18-مايو-2021

مخلفات فيضانات وادي بوكراع ببني سليمان في المدية (الصورة: فيسبوك)

قبل أزيد من شهر من اليوم، اجتمعت الحكومة بأكملها في قصر المؤتمرات بالعاصمة الجزائر ضمن أشغال الندوة الوطنية حول إستراتيجية الوقاية وتسيير المخاطر الكبرى، ومعها توقع البعض أن تكون المظاهر التي تعيشها الجزائر بعد سقوط أولى قطرات الأمطار، قد أصبحت صورًا من الماضي، إلا أن الأضرار التي خلفتها الاضطرابات الجوية التي سجلت هذه الأيام بددت كل أمل قريب في وجود إستراتيجية حقيقية لمواجهة المخاطر ومنها الفيضانات.

بعد مأساتي المسيلة والمدية لم تجد الحكومة للتفاعل مع هذه الكوارث سوى إطلاق وعودة جديدة

وبالنظر لحجم الخسائر المادية والبشرية التي خلفتها الفيضانات الأخيرة في عدد من الولايات كالمدية والمسيلة، يتساءل المتابعون حول مدى تطبيق التوصيات التي خرجت بها الندوة، وكذا مدى التزام السلطات المحلية والحكومة بتطبيقها.

اقرأ/ي أيضًا: السيول تُغرق مدنًا جزائرية.. بحث في فائدة مخطط الوقاية من الفيضانات

خسائر بشرية

واصلت فرق الحماية المدنية بولاية المسيلة،عملية بحث عن مفقودين جرفتهم سيول الوديان التي عرفتها بلدية بوسعادة في الأيام الماضية، حيث بلغت حصيلة الضحايا أربعة قتلى، وقبل المسيلة، كانت بلدية بني سليمان بولاية المدية قد عاشت هي الأخرى ليلة ماطرة بحر الأسبوع الماضي تسببت في فيضان الوادي الذي يعبر المدينة، والذي أودى بحياة 4 أشخاص إضافة إلى تضرر أكثر من 130 مركبة وعدد من المنازل والمحلات.

وإن لم يكن المشهد بالمأساوية نفسها التي عرفتها ولايتي المدية والمسيلة، إلا أن ولايات أخرى عاشت ساعات عصيبة بسبب السيول التي تساقطت هذه الأيام، وتسببت في أضرار جراء ضعف البنية التحتية وغياب مخططات التصدي للفيضانات، وهو ما سجّل على سبيل المثال بولايات أم البواقي والجلفة وبسكرة وغيرها.

وحسب تقارير الحماية المدنية، فإن السيول التي عرفتها عدة ولايات تسببت أيضًا في انقطاع حركة المرور بعدة طرق وطنية وولائية.

توصيات في مهبّ الريح

قبل أكثر من  شهر من اليوم، خرجت الندوة الوطنية حول استراتيجية الوقاية وتسيير المخاطر الكبرى بجملة من التوصيات التي كان ينتظر منها أن تطبق ميدانيًا، لتجنب الكوارث التي عرفتها ولايتي المدية والمسيلة.

ووعد وقتها وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية كمال بلجود، بإدراج توصيات الندوة في مشروع الإستراتيجية الجديدة للمخاطر الكبرى.

وقال بلجود إن المندوبية الوطنية للمخاطر الكبرى مدعوة لتشكيل فوج عمل متعدد القطاعات والخبرات، يكفل تضمين كل التوصيات في مشروع الإستراتيجية الوطنية للمخاطر الكبرى، مع تسطير ورقة طريق ومخطط عمل واضح المعالم برزنامة تشمل إجراءات قصيرة  وبعيدة ومتوسطة المدى.

وشدّد بلجود على "تعزيز المنظومة القانونية والمؤسساتية وتحسين الحوكمة من خلال  تحديد واضح للمسؤوليات وإشراك المجتمع المدني في مختلف المراحل بطريقة منظمة وفعالة"، واعدا في الوقت ذاته برفع هذه التوصيات إلى الرئيس عبد المجيد تبون، والالتزام بـ"السهر على تجسيد هذه التوصيات وتقييم مدى تنفيذها ميدانيا".

ودعت التوصيات التي انبثقت عن أربع ورشات، إلى ضرورة "تقييم وتحيين مخططات تسيير الكوارث والمخاطر الكبرى انطلاقًا من الزلازل الأخيرة التي عرفتها العديد من الولايات، مع إطلاق برنامج وطني للبحث في المخاطر الكبرى، واعتماد اللامركزية في تسيير الكوارث، لاسيما ما تعلق  باتخاذ القرارات".

وعود جديدة

بعد مأساتي المسيلة والمدية لم تجد الحكومة للتفاعل مع هذه الكوارث سوى إطلاق وعودة جديدة لإخماد غضب المواطنين، فوزير الداخلية الذي قدم في ندوة آذار مارس التزامات بـ"السهر على تجسيد هذه التوصيات وتقييم مدى تنفيذها ميدانيا"، عاد من جديد خلال تنقله إلى بني سليمان بالمدية لإطلاق التزامات جديدة.

وقال بلجود "من بين أهم القرارات المتخذة اليوم إنشاء وإرسال لجنة تقنية ابتداء تضم مختصّين لدراسة مشكلة الفيضانات في بني سليمان والتفكير في تحيين الدراسات القديمة بشكل يسمح بتفادي حدوث فيضانات أخرى مشابهة لتلك التي حدثت الاثنين".

وبدوره، وعد وزير النقل والأشغال العمومية كمال ناصري لدى حلوله بولاية المسيلة بانجاز منشأة بمنطقة جنان الرومي ببلدية بوسعادة، وهي النقطة التي غمرت فيها مياه الوادي مركبتين كان على متنها ثلاثة أشخاص وأخرى كانت تقل شخصًا آخر.

وما يعاب على تصرف الحكومة في التعامل مع الكوارث الكبرى أن تدخلها يكون في الغالب ردة فعل، ولا تتخذ الإجراءات مسبقًا بالرغم من تحذيرات الخبراء وتنبيهات نشريات مصالح الأرصاد الجوية عشية توقع مرور اضطرابات جوية على الجزائر.

الحكومة تقرّ بوجود 860 نقطة سوداء مهدّدة بخطر الفيضانات عبر البلاد

وحتى تحول الحكومة توصيات الندوة الوطنية حول إستراتيجية الوقاية وتسيير المخاطر الكبرى إلى أفعال ميدانية، يظلّ الجزائريون عرضة لأخطار مماثلة، بما أن الوصاية نفسها تقر بوجود 860 نقطة سوداء مهدّدة بخطر الفيضانات عبر البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الأرصاد الجوّية تواصل تحذيراتها.. الفيضانات تفتح جراح "السبت الأسود"

رحلة متطوّعين إلى جانت.. 40 ساعة بين الواقع وأخبار التلفزيون