18-ديسمبر-2019

عبد المجيد تبون يغازل الحراك الشعبي بفتح حوار جامع (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

بعد إعلان المجلس الدستوري رسميًا عن ثامن رئيس للجزائر، من المقرّر أن يؤدّي عبد المجيد تبون اليمين الدستوري غدًا الخميس الموافق لـ19 كانون الأوّل/ديسمبر الحالي، ليبدأ العدّ التنازلي نحو حلحلة الوضع السياسي القائم، وإيجاد مخارج للعودة إلى المسار السياسي الطبيعي، ورغم ثقل الملفّات على مكتب الوافد الجديد على قصر المرادية، تشكّل إدارة  الأزمة في ظلّ تمسّك الحراك الشعبي بمطالبه، أحد أهمّ الملفات السياسية العالقة.

عبد المجيد تبون: "أنا مستعد للحوار مع الحراك مباشرة، حتى نرفع اللبس عن نيتنا الحسنة"

الحوار مع الحراك

في هذا السياق، قال تبون في مؤتمر صحافي: "أتوجّه مباشرة للحراك المبارك، وأمدّ له يدي لحوار جادٍ من أجل جمهورية جديدة".

اقرأ/ي أيضًا: هل يُكمل تبون عهدته الرئاسية أم ينسحب في منتصف الطريق؟

وأضاف المتحدّث "أنا مستعد للحوار مع الحراك مباشرة، ومع من يختاره الحراك، حتى نرفع اللبس عن نيتنا الحسنة. لا يوجد استمرارية لولاية خامسة"، وكأنّه اغتنم الفرصة للردّ على علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريّات، الذي اعتبر ترشّح تبون في وقت سابق، تمديدًا للعهدة الخامسة للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة.

من جهته، أكد محمد لعقاب الناطق الرسمي للمترشح مجيد تبون، في تصريح لوسائل إعلامية، أن الرئيس عبد المجيد تبون أكّد له شخصيًا على اليد الممدودة لجميع الفعاليات الوطنية، وأضاف أنه سيستقبل ممثلي الحراك الشعبي خلال الأسابيع الأولى من تنصيبه رسميًا رئيسًا للجمهورية، ودعا لعقاب ممثلي الحراك إلى تنظيم وتعيين ممثلين له على المستوى الولائي أو الوطني.

ترحيب وتخوّف

 وإثر دعوات الحوار غير الرسمية، تباينت ردود فعل الشارع الجزائري والطبقة السياسية، بين مرحّب للحوار وفق شروط سياسية واضحة، وبين متخوّف من إعادة استنساخ لجنة الحوار والوساطة السابقة، التي اعتمدت على عناصر وُصفت بأنها صنيعة السلطة، ولا تمثّل الحراك الشعبي.

ويتحفّظ كثير من النشطاء السياسيين، عن مبادرات سياسية تطرحها السلطة، وهذا بناءً على غياب عامل الثقة، وبحكم تجارب سابقة، فطالما قال بعض النشطاء إن النظام تجاهل المبادرات السياسية الرامية للخروج من الأزمة.

 رجلٌ تكنقراطيٌ

يعتقد متابعون، أن عبد المجيد تبون قد لا يملك الأدوات الكافية لإجراء إصلاحات سياسية عميقة، تنسجم مع مطالب الحراك الشعبي؛ فالرجل تكنقراطي التكوين، خرّيج المدرسة العليا للإدارة، لا يُعرف أنّ لديه مسارًا سياسيًا مكثّفًا، ماعدا أنه عضو في اللجنة المركزية لجبهة التحرير الوطني، وبالتالي فالشقّ السياسي وإدارة الأزمة ستشرف عليه المؤسّسة العسكرية ولو ظرفيًا. 

حماية الحراك الشعبي

في هذا الإطار، أكد ناصر حمدادوش، النائب والقيادي في حركة مجتمع السلم "حمس"، على ضرورة أن يكون الحوار شفافًا جادًا ومسؤولًا وصادقًا، ويهدف لتصحيح الأخطاء وتحقيق التوافق الوطني حول رؤية وآليات تجسّد الإرادة الشعبية، على حدّ تعبيره.

