03-أبريل-2023
البصل

(الصورة: Getty)

"كان يُبكي النساء في المطابخ، فأصبح يُبكي الرجال في الأسواق"، هذه العبارة باتت الأكثر تداولًا في تعليقات الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص "الارتفاع التاريخي" لسعر البصل في الأسواق مع دخول شهر رمضان وبلوغ ثمنه 300 دينار في بعض المناطق، وهو رقم يُقارب أسعار بعض الفواكه.

الجزائريون أطلقوا نكتًا وطرائف تتداول على نطاق واسع في المنصات بعد "الارتفاع التاريخي" لأسعار البصل

واختلفت الروايات الرسمية بشأن أسباب ارتفاع سعر البصل بين الحرب الأوكرانية والكوراث الطبيعية، وكذا خسائر الفلاحين في السنوات الماضية وتخوفهم من عقوباتِ قانون المضاربة، في حال التخزين.

ما السبب؟

في منشور حول الموضوع، أرجع الصحفي المُهتم بالشأن الاقتصادي جلال نكار ارتفاع سعر البصل إلى الخوف من قانون المضاربة، قائلًا: "في موسم البصل الماضي، كانت حملة محاربة المضاربة غير المشروعة في أوجّها. تمت محاكمة فلاحين كانوا يخزنون البصل في موسم الإنتاج وشُهّر بهم في التلفزيون وزُج بهم في السجن بتهمة المضاربة غير المشروعة لأنهم خزنوا الفائض".

وعلّل نكار رأيه: "خاف منتجو البصل من نفس المصير فلم يخزنوا البصل وتم إغراق السوق به وبخس ثمنه وتم رمي الأطنان منه في المزابل، انتهى موسم إنتاج البصل ولم يخزن أغلب الفلاحين هذه المادة إلا القليل، تم استهلاك ذلك المخزون في الأشهر الماضية، اقترب شهر رمضان الذي يكثر فيه استهلاك البصل، والبقية تعرفونها".

من جهته، يرى محمد زروق الذي ينحدر من وادي سوف أحد أشهر المناطق الفلاحية في الجزائر أن الارتفاع الجنوني لسعر البصل مردّه "تكبد الفلاحين الموسم الفارط لخسائر وكساد سلعهم مثل الثوم والبطاطا".

وحمّل زروق وزارتي الفلاحة والتجارة المسؤولية، إذ أنهما قامتا حسبه بـ"خنق الفلاح المنتج الذي تريده أن يرعى قفة المواطن ويكون جمعية خيرية فلا تشتري سلعة وقت الجني بل تضايقه بإخراج المخزون لتكسير السعر وتمنع التخزين وقد يدخل السجن باسم المضاربة".

أمّا صفحة "قالمة نيوز"، فاعتبرت أن ارتفاع أسعار البصل لا يمس الجزائر حصرًا، بل هو امتداد لأزمة عالمية، حيث دوّنت قائلة: "بحثنا عن سبب ارتفاع أسعار البصل، فوجدنا سعره ارتفع حتى عالميًا بسبب فيضانات باكستان والهند أكبر مصدرين للبصل بالعالم ممّا تسبب بخسارة محاصيل كبيرة كانت موجهة للتصدير، وكذا الحرب الأوكرانية الروسية بسببها توقف شحن الكثير من بذور الغرس".

أمّا في الجزائر، فتعتقد الصفحة أن "التجار اتبعوا خط الأزمة العالمية، رغم أن الجزائر دولة منتجة، إلا أنهم قاموا بتخزينه بكميات كبيرة في غرف التبريد الصيف الماضي بغرض المضاربة والاحتكار، كون إنتاج مادة البصل سنة 2022 في الجزائر أيضًا كان قليلًا، أضف لذلك أننا لسنا في موسم جنيه، كل تلك العوامل أدت لارتفاع أسعاره".

الرواية الرسمية

قال المستشار بالأمانة الوطنية للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائيين، والرئيس السابق للاتحادية الوطنية لأسواق الجملة للخضر والفواكه، مصطفى عاشور، في تصريحات لـ"الخبر" إن "قلة الإنتاج وكثرة الطلب على مادة البصل خلال أيام رمضان دفع الأسعار إلى الارتفاع بشكل فاق جميع التصورات".

ويرى المتحدث أن "سعر 250 دينار للكيلوغرام الواحد غير معقول تمامًا، ومهما ارتفع السعر ومهما اختلفت الأسباب لا يمكن أن يتجاوز سعر الكيلوغرام الواحد من البصل سقف 100 دينار"، مشيرًا إلى أنّ "الوسطاء الذين صاروا يحترفون المضاربة، وهم من دفعوا الأسعار إلى الارتفاع في ظل نقص الإنتاج مقارنة بالطلب".

علاوة على ذلك، أبرز المسؤول نفسه، أن "البصل المتداول في الأسواق خلال هذه الأيام، هو محصول الموسم الفلاحي الماضي، تم تخزينه في غرف التبريد، وبما أننا في آخر الموسم تجد أغلب البصل جاف من الماء ويكاد يكون فاسدًا، ورغم ذلك يباع بأكثر من 250 دينارًا".

من جهة أخرى، توقّع عاشور أن "سعر البصل الجاف سيعود إلى سعره العادي بعد 15 يومًا، تزامنا مع بداية دخول إنتاج الموسم الجديد في المناطق الغربية والمتيجة".

وفي سبب مباشر لارتفاع ثمن البصل حاليًا، لفت المتحدث إلى أنه "في السنوات الثلاث الماضية تكبّد الفلاحون خسائر كبيرة في إنتاج البصل بسبب شح الأمطار، ما دفع بالكثيرين منهم إلى التحوّل نحو الزراعات الأخرى كالقمح الذي يحظى بدعم الدولة، وهو ما قلّص من الكمية المنتجة للبصل خلال هذا الموسم فارتفع سعره ووصل مستويات خيالية".

نُكت موسم البصل

كعادتهم، لا يفوّت الجزائريون أزمةً دون أن يخلقوا منها نكتًا وطرائفًا يتم تداولها على نطاق واسع، إذ أصبحت النكت المرتبطة بارتفاع ثمن البصل تُتداول بشكر كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يتم نشر صور صناديق البصل وهي مصفّفة مع الفواكه بعيدًا عن الخُضَر.

فيما قال أحد المدوّنين عن ذلك: "اجتهد البصل في الجزائر، حتى فرض انضمامه إلى عائلة الفاكهة، من حيث السعر، هكذا يستطيع الجزائري أن يشتري كيلو بصل، أثناء زيارة الأقارب أو عيادة المريض، كما يمكن للمتعود على الشيتة أو الرشوة أن يقدم صندوق بصل"، وختم: "لا تيأس، كن مجتهدًا مثل البصل، حتمًا ستصل".

وكتب آخر: "أجرتي اليومية تعادل أربعة كيلوغرامات من البصل، أُغلق الستار".

وعلى طريقة الأخبار الرياضية علّق ناشطٌ: "البصل يغادر قسم الخُضَر بعدما قضى حياته كلها في ذيل الترتيب ويصعد إلى قسم النخبة الفواكه ويبصم على بداية قوية مع كبار السوق".