06-مايو-2022
تحتفظ العائلات الجزائرية بعادة تقديم الهدايا للأصهار في الأعياد والمناسبات (فيسبوك/الترا جزائر)

تحظى الأعياد والمناسبات الاحتفالية في الجزائر باهتمام كبير من قبل الأسر، خاصة منها ما تعلق بالزيارات العائلية، حيث لا يفوّت أفراد الأسرة في الغالب الاجتماع في البيت العائلي الكبير مهما بعدت المسافات وارتبط أفراد هذه الأسر بالتزامات العمل والوظيفة.

تعتبر "الزَّردة" أحد طقوس الاحتفال بعيد الفطر وهي طقوس اجتماعية مرتبطة بعادات الجزائريين في كثير من المناطق

تلتزم العائلات الجزائرية عادة في اليوم الثاني والثالث من عيد الفطر بالزيارات بين الأقارب، وتقوية صلة الأرحام، خصوصًا بعد حالة التباعد المفروض التي عاشتها الأسر جميعًا بسبب الإغلاق الذي دام سنيتن بحكم تدابير وإجراءات وباء كورونا، غير أن هذه السنة تعتبر الزيارات فرصة لإعادة إحياء التقارب بين أفراد العائلة الواحدة.

هنا، يذكُر الطالب الجامعي بكلية الهندسة بالعاصمة الجزائرية وليد حسّاني (23 سنة) في حديث إلى"الترا جزائر"، أنه غالبًا ما تزور العائلات بعضها البعض ابتداءً من اليوم الثّاني للعيد، إذ تلتقي العائلات والأطفال خاصة بالنسبة للعائلات الكبرى أو الممتدة.

وأضاف المتحدث، أن العائلة الواحدة تلتئم في هذه المناسبة افي بيت الجدّ في الغالب، لافتًا إلى أن "نكهة العيد تكتمل بتلك اللمّة بين أعضاء العائلة الكبيرة، وتزيد الفرحة بصوت الأطفال ولقاء الأقارب".

ولائم وتضامن

في الجزائر، غالبًا ما تكون العائلات قد استعدت للقيام بغداء العيد، حيث يحضّرون مأدبة تشرف عليها النساء من زوجات الأبناء لطهي أحد أصناف المأكولات التقليدية، ففي الشرق يكون الغداء طبق الشخشوخة، وهو طبق ذائع الصيت في قائمة الطبخ الجزائري، فضلًا عن طبق الكسكسي الذي احتلّ المرتبة الأولى في أطباق المأدبة في عديد المدن الجزائرية، وتجتمع حوله الأسرة في احتفالية كبيرة تضم أفراد العائلة الواحدة.

في بعض المناطق الجزائرية، تُعرف عادة تحضير وليمة الاجتماع بـ "الزردة"؛ وهي نوع من أنواع الاحتفال بين أفراد المجتمع الواحد، يتم خلالها ذبح الماشية سواءً الخرفان أو الأبقار، وسلخها وتنظيفها ثم تقسيمها على الفقراء والمساكين، فضلًا عن طهي طبق الكسيكسي وتوزيعه على كل بيوت الأسر الفقيرة.

تعتبر "الزَّردة" أحد طقوس الاحتفال بعيد الفطر وهي طقوس اجتماعية مرتبطة بعادات الجزائريين في كثير من المناطق، إذ قال الأستاذ في علم الاجتماع محمد أمين تواتي من جامعة البليدة غرب العاصمة الجزائرية، إن هذه الطقوس الاحتفالية ترتبط بعادات الجزائريين في عديد المناطق.

وأضاف في تصريح لـ " الترا جزائر" أن الزردة لها دلالة رمزية تأخذ مكانة في حاضر سكان عديد المناطق الجزائرية، كما أنّها تعبّر عن الابتهاج والفرح وترتبط بعواطف الجزائريين في صورة التكافل والتضامن فيما بينهم.

تمثّل الأعياد مناسبة ذات قيمة اجتماعية، تتجسد في جوهر مضامينها معاني البعد الإنساني والحضاري، توارثته الأجيال على مدى قرون من الزّمن، وأحاطته بطقوس وممارسات نشأت على أساسها بعض العادات، تحمل أبعادًا اجتماعية تقرب بين أفراد المجتمع وتزيد من أواصر المحبة فيما بينهم.

هدية العروس

تبرز في الأعياد الدينية (عيد الفطر وعيد الأضحى) على حدّ سواء مبادرات ذات قيمة اجتماعية، أهمها عادة "عيد العروس" أو ما يوسم بـ" مهيبة العروس"، وهي هدية الرجل لخطيبته قبل الزواج يقدمها لها بعد العيد.

وتعتبر هذه الهدية في العرف والتقاليد الجزائرية تكريمًا من عائلة الزوج لخطيبة أبنها، إذ تعكف والدته وأخواته على زيارة أهل العروس وتقديم لها الهدايا فضلًا عن الحلويات والفواكه.

وفيما بدأت هذه العادة تخفت أمام تكاليف الزواج الباهظة وغلاء المعيشة إلا أنها لقيت استحسانًا من قِبل الكثيرين من باب تقريب العلاقات بين عائلتي الزوجين قبل الزواج، وفرصة للتعرف أكثر على أفراد العائلتين ولقاء الزوج بخطيبته مع أهله ورفقة أهلها.

تختلف نوعية الهدايا من عائلة لأخرى، فمنهم من تكون هديّته عقدًا من الذهب، أو خاتمًا، فضلا عن أدوات الزينة وقطعة قماش، أو لباس خاص بالعرس، ومنهم من يكتفي بتقديم مختلف صنوف الحلويات والفواكه، فيما ذهب البعض إلى تقديم مبلغ من المال، حتى يتسنى للعروس باقتناء أغراضها بنفسها.

تقاليد شعبية

توارثت العائلات الجزائرية عادة "المهيبة" إذ لازالت بعض المدن في منطقة الأوراس شرق الجزائر تقديم الهدايا للعروس بعد عيد الفطر، إذ قالت الأستاذة كريمة مواسة أستاذة علم النفس بجامعة أم البواقي، إن "هدية العروس هي وسيلة لتقوية روابط المحبة بين الأصهار، وتزيد من إيضاح العلاقة الثنائية بين الرجل والمرأة قبل الزواج.

وأضافت الأستاذة مواسة لـ "الترا جزائر"، أن الالتزام بها له يضفي صورة إيجابية لدى العروس وأهلها، إذ هي عنوان لـ "تكريم الرجل للمرأة والرفع من مقدارها أمام العائلة".

ما يميز هذه العادة أنها مظهر من مظاهر السلوك الاجتماعي الذي لازال يحتفظ بالبنية التقليدية في معالم الحياة الاجتماعية في أوساط مختلف الشرائح الاجتماعية رغم اختلاف محتوياتها أي نوع الهدية من منطقة لأخرى.

من جهته، اعتبر ناصر تلمساني (34 سنة) أن " هدية العروس تعتبر رمزًا من رموز التواصل العائلي وتوثيق أواصر المحبة بين أسرتي العريسين، كما قال لـ "الترا جزائر" بأن هدية العروس تَقوي الرَّابطة المقدّسة بين الزوج وخطيبته، وتخلق جوا من التفاهم والألفة بين العائلتين.

هدية العروس تعتبر رمزًا من رموز التواصل العائلي وتوثيق أواصر المحبة بين أسرتي العريسين

لا يخلو أيّ مجتمع من العادات المرافقة للأعياد والمواسم، يتمّ إحياؤها في مواعيد ترتبط غالبًا بالتقاليد الشعبية، إذ تتحلى بمعالم الفرح وتتجلّى فيها مظاهر البهجة والترويح عن النفس من متاعب الحياة اليومية بشكل مؤقت والخروج عن الروتين والمألوف.