12-مايو-2022

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

بدأت ملامح مشروع "لم الشمل" أو المصالحة الوطنية تتّضح معالمها وصورتها أكثر في المشهد السياسي، حيث استقبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، شخصيات سياسية ووطنية بداية هذا الأسبوع.

لحسن خلاص: مبادرة "لم الشمل" توحي بتشكيل كتلة سياسية وطنية موسعة في أفق الاستحقاقات السياسية القادمة

 وينتظر أن تتوسع المشاورات لتمتد إلى أحزاب سياسية وفعاليات مدنية في قادم الأيّام، فهل يؤشر هذا التحرك السياسي تزامنًا مع تعديل حكومي قادم، يَجمع كافة المكونات السياسية الممثلة وغير الممثلة في البرلمان، أم يَرتبط المشروع بالتحضير إلى عهدة جديدة يتم الإعداد لها بهدوء؟

وفي إطار المشاورات السياسية التي شرع فيها رئيس الجمهورية، استقبل عددا من مثلي الأحزاب من بينهم رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، والأمين العالم لجبهة التحرير الوطني أبو الفضل بعجي، والأمين العام لحزب التجمع الديمقراطي الطيب زيتوني.

نحو حكومة وطنية؟

في سياق الموضوع، تعالت في الآونة الأخيرة أصواتٌ وجّهت انتقادات شديدة اللهجة إلى أداء الجهاز الحكومي، وضمن تلك الأحزاب حزبي جيل جديد وحركة البناء الوطني، اللذان استُقبلا من طرف الرئاسة الجمهورية، فقد أشار حزب جيل جديد أن الحكومة الحالية منقطعة عن الرأي العام، واصفًا قرارتها بالمتناقضة والقمعية.

في هذا الإطار، أوضح لحبيب براهمية، القيادي في حزب جيل جديد، أن لقاء سفيان جيلالي، رئيس الحزب مع الرئيس عبد المجيد تبون، كان فرصة لتناول مختلف المواضيع، طُرحت فيه جملة من الانشغالات والتساؤلات المجتمعية.

وأضاف محدث "التر جزائر" أن المحادثات تناولت الشقّ السياسي، والمحاور الاقتصادية، وتراجع القدرة الشرائية وهشاشة الوضع الاجتماعي، إضافة إلى الحديث عن الوضع الإقليمي والدولي.

وقال براهمية إن المناسبة سمحت أيضًا إلى عرض وجهة نظر حزب جيل جديد السياسية، وسُبل التواصل إلى حلول توافقية وتجاوز الأزمة، موضّحًا أن "الحزب متمسك بضرورة توفير شروط التهدئة السياسية، عبر اتخاذ جملة من الإجراءات كإطلاق سراح معتقلي الرأي، وفتح المجال الإعلامي أمام الأحزاب السