02-مايو-2023
تمارين رياضة في متنزه الصابلات (فيسبوك/الترا جزائر)

تمارين رياضة في متنزه الصابلات (فيسبوك/الترا جزائر)

صبيحة كل يوم جمعة على مستوى منتزه الصابلات، يتوافد جمعٌ من الشباب والشابّات لممارسة الرياضة بشكلٍ جماعي، وتحت وقع أغانٍ موسيقية تحفيزية وحماسية يُنشط مراد برنامجه الرياضي الأسبوعي بشكلٍ منتظم ومنضبط.

يقول مراد وهو تقني سامي في التربية البدنية، إنه بدأ تجربة الرياضة الجماعية في الغابات والمتنزهات منذ سنة تقريبًا بعدما شكلوا فريقًا على موقع التواصل فيسبوك

يؤدّي المنشط الرياضي حركات رياضية يكرّرها باقي الفريق في الهواء الطلق، إذ باتت ممارسة النشاط البدني جماعًيا من الطقوس الصباحية التي تجمع فئات من أعمار مختلفة، وشرائح اجتماعية متعدّدة عبر مختلف الفضاءات الرياضية.

في هذا الإطار يقول مراد في حديث لـ "التر جزائر"، إنه "منذ سنة تقريبًا بدأنا تجربة بعشرة أفراد فقط، تعرفنا على فيسبوك واقترحنا الفكرة"، وأردف "نحن اليوم ما بين 30 إلى 50 شخصًا، نعمل على معدل حصيتن في الأسبوع، نلتقي من خلالها في منتزه الصابلات وأحيانًا ننظم الحصة في غابة بوشاوي".

وأشار المتحدث، إلى أن الرياضة الجماعية من شأنها أن تُشجع وتدفع أكثر الفرد على الاستمرار في ممارسة الرياضة، وتابع "أغلب من التحق بالفريق الرياضي لم يملّ ولم يخل بالتزامه بمواعيد التدريبات، عكس الرياضة الفردية".

وزاد أن الكثير من أعضاء الفريق لم يسبق لهم أن مارسوا الرياضة بشكلٍ منتظم، أمّا اليوم وبفضل برنامج رياضي صحّي ومدروس، أصبحت المشاركة في التدريبات تشعر الرياضي بالرهان والتحدي تدفعه لتغيير نمط حياته.

يَشتغل مراد وهو تقني سامي في التربية البدنية في قطاع التربية والتعليم، ويَتفرّغ أيام نهاية الأسبوع وأيام الراحة من أجل تنظيم حصص تدريبية رياضية في إطار عمل جمعوي، يهدف إلى التحسيس بفوائد النشاط البدني على الصحّة الفرد والمجتمع، في ظلّ يوميات مشحونة بالقلق والتوتر والعصبية وانتشار أمراض السمنة وغيرها.

أرقام خطيرة

في السياق، أفادت مصادر رسمية أن عدد مصابي داء السكري قد بلغ ملونين و800 ألف مصاب، وقال وزير الصحة الجزائري عبد الحق سائحي، في تصريح سابق، إن داء السكري انتشر في الجزائر بنسبة 15 في المائة، مرشحًا أن يصل العدد إلى 5 ملايين بحلول سنة 2030.

وفي السياق ذاته، يُقدّر خبراء في الصحة أن عدد مصابي بمرض ضغط الدم الشرياني بالجزائر وصل إلى 12 مليون مصاب، وقد انتشر مرض الضغط الدم الشرياني بشكلٍ خطير في أوساط المجتمع، بمعدل 39 %، وتعتبر فئة النساء أكثر تعرضًا إلى الإصابة، وتتراوح الأعمار ما بين 30 إلى غاية 65 سنة.

وعلاوة على انتشار مرض السكري وضغط الدم الشرياني، يدقّ أخصائيون في الصحة نقوس الخطر حول ارتفاع المستمر لحالات المصابين بأمراض السمنة وأمراض القلب، ويقدّر الاخصائيون أزيد من 14 في المائة من الجزائريين يعانون من مضاعفة السمنة، حيث يعاني أكثر من 55 في المائة من الوزن الزائد.

من جهته فإن أمراض القلب والأوعية الدموية هي السبب الرئيسي في الوفيات بالجزائر، بمعدل 34 في المائة سنويًا، أي حوالي 14000 وفاة في السنة، حسب أرقام المعهد الوطني للصحة العامة.

التكلفة المالية

في سياق متّصل، يشكّل انتشار الأمراض المزمنة تكلفة مالية تضاعف من الإنفاق الحكومي، إذ تمثل نفقات التكفل بالمصابين بداء السكري في الجزائر أكثر من 28 في المائة من مجموع نفقات الصندوق الضمان الاجتماعي، وتقدّر فاتورة استيراد مادة الانسولين الموجه لمرضى السكر بــ 400 مليون دولار سنويًا.

وينطبق الأمر على باقي الأمراض المزمنة، على غرار مرض القلب الذي يكلّف خزينة الصندوق الضمان الاجتماعي أموالًا هائلة من تغطية الأدوية والمستلزمات الطبية المجنية التي تمنح للمرضى، ويقدر الاستشفاء والعناية الطبية الكاملة للمريض الواحد (الكشف والعناية) في مصحة أمراض القلب بـ 50 ألف دينار جزائري، وتقدر جراحة مجازة الشريان التاجي " CORONARY" في حدود 300 ألف دينار جزائري، أما ترقيع الأوعية الدموية بواسطة البالون تقدر بـ 600 ألف دينار جزائري.

ممارسة الرياضة

وأمام تصاعد مخاطر الأمراض المزمنة على غرار الداء السكري وضغط الدم الشرياني وأمراض القلب والسمنة، يؤكّد خبراء أن ممارسة الرياضة من شأنها أن تقي من كل تلك الأمراض. هنا، يقول الدكتور بلماسك، المختصّ في أمراض القلب، إن عدم ممارسة الرياضة أو أي نشاط بدني يتسبب مباشرة في الكثير من الأمراض، كأمراض القلب والسمنة والضغط الدموي.

وأضاف محدث "التر جزائر" أن ممارسة المشي أو الرياضة الجري أو ركوب الدراجات الهوائية أو السباحة من أفضل النشاطات البدنية والرياضية، من شأنها تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

وتابع علاوة، خلال حديثه حول الفوائد الصحية والنفسية عند ممارسة النشاط البدني وتقليل من التوتر والقلق والتخلص من الضغط اليومي.

وختم المتحدّث أن توصيات منظمة الصحة العالمية، تفيد أن النشاط البدني والمتمثل في المشي نصف الساعة يوميًا بشكل منتظم بالنسبة إلى البالغين، من شأنه أن يساعد على الوقاية من الأمراض السارية مثل أمراض القلب والسكتة القلبية وداء السكري والعديد من أنواع السرطان.

ويدعو المتحدث بالمناسبة إلى استشارة الطبيب مختصّ في حالة حمل المرأة أو وجود مرض مزمن أو اتباع برنامج رياضي وتدريبي تحت إشراف مختص في الرياضة.

أمام الانتشار الواسع للأمراض المزمنة وسط السكان، تعين وضع مخطط عمل حكومي يعزز ويعمم النشاط البدني والرياضي في المدارس والجامعات

وعلى العموم، وأمام الانتشار الواسع للأمراض المزمنة وسط السكان، تعين وضع مخطط عمل حكومي يعزز ويعمم النشاط البدني والرياضي في المدارس والجامعات وأماكن العمل، من أجل النهوض بالصحة العمومية وتخفيف من فاتورة الإنفاق الصحي.