنسوبة لوزير خارجيتها نور الدين بدوي حول الشأن الليبي

الزيارة الأولى التي تمّت قبل شهر من الآن، فسّرتها وسائل إعلامية، بأن طرابس استنجدت بجارتها الغربية في مجال التعاون الأمني، تجسّدت في طلب مساعدات عسكرية من الجزائر.

اقرأ/ي أيضًا: الجيش الجزائري.. عين على ليبيا وأخرى على تونس

 هذه الأنباء، لم يتمّ نفيها أو تأكيدها سواءً من الطرف الجزائري أو الليبي، خاصّة وأن كثيرًا من المتتبّعين لشؤون المغرب العربي وشمال إفريقيا استبعدوا تورّط الجزائر في تأجيج الأوضاع في ليبيا عن طريق تلبية طلب السراج.

أمّا الزيارة الأخيرة، فقد تناولت المحادثات-بحسب بيان للداخلية الجزائرية- بين الطرفين، سبل التعاون بين البلدين في مجال أمن الحدود، ومحاربة الجريمة المنظمة والمخدرات وسبل التصدّي للهجرة غير الشرعية وتفعيل اللجنة الأمنية المشتركة.

في الشقّ السياسي، أكّد وزير الداخلية على تمسّك الجزائر بالوحدة الترابية لدولة ليبيا، مجدّدًا حرصها على عودة الاستقرار إلى هذا البلد الجار، وكذا التأكيد على "وقوف الشعب الجزائري إلى جانب الشعب الليبي".      

وقال الوزير في هذا السياق: "نتمنّى الاستقرار في أقرب الآجال للشقيقة ليبيا لأن ّاستقرارنا من استقرار ليبيا"، مذكرًا من جهة أخرى، بـ"مبادئ السياسية الخارجية الجزائرية بعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الصديقة والشقيقة".

من جانبه، أكّد وزير الداخلية الليبي فاتحي باشاغا، على ضرورة تفعيل اللجنة المشتركة الأمنية، وتحرص السلطات في حكومة الوفاق الوطني على تفعيل الاتفاقيات في مجال التعاون الخاص بالتدريب والتكوين.

تصريحات بدوي

في سياق المواقف الجزائرية من الأزمة الليبية، ذكرت مصادر إعلامية، أن رئيس الوزراء الجزائري نور الدين بدوي، شدّد في قمّة الاتحاد الأفريقي التي نظمت بالعاصمة النيجيرية، على ضرورة أن يتكلّم رئيس الاتحاد الأفريقي عن الدول التي تزعزع الاستقرار في ليبيا ويسميها بأسمائها، وبحسب التقارير الإعلامية قال "إن اللواء المتقاعد خليفة حفتر لا يمثّل شيئًا أمام قداسة وعظمة ليبيا وأهميّتها إقليميًا ودوليًا".

وطالب بدوي، خلال لقاءه مع  وزير داخلية حكومة الوفاق الوطني الليبي فاتحي باشاغا في الجزائر العاصمة-وهو لقاء لم يعلن عنه رسميًا- الأمم المتّحدة بإصدار بيان بشأن الظرف الحالي لتي تمرّ به ليبيا.

تكذيب وزارة الخارجية

من جهتها، سارعت وزارة الخارجية الجزائرية إلى تفنيد الأنباء التي تداولتها وسائل إعلامية، حول تصريحات الوزير الأول نور الدين بدوي عن خليفة حفتر.

في هذا السياق، قال مصدر من وزارة الخارجية لوكالة الأنباء الجزائرية إن "ما نُسب إلى الوزير الأول من تصريحات حول الأزمة الليبية، كذب وبهتان ومناورات إعلامية تقوم بها الأطراف التي لها يد فيما يحدث في ليبيا"، وأضاف "موقف الجزائر واضح وقائم على مبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية، ودعم الحلّ السياسي السلمي والحوار بين الفرقاء الليبيين".

التصعيد والتهديدات الأخيرة للقوات التابعة لحفتر، تثير قلق الجزائر من عسكرة النزاع الليبي، عبر تسليح قوّات خليفة حفتر من بعض الأطراف الخارجية، دفعها إلى حضر بيع الأسلحة لليبيا.

وترى الجزائر أن خطوة عسكرة الصراع، من شأنه أن يقوّض من العملية السلمية ويهدّد المنطقة بأكملها، وتعتبر أن طرابلس العمق الاستراتيجي لها، وهي فاعل رئيسي ومحوري مع كافة الفرقاء الليبيين قصد التوصّل إلى التسوية السياسية والحل التوافقي.

الجزائر- روما وباريس-القاهرة

وفي إطار العمل على تقوية المقاربة الجزائرية القائمة على مبدأ التسوية السياسية في ليبيا، تربط الجزائر علاقات قويّة مع الجانب الايطالي المهتم والمنشغل بتداعيات الهجرة غير الشرعية على أراضيها، فالجانب الإيطالي الذي حقّق تقدّمًا في التصدّي للهجرة السرّية، بفضل التعاون المثمر مع حكومة فائز السرّاج، خاصّة وأن روما تحمّل قوّات حفتر مسؤولية الاتجار بالبشر، وتمكين المهاجرين من المرور عبر السواحل الليبية مقابل عمولات مالية.

أثمر هذا التقارب بين الجزائر وروما، إبرام اتفاق بين المجمّعين النفطيين الجزائري سوناطراك والايطالي إيني، بشأن تجديد عقد طويل الأجل لبيع/ شراء الغاز الطبيعي الموجّه للسوق الايطالية، وهذا لمواصلة الشراكة المتعلقة باستغلال نظام النقل "تي أم بي سي". وهي اتفاقيات ذات طابع اقتصادي لكنها تحمل خلفية سياسية في الظروف الإقليمية الحالية، بحسب خبراء.

الإمارات والسعودية

في سياق مرتبط، أكد معهد "نوريا" الفرنسي للأبحاث والدراسات، في ندوة تحت عنوان " ليبيا ..صناعة الحرب الأهلية"، أن الصراع في ليبيا تحوّل إلى شبه حرب أهلية، تغذّيها وتؤججها أطراف إقليمية ودولية، على رأسها الإمارات والسعودية اللتان مولتا وسلحتا اللواء المتعاقد خليفة حفتر.

وأوضح جلال حرشاوي الأكاديمي الفرنسي، أنه قبل أيّام فقط من هجوم طرابلس، استقبل ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز اللواء المتقاعد مثل زعيم دولة، ووعدته الرياض يملايين الدولارات مقابل السيطرة على طرابلس.

وأشار حرشاوي إلى أن حفتر زار العاصمة الإماراتية أبوظبي بعد الرياض وحصل على أسلحة متطوّرة لبدء هجومه على طرابلس. 

الإمارات والسعودية متورّطتان في تسليح ميليشيات ليبيا بسبب أن حكومة الوفاق الوطني ليست على هواهما

وعن خلفية هذا الدعم، أوضح المتحدّث أن أساس الدعم هو العداء لما يعرف بالإسلام السياسي، ورغبتهما في القضاء على كل أشكاله في ليبيا. على اعتبار أن حكومة الوفاق الوطني ليست على هواهما.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"لا للإمارات في أرض الشهداء".. الحراك الجزائري يشخص أعداءه

هل طلب السراج من الجزائر مساعدات عسكرية حقًا؟