مع بدء عملية الاقتراع الخاص بالانتخابات الرئاسية، اليوم السبت، تبرز عدة ملاحظات حول المسار الانتخابي، بعد انقضاء ثلاثة أسابيع من الحملة الانتخابية للمرشحين الثلاثة للاستحقاق، إضافة إلى 72 ساعة من الصمت الانتخابي، في سباق يخوضه الثلاثي والتنافس على أصوات الناخبين.
الأسماء الثّلاثة التي وقع عليها قبول المحكمة الدّستورية، تُشارِك في الرئاسيات كشخصيات تُمثِّل إما أحزابًا معروفة لها مسارٌ سياسيٌ في الفضاء العام منذ حتى قبل التعددية السياسية
رغم حداثة التجربة؛ إلاّ أنّ مرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش يُعتبر أصغر مرشح لمنصب الرئيس منذ التعددية الحزبية، في مقابل المغامرة التي يخوضها مرشّح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، بعد خروجه للضوء وهو الذي ظلّ في الحركة يعمل في الظلّ، بينما آثر المرشح الحرّ، عبد المجيد تبون على أن يواصل مهمّة قد بدأها باختياره الاستمرارية.
الملاحظة الأولى:
الأسماء الثّلاثة التي وقع عليها قبول المحكمة الدّستورية، تُشارِك في الرئاسيات كشخصيات تُمثِّل أحزابًا معروفة لها مسارٌ سياسيٌ في الفضاء العام منذ حتى قبل التعددية السياسية على غرار جبهة القوى الاشتراكية (1963)، إذ تُمثّل التيار الديمقراطي في البلاد والمحسوبة أيضًا على جناح المعارضة السياسية.
أما ممثّل حركة مجتمع السلم (حركة المجتمع الإسلامي 1990) المسندة من أحزاب التيار الإسلامي في البلاد، لقي الدعم من أحزاب وشخصيات وإطارات لهذه الخطوة السياسية.
أما بالنسبة للمرشّح الحرّ عبد المجيد تبون، المتفرّد في مساره المهني منذ أن كان أمينًا عامًا بولاية الجلفة (حديثة النشأة آنذاك) عام 1974، وتدرج بعدها في مناصب شتى، من منصب والٍ إلى وزير ثم رئيس وزراء فرئيس جمهورية (2019-2024).
حظي تبون بدعم من عدة مكوّنات سياسية وجماهيرية، تضم عدة أحزاب سياسية ومنظّمات وشخصيات من مختلف مكوِّنات المجتمع.
الملاحظة الثانية:
تتعلق أساسًا بالانتخابات الرئاسية في الجزائر (7 سبتمبر 2024)، بشكلٍ مباشر، إذ تدعم العديد من فئات المجتمع ومكوناته السياسية المسار الانتخابي، وتتألّف من أسماء ومناضلين من مختلف الحساسيات، ولكنهم في المقابل ربما ليسوا متفقين بالضرورة على البرامج.
الملاحظة الثالثة:
في علاقة بالهيئات الناظمة للانتخابات، إذ أعلنت توفير شروط المسار ككل من حيث الوسائل والرقابة، لاستغلالها في تسيير محطة انتخابية "مِفصلية"، على الأقلّ من الناحية الشكلية في علاقتها باحترام التدابير المحددة للاقتراع وضوابط العملية الانتخابية.
الملاحظة الرابعة:
بالنّسبة للبرامج المعروضة من الفاعلين في الانتخابات (المتنافسين الثلاثة) توفرت في خطاباتهم الدعوة إلى تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، واستغلال الوضع المالي في البلاد، بما يمكن للمرشحين إطلاق وعود تتعلّق بقرارات اقتصادية واجتماعية ومنها ما يدخل في " الشعبوية" لـ"دغدغة" مشاعر المواطنين، وأخرى واقعية يمكن تحقيقها في الميدان.
ولكن بالرغم من هذه الطموحات، إلا أن آليات تنفيذها غابت بشكلٍ لافت، ولم يعرضها المرشحون في حملاتهم الانتخابية.
لكنها مدونة في وثيقة البرامج الثلاثة: " رؤية للغد" و" فرصة" و" الجزائر منتصرة".
الملاحظة الخامسة:
ضغط البُعد الإقليمي والدولي، كان عاملًا مساعدًا على توافقات في الخطاب (اتفاق شبه كلي) وأيضًا على مستوى المواقف حيال ما يجري في تخوم الحدود البرية، وما هو ضمن دائرة الاهتمام المشترك في قضايا دائمًا ما تشكل أهمية قصوى للدبلوماسية الجزائرية.
هذا البُعد في حدّ ذاته أعطى للحملة الانتخابية نوعًا ما سلاسة في الخطاب، والدفاع عن قضايا الأمن التي يتفق عليها الجزائريون، على مستوى واحد.
الملاحظة السادسة:
فتحت الانتخابات المجال لتقريب المواطن من فكرة قبول الاختلافات والمواقف وتقديم الآراء، دون قمع أو منع أو تشويه، في أطر قانونية ناظمة للفعل السياسي، لضمان استقرار المؤسسات من جهة، والتعامل بمسافة واحدة مع الحقوق والواجبات.
في هذه الرئاسيات كان هناك غياب واضح للحديث عن الحريات، وفتح الفضاء السياسي، وإطلاق سراح المعتقلين
الملاحظة السابعة:
كان هناك غياب واضح للحديث عن الحريات، وفتح الفضاء السياسي، وإطلاق سراح المعتقلين، وهو ما ينسحب على المرشحين الثلاثة الذين حاولوا المرور على هذه المطالب في شكل عناوين كبرى دون الخوض فيها كنقاش سياسي، في مقابل الحديث عن التغيير الممكن والمشاركة في المسارات الانتخابية وعدم البقاء على هامش الأحداث كالمتفرّج.