14-يناير-2020

رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون (رياض كرامدي/أ.ف.ب)

أمر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الاثنين، حكومة الوزير الأوّل عبد العزيز جراد، بإصدار قانون يجرّم خطاب الكراهية بمختلف أشكاله، معتبرًا ارتفاعه في مواقع التواصل الاجتماعي، تهديدًا للوحدة الوطنية وانسجامها.

رئاسة الجمهورية: "الخطاب يأتي لسد الباب في وجه أولئك الذين يستغلّون حرية وسلمية الحراك

وجاء في بيان رئاسة الجمهورية أن "الرئيس تبون وجّه تعليمات للوزير الأوّل عبد العزيز جراد، بإعداد مشروع قانون يجرّم كل مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية في البلاد"، مشيرًا إلى "ازدياد خطاب الكراهية والحثّ على الفتنة، خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي".

وأردف المصدر نفسه: "الخطاب يأتي لسد الباب في وجه أولئك الذين يستغلّون حرية وسلمية الحراك، برفع شعارات تهدّد الانسجام الوطني".

وشدد الرئيس تبون، في هذا البيان على "التقيّد بالدستور وقوانين الجمهورية، لاسيما فيما يتعلق باحترام ثوابت الأمة وقيمها والمكوّنات الأساسية للهوية الوطنية والوحدة الوطنية ورموز الدولة والشعب".

وأخذت منذ بداية الحراك الشعبي، في الـ 22 شباط/ فيفري الماضي، مصطلحات وعبارات الكراهية والعنصرية منحىً تصاعديًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي الفضاءات العمومية، ما أدّى إلى بروز صراعات علنية خصوصًا في موضوع الهوية (العربية/ الأمازيغية) انجرَ عنها استعمال ألفاظ عنصرية هجومية بين الطرفين.

تخوّف..

من جانبه تخوّف القانوني عبد الحفيظ تامرت، بخصوص سنّ قانون تجريم خطاب العنصرية والجهوية، قائلًا: "يمكن لهكذا قوانين أن تكون شكلًا من أشكال الحد من حريّة التعبير، و التضييق على هذا الحقّ المكفول دستوريًا تحت غطاء خطابات الكراهية".

كما اعتبر الحقوقي تامرت، أن الخطوة القانونية سلاح ذو حدين، خاصّة في حالة استحداث نصوص فضفاضة المعنى وعدم ضبط مصطلحاتها، وتعريفها بالشكل الذي ينسجم والهدف من استحداثها و صياغتها؛ مستطردًا "لا نريد أن نكون كالدول التي سنّت قوانين كقانون نفي الهلوكوست، أو معادات السامية، الذي تستعمله بعض الدول والأنظمة لمنع كل شكل من أشكال التعبير بالرأي الذي، يتعرّض للكيان الصهيوني بالنقد أو بفضح ممارساته العنصرية والإجرامية".

وبالحديث عن نصوص قانون العقوبات، اعتبر المحامي عبد الحفيظ تامرت، في حديث مع "الترا جزائر"، أن النصوص القانونية الحالية كالمادة 295 مكرّر 1 و 2 من قانون العقوبات، فهي تجرم أشكال التمييز، ولا تحوي أشكالًا من السلوكات التي لا يمكن وصفها، إلا بالجريمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي و"صارت تطال وحدة الشعب، وتدعو للكراهية والعنف ومختلف أشكال العنصرية بشكل يهدد وحدة الوطن و وحدة مواطنيه."

كما رحب المتحدث، بنصوص قانونية تجرم كل مظاهر العنصرية والجهوية وخطاب الكراهية بوجه عام، داعيا إلى الحفاظ على التماسك بين الجزائريين، الذي بدا منذ انطلاق الحراك الشعبي، مردفاً "يستوجب العمل و السعي علي تثمين هذا التماسك والحفاظ عليه وتجريم كل ما شأنه المساس بهذه الوحدة."

ترحيب

ورحبت تشكيلات سياسية بقانون تجريم الكراهية، حيث اعتبر رئيس حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" بالنيابة، تعليمة رئيس الجمهورية تبون، بإعداد مشروع قانون يجرم العنصرية والجهوية والتمييز، بمثابة "الخطوة الجادة والهامة في تعزيز اللحمة الوطنية، وقطع الطريق أمام العابثين بالثوابت والوحدة".

ودوّن عبد الحليم عبد الوهاب، رئيس حزب "تاج" بالنيابة، على صفحته الرسمية عبر فيسبوك أنه "كان رأينا أن يصدر قانون يجرّم كل أشكال العنصرية والجهوية  والتمييز، ويضع حدا للخطابات المحرّضة على العنف والكراهية أو تلك التي تعبث بالثوابت وتزرع الفتن في وسط الشعب الجزائري".

وعلى الخطى نفسها، سارت حركة الإصلاح الوطني التي دعت إلى "ضرورة الإسراع لفرز وضبط المفاهيم والمصطلحات بدقّة، من خلال تشريع قانوني، يضبط الأمور و ينقّي "ملف الحرية" من كل ما علق بها من سلوكات عنصرية زائغة بكل صرامة و يجرم بوضوح ممارسيها".

وجاء في بيان الحركة، اطلع "الترا جزائر" على نسخة منه، إنّه "مثل هذه الممارسات تتغذى من خطاب تحريضي خطير، لا يُمكن السكوت عنه، تمارسه بعض الأطراف من وراء عناوين مختلفة سياسية، حزبية، إعلامية وجمعوية، أمام مرأى و مسمع الجميع".

كما دعى المصدر نفسه، إلى "وجوب التّصدي لهم بقوة، خاصّة بعد أن تجلت خلفياتهم وأهدافهم الحقيقية، التي تهدّد الوحدة الوطنية و تضعف قوة النسيج الاجتماعي في البلاد".