07-أغسطس-2020

الأموال المتداولة خارج المعاملات البنكية تقدر بـ 17 مليار دولار (الصورة: البلاد)

وافقت هيئة شرعية تابعة للمجلس الإسلامي الأعلى، على منح الشهادة المطابقة الشرعية للبنك الوطني الجزائري، كأوّل بنك يعمل على تسويق تعاملات خاصّة بالصيرفة الإسلامية، فيما تتواصل دراسة ملفات أخرى على مستوى الهيئة الوطنية الشرعية للإفتاء لصناعة الصيرفة الإسلامية.

يؤكّد خبراء أن الدور المحوري للتمويل الإسلامي ليس استرجاع الأموال المدّخرة خارج التعاملات المالية الرسمية

 وأعلن البنك الوطني الجزائري بعد تسلم شهادة المطابقة عن مباشرةِ تسويق تسع منتجات مصرفية وفقًا للأحكام الإسلامية، ويتعلق الأمر بحساب الصك الإسلامي، والحساب الجاري الإسلامي، وحساب الادخار الإسلامي، وحساب الادخار الإسلامي "الشباب"، وحساب الاستثمار الإسلامي غير المقيّد والمرابحة للعقارية والمرابحة للتجهيز والمرابحة للسيارات والإجارة.

اقرأ/ي أيضًا: البنك المركزي يتخذ إجراءات حمائية لمواصلة تمويل المؤسّسات

تفعيل الصيرفة الإسلامية

في هذا السياق، تسعى الحكومة في ظلّ شح الموارد المالية والجبائية، إلى تفعيل وتنويع المجال البنكي، وتأمل السلطات من خلال إطلاق الصيرفة الإسلامية على استقطاب الأموال المدّخرة خارج التعاملات، البنكية واستمالة أصحاب أموال الأسواق الموازية.

وانتهت وزارة المالية والبنك المركزي الجزائري، من وضع الأرضية التشريعية التي حدّدت العمليات البنكية الخاصة بالصيرفة الإسلامية وشروط ممارستها في 15 آذار/ مارس 2020، رغم وجود نصّ قانوني، والإعلان عن مبادرة الشبابيك الإسلامية داخل البنوك العمومية  منذ 18 شبّاط/فيفري 2018.

من جهة أخرى، يؤكّد خبراء في المجال المالي أن التمويل الإسلامي أضحى ضرورة اقتصادية في ظلّ تراجع الموارد المالية، ويشكّل عنصرًا هامًا في البنية المصرفية، حيث بإمكان المنتوج المالي الاسلامي أن يستقطب زبائن يتحفظون على المعاملات الربوية، أو يرفضون فتح حسابات بنكية لاعتبارات دينية، ومن شـأن التمويل الإسلامي أن يساهم في إيجاد مصادر مالية من أجل الدفع بالاقتصاد الوطني.

جدير بالذكر، أن الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة تعتبر تقنين الاقتصاد الموازي أكبر تحدّياتها، لكن غياب الإدارة السياسية جعل من الاقتصاد الموازي هو القاعدة الأساسية والاقتصاد الرسمي  حالة استثنائية، علمًا  أن الأموال التي تتداول خارج التعاملات البنكية تُقدَّر حسب بعض الخبراء بأكثر من 17 مليار دولار، كما تتوفّر الجزائر على بنكين فقط يتعاملان بالتمويل الإسلامي، هما بنك البركة (1991) وبنك السلام ( 2008).

الدور المحوري

 يلفت بعض الخبراء الانتباه، إلى أن الدور المحوري للتمويل الإسلامي ليس استرجاع الأموال المدّخرة خارج التعاملات المالية الرسمية، ولن يحل مشكلة نقص السيولة المالية أو يعوّض عن تراجع الكتلة النقدية كما يزعمه البعض، بل يهدف التمويل الإسلامي عبر مختلف منتجاته، إلى جعله آلية مصرفية فعالة في السوق المالية والتنمية الاقتصادية.

تتضمن العمليات البنكية المتعلقة بالصيرفة الاسلامية منتجات متعدّدة كالمرابحة، المشاركة، المضاربة، الإجارة، السلم، الاستصناع، حسابات الودائع وغيرهاـ وتخضع منتجات الصيرفة الإسلامية إلى ترخيص مسبق من البنك المركزي، وشهادة مطابقة لأحكام الشريعة تسلم من طرف الهيئة الشرعية الوطنية للإفتاء للصناعة المالية الإسلامية.

التخوف من ارتفاع التكاليف

في المقابل، تتخوف أوساط مالية من عدم قدرة البنوك الإسلامية على استقطاب رؤوس الأموال، سواءً الموجودة في السوق الموازية أو استقطاب السيولة الموجودة داخل الدائرة المصرفية، وهذا بناء إلى تجربتي بنكي "البركة" و"السلام،"  فهما حسب خبراء بنكان مكتملا الأركان، لم يستطيعا توسيع مجال النشاط المصرفي، رغم التعامل بمعدّلات أكبر من الفوائد البنكية الكلاسيكية، غير أنهما لم يستطيعا استقطاب ودائع مالية هامّة.

 هنا، يؤكد خبراء في المجال المصرفي أن رفع الفوائد (المرابحة أو المشاركة)  في إطار شرعي، من شأنه رفع تكلفة الاستثمارات، وبالتالي  قد يؤثّر على نجاعة ومردودية المشروع اقتصاديًا وماليًا.

وعلى سبيل المثال، فشلت تجربة المنتوجات الإسلامية كشراء السيارات، حيث لاحظ كثير من الزبائن ارتفاع أسعار السيارات بعد المحاكاة، بغض النظر عن صحة العقد كون البنك لا يمتلك المنتوج ولا يضمن خدمات ما بعد البيع والصيانة، إضافة إلى فرضه التعامل مع شركة التأمين معينة.

ويشدّد مختصون على ضرورة تكوين وتحضير الموارد البشرية من أجل التعامل مع طبيعة التمويل الإسلامي، الذي يتطلب معاملات خاصّة، ولا يمكن نجاح تجربة الصيرفة الإسلامية بعقلية البنوك العمومية الكلاسيكية.

 لايمكن المراهنة على الصيرفة الإسلامية في الدفع بالتنمية وتنشيط السوق المصرفي في وجود نظام بنكي كلاسيكي

يتطلب نجاح التمويل الإسلامي، التدرج في طرح المنتجات المصرفية كاقتناء السيارات والسكن قبل توسيع النشاط ودفعه نحو التوجّه إلى المجال الصناعي والخدماتي، وعلى العموم تحتاج تجربة الصيرفة الإسلامية في الجزائر، إلى التفعيل والتشجيع بغية إيجاد وسائل للادخار العائلي والأسري لإبعاد الشبهات الدينية التي يلتزم بها كثير من المواطنين، لكن لا يمكن المراهنة على الصيرفة الإسلامية في الدفع بالتنمية وتنشيط السوق المصرفي في وجود نظام بنكي كلاسيكي حبيس للقرار السياسي، وتحت قبضة الإدارة المركزية البيروقراطية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تراجع نمو الاقتصاد الجزائري خلال الثلاثي الأوّل لسنة 2020

عجز في الميزان التجاري وإيطاليا تزيح فرنسا وتصبح الزبون الأوّل للجزائر