21-أبريل-2024

يتقدم المسار الانتخابي في الجزائر بخصوص الاستحقاقات الرئاسية (الصورة: أ.ف.ب)

يتقدم المسار الانتخابي في الجزائر بخصوص الاستحقاقات الرئاسية المنتظرة في السابع من أيلول/سبتمبر المقبل، بشكل بطيء مع بداية بروز المرشحين الجدد للانتخابات اثنان منهما كشف عن نيتهما للترشح في انتظار مرشحين آخرين، قد تظهر أسماءهم خلال الأيام المقبلة.

ساحلي: السلطة تعي جيدا أهمية الانفتاح السياسي والإعلامي على مختلف الحساسيات السياسية

وتتوجه الأنظار إلى إعلان رئيس حزب التحالف الجمهوري، بلقاسم ساحلي، ترشحه عن تكتل "الاستقرار والإصلاح" الذي يضم كل من الأحزاب "التحالف الوطني الجمهوري"، وحزب "التجديد والتنمية" و"الاتحاد من أجل التجمع الوطني" و"الحزب الأخضر للتنمية" و"حركة الوطنية للعمال الجزائريين". وحتى وإن لم يعلن بيان التكتل رسميا عن مرشحه في الرئاسيات المقبلة.

تحالف حزبي

وقدم التكتل الحزبي "تشخيصا للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في البلاد مع طرح مقاربة متعددة الأبعاد لإعادة الاعتبار للفعل السياسي وتجاوز حالة الجمود الحزبي والغلق الإعلامي"، إذ لفت البيان إلى أن اجتماع لجنة التنسيق والمتابعة للأحزاب السياسية (على مستوى رؤساء الأحزاب السياسية) يدخل في إطار استكمال العمل المشترك الذي باشرت الأحزاب المعنية العمل فيه منذ مطلع السنة.

وعقب تناول التطورات الأخيرة ذات الصلة بالانتخابات الرئاسية، ووضع الأرضية السياسية له تدعو الأحزاب المنخرطة فيه إلى ترقية الحوار الوطني وترسيخ الاستقرار وتفعيل الإصلاحات في مختلف المجالات.

ويبدو أن هذا التكتل الحزبي، قد وضع ترتيبات بشأن الاتفاق على عملية جمع التوقيعات بعد استدعاء الهيئة الناخبة في حزيران/ يونيو المقبل، فضلا عن التنسيق لحملة انتخابية مشتركة.

وفي سياق ذي صلة، قال رئيس حزب التحالف الجمهوري بلقاسم ساحلي بأن السلطة تعي جيدا أهمية الانفتاح السياسي والإعلامي على مختلف الحساسيات السياسية، وإعطاء الفرصة لمختلف المكونات المجتمع، وضرورة ذلك في المنافسة الانتخابية، خصوصا خلال محطات التحضير للاستحقاقات الرئاسية القادمة.

وبخصوص سؤال "الترا جزائر" حول ظروف البيئة السياسية،شدد ساحلي على أن فتح مجال الفعل السياسي من شأنه خلق حرية الترشح والتوازن في إعلان برامج المترشحين وعدم التمييز بين المتنافسين والمساواة بين المواطنين في الترشح والانتخاب أيضا. 

فعل سياسي

وقبل ساحلي كانت القاضية السابقة ورئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي (المعارض) زبيدة عسول قد أعلنت رسميا نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية، وكشف بيان الحزب أن اتخاذ هذا القرار جاء بناءً على مناقشات في إطار اجتماع المجلس الوطني للحزب حول الرئاسيات والظروف المحيطة بها والشروط الواجب توفرها.

واعتبرت القاضية عسول الانتخابات الرئاسية 2024، "فرصة سانحة يمكن تحويلها إلى القيام بفعل سياسي ناجع، يسمح للملايين الذين خرجوا في الحراك الشعبي للتعبير عن اختيار مرشح رئاسي يستجيب لمطالب الحراك، وهذا دور النخبة."

وفي سياق آخر، فإن ممارسة العمل في الشأن العام، إداريا وتمثيليا سياسيا يكسب المترشح مؤهلات واسعة وعميقة وخبرة حقيقية في التعامل مع الحالات والأوضاع الداخلية والدولية، في حالة الفوز بمنصب مصيري.