وأضاف المتحدّث أنه لا بدّ من خطوات عاجلة تدلّ على الإرادة السياسية في الإصلاحات الدستورية والقانونية، مثل "حماية الحرّيات الفردية والجماعية وتحرير وسائل الإعلام من الضغط والابتزاز، وضمان استقلالية القضاء، وإطلاق سراح مساجين الرأي ومعتقلي الحراك الشعبي، ورفع القيود على المجتمع المدني، ومكافحة شبكات الرشوة والابتزاز المالي، واستمرار محاربة الفساد بلا تمييز، والابتعاد عن التخوين وشيطنة المخالفين، لابدّ من التصالح الوطني وحفظ كرامة الجميع".

يؤكد حمدادوش أن الحوار يؤدّي إلى لم الشمل وصناعة بيئة سياسية مطمئنة للجميع، وحاشدة لكل القدرات الوطنية، على أن تكون الخطوة الأولى للتصالح والاعتراف بعمق الأزمة والاستعداد للتعاون على حلها بخلق التواضع وعقلية الربح للجميع وتجاوز خصومات الماضي.

ويشدّد قيادي "حمس"على ضرورة حماية الحراك الشعبي حيثما أراد الجزائريون الاستمرار فيه، وعدم قمعه أو العمل على توقيفه أو اختراقه أو تحريفه حتى تنتهي العملية السياسية كلّها، ويحقّق الاطمئنان على الانتقال الديمقراطي الفعلي، على حدّ قوله.

خطأ قاتل

في مقابل ذلك، عاتب المحلّل السياسي، محمد هناد، الطبقة السياسية وأطرافًا من المعارضة، سارعت إلى وضع شروط للحوار المرتقب، والرئيس لم ينصّب بشكلٍ فعليٍ وواقعي، واصفًا ذلك بالسذاجة السياسية الموصوفة، على حدّ تعبيره.

وأوضح المتحدّث أن الانتظار في مثل هذه الظروف، هو الذي يسمح بسبر نوايا الرئيس الجديد وخارطة طريق الرئاسة، التي تسمح للمعارضة بصياغة شروطها في الحوار.

واعتبر هنّاد موقف بعض الأحزاب السياسية، بالخطأ الاستراتيجي الذي يجعل من المعارضة في موقف "من يطلب" بدل وضع "من يُطلب منه".

اختراق الحراك

من جانبه، حذّر الناشط الحقوقي والسياسي، رضا دغبار في حديث إلى "الترا جزائر" من الذهاب إلى الحوار بصفوف متفرقة ومتشتتة، داعيًا إلى عدم اتخاذ مواقف منفردة من مسألة الدعوة غير الرسمية للحوار من طرف السلطة.

في مقابل ذلك، شدّد المتحدُّث على ضرورة إشراك الشخصيات الوطنية الثورية التي ساندت الحراك الشعبي منذ البداية، كجميلة بوحيرد، لخضر بورقعة، ظريفة بيطاط وغيرهم، وإشراك معتقلي الرأي السياسي، أمثال كريم طابو، سمير بلعربي، فوضيل بومالة وآخرين. وحثّ الناشط الحقوقي على الاستماع للجالية الجزائرية في الخارج، التي تملك خزانًا هائلًا من الكفاءات في مجال المسائل السياسية.

كما حذّر المتحدّث، من محاولات اختراق الحراك الشعبي، من خلال نشر القوائم الاسمية وتضخيم وصناعة بعض ممثلّيه إعلاميًا.

وذكر دغبار، أن السلطة تدرك جيدًا أن مسألة تمثيل الحراك الشعبي قضية معقدة ومتشابكة، وبالتالي تريد رمي المسؤولية للحراك الشعبي، موضّحًا أن النظام يدرك جيدًا من هي الشخصيات التي تملك وزنًا داخل الحراك الشعبي، ويكمن الرجوع إليها.

رضا دغبار: السلطة تدرك جيدًا أن مسألة تمثيل الحراك الشعبي قضية معقدة ومتشابكة

وقال الناشط السياسي إن على السلطة توجيه إليهم الدعوة أولًا، وثانيًا ضرورة وضع آليات شفافة للحوار، حيث يُعلم الشعب الجزائري، بدايته، ومساره ونهاياته، داعيًا إلى استمرار الحراك الشعبي إلى غاية تجسيد مطالبه وتحقيق سبل الانتقال الديمقراطي. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

رسميًا.. الرئيس تبون يؤدّي اليمين الدستورية قبل نهاية الأسبوع

ثامن رؤساء الجزائر.. من هو عبد المجيد تبون؟