لم يقتصر النقاش في الجزائر، على فيروس كورونا من الناحية الصحيّة وكيفية الوقاية منه؛ بل تعدى ذلك وانتقل إلى التعاطي والجدل السياسي وسط النشطاء في الحراك الشعبي، حيث تباينت آراء ومواقف نشطاء وفاعلين في الحراك، بين ضرورة استمرار المظاهرات كل يوم جمعة وثلاثاء، وبين مؤيّدٍ لقرار تعليق وتجميد التظاهر، إلى حين السيطرة على الوباء، منعًا لانتشاره أكثر.
ذكرت وسائل إعلامية وطنية، أن الجزائريين يواجهون كورونا بالاستهزاء واللامبالاة
اللامبالاة وسط الجزائريين
ذكرت وسائل إعلامية وطنية، أن الجزائريين يواجهون كورونا بالاستهزاء واللامبالاة، كان من بينها أنّ المنتزّهات والحدائق والمراكز التجارية، شهدت إقبالًا وتوافدًا كبيرين خلال يومي الجمعة والسبت، رغم التحذيرات والمخاطر التي تحملها تلك التجمّعات من انتشار الوباء، واصفة سلوك الجزائريين باللامبالي.
اقرأ/ي أيضًا: ضغط الشارع يجبر السلطات على وقف الرحلات نحو فرنسا
ضرورة تجميد المظاهرات الشعبية
في سياق متصل، يتعلّق بالتظاهر يومي الجمعة والثلاثاء، قال الوزير الأوّل عبد العزيز جراد في تصريح لقناة إذاعية: "لا نقول للمتظاهرين لا تخرجوا ولكن عليهم الحذر"، هنا، وصف بعض معارضي استمرار التظاهرات السياسية، تصريحات جرّاد بعدم المسؤولية في اتخاذ قرارات حاسمة وشجاعة، ودون أخذ اعتبار للحسابات السياسية.
في هذا السياق، استنكر بعض متابعي الشأن السياسي، استمرار الحركات الاحتجاجية، حيث كتب المحلّل السياسي، زهير بوعمامة في هذا الشأن، على صفحته بموقع فيسبوك، منشورًا يصف فيه بعض الحشود التي خرجت يوم الجمعة الـ 56، "بعديمي الوعي والمسؤولية وبالغوغائيين المتطرّفين" وأضاف: "لا عقل لهم ولا قدرة لديهم على حسن التقدير"، متسائلًا: "هل من السلمية أن تدفع بالآلاف إلى الخطر المحتوم؟ أليس فيكم رجال يفقهون؟ ".
نعم لتعليق التظاهر، ولكن..
من جهته قال الأستاذ في العلوم السياسية، محمد هناد، إنّ مسألة تعليق مسيرات الحراك معقّدة جدًا، فالأمر يتعدّى الصحّة العمومية، بل هي مسألة صحّة سياسية.
وأضاف المتحدث، أن مخاوف المواطنين والنشطاء من تعليق التجمّعات، هو إعلانٌ لموت الحراك، كما يتخوّف البعض من تحول مكافحة الوباء، إلى فرصة للسلطة لتوقيف الحراك الشعبي نهائيًا، وذكر أن الفاعلين في الحراك متخوّفون من عدم إمكانية وقدرة تعبئة الجماهير، بالشكل الذي اعتاد عليه منذ انطلاقه في الـ 22 شباط/فبراير 2019.
وأفاد محم هناد، أن رئيس الجمهورية مطالب بمخاطبة الشعب مباشرة لتوضيح الأوضاع جيّدًا، والتعهّد أمامه بمسائل تقنع بصدق نوايا السلطة.
مسألة الثقة في مؤسسات الدولة
تُطرح مسألة الثقة بين المواطن ومؤسّسات الدولة بشكل جدّي، داخل الأوساط المجتمعية، فالكثير من المواطنين يشكّكون في الأرقام التي تقدّمها وزارة الصحّة، ولا يثقون في نوايا السلطة لو أقدمت على حظر النشاطات السياسية، بما فيها مظاهرات يومي الجمعة والثلاثاء، ويرى بعض النشطاء أن مكافحة وباء كورونا ما هو إلا غطاء وقائي بهدف المنع السياسي للمظاهرات السياسية، والتخلّص من الحراك الشعبي، ويتحجّج هؤلاء أن حاملي الفيروس قادمون من دول أوروبية وآسيوية، حيث لم تتّخذ الحكومة خطوات صارمة في تعليق الرحلات من وإلى الخارج إلا مؤخّرًا وظرفيًا.
دعوات إلى تعليق الحراك الشعبي
من جهته، دعا الأكاديمي والنشاط السياسي رضوان بوجمعة، إلى تعليق المسيرات الشعبية، معتبّرًا أن الخطوة المماثلة، هي في رصيد الثورة السلمية، محملًا السلطة مسؤولية تردي الأوضاع الصحيّة.
وفي مقال نشره على صفحته الفيسبوكية، قال الأكاديمي رضوان بوجمعة، أن أبناء الثورة السلمية، عليهم ابتكار أساليب جديدة للنضال من أجل تجسيد مطلب التغيير السلمي، مشدّدًا على حالة الوعي المتجذّرة في الثورة السلمية، والتي لا يمكن أن تنطفئ بمجرّد تعليق المظاهرات، مبرزًا أن جوهر الحراك الشعبي، هو في الحفاظ على الوطن، داعيًا النشطاء والمواطنين إلى التضامن و الوحدة لمواجهة هذا الامتحان العسير، على حدّ قوله.
يتّفق الجميع على ضرورة أن يتجاوز التعاطي مع فيروس "كوفيد 19"، الخلفية والحسابات السياسية
وبين موقف المؤيّد لاستمرار التظاهرات أو تأجيلها، يتّفق الجميع على ضرورة أن يتجاوز التعاطي مع فيروس "كوفيد 19"، الخلفية والحسابات السياسية، وتعطى الكلمة التوجيهية إلى المختصّين في الشأن الصحّي والوقائي، وأن أيّ سلوك غير مسؤولٍ يحمل عواقب وخيمة.
اقرأ/ي أيضًا:
فيروس كورونا.. هل علينا أن نصاب بالذعر؟
4 وفيات بسبب كورونا ونحو عزل بؤرة الوباء في العاصمة والبليدة