وبالنظر لشروط الترشح للرئاسيات، فإن الترشح لمنصب الرئيس في حدّ ذاته يحتاج إلى معايير وقدرات ومؤهلات ومواهب لتقلد مسؤولية ثقيلة وإدارة أمة واتخاذ قرارات مصيرية، يمكن من إفراز الأفضل من بين النخبة السياسية للتنافس، وهو ما يعني توفر المترشحين على المؤهلات والقدرات المتميزة تتناسب مع أداء هذا المنصب المصيري.

وفي هذا الإطار، قال الناشط السياسي، والمرشح الحر في الانتخابات التشريعية الأخيرة، عبد القادر بوطريق إن الرئاسيات هي بوصلة الأحزاب السياسية لاكتشاف ميل المواطن لمشاريع انتخابية محددة ومعاينة ذلك بناء على مقياس مشاركة الناخبين.

وتكتسي عملية انتخاب رئيس الجمهورية أهمية بالغة، وذلك لما لذلك المنصب من سلطة فعلية ومسؤولية كبرى قد ترهن مصير البلد، كما يضيف بوطريق لـ" الترا جزائر"أن صناعة ملامح شخصية المترشح للرئاسيات، الذي يصقله العمل في الميدان السياسي في إطار الهياكل الحزبية وممارسة السياسة واكتساب أساليب التعامل مع الأوضاع والمتغيرات داخليا ودوليا.

ويشير البعض إلى أن ممارسة العمل في الشأن العام، إداريا وتمثيليا وسياسيا يكسب المترشح مؤهلات واسعة وعميقة وخبرة حقيقية في التعامل مع الحالات والأوضاع الداخلية والدولية.

رهان آخر

قد لا يكون رهان المرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة بالضرورة التقدم للمنافسة الجدية على منصب الرئيس، وذلك بحكم القواعد التي تحكم البيئة السياسية والانتخابية في الجزائر، لكنهم في المقابل من ذلك، يراهنون على استغلال الحملة الانتخابية المنتظرة من أجل العودة للساحة السياسية التي تتسم بالفتور والسكون منذ أشهر، والبروز في المشهد العام ونيل قسط من القاعدة الانتخابية، بالإضافة إلى الحصول على مركز متقدّم في الساحة وتعبئة مزيد من المناضلين لصالح أحزابهم وتسويق خطابهم السياسي.

ومن هذا المنطلق، تأتي المناسبة الانتخابية لاختيار رأس هرم السلطة، فرصة للبعض من أجل إعادة البروز في الميدان، وتفعيل القاعدة الشعبية تحسبا لاستحقاقات أخرى ستنظمها الجزائر في غضون السنة المقبلة.

ساخنة أم باردة؟

يتوقع المتابعون للشأن السياسي، إعلان أسماء أخرى تقديم ترشيحاتها للمنافسة الرئاسية في الفترة المقبلة، سواء أكانت أسماء منضوية تحت غطاء سياسي (حزب) فاعل في الساحة، أو ضمنطيف سياسي يتشابه في اللون وينسجم في التوجه في شكل تكتلات تدعم مرشح عنها، أو تقدّم صكا على بياض لاسم من خارج دوائر التكتل.

وفي خضم ذلك، من المنتظر أن تحسم أغلبية كبرى الأحزاب السياسية في قادم الأيام موقفها من الانتخابات مثل حركة البناء الوطني التي تتوجه نحو دعم الرئيس عبد المجيد تبون وحركة مجتمع السلم التي تتوجه نحو تقديم مرشح من محيطها الداخلي، في مقابل أن جبهة القوى الاشتراكية (الافافاس) التي لم يتضح موقفها بعد من المشاركة في الانتخابات من عدمها، فضلا عن أحزاب الموالاة كجبهة التحرير الوطني وجبهة المستقبل والتجمع الوطني الديمقراطي التي ستفصل في موقفها النهائي، في إطار منافسة يمكن أن تكون ساخنة تارة بسبب نوعية المرشحين وباردة تارة أخرى بسبب مزاعم البعض التي تعتبرها منافسة شكلية لرئاسيات محسومة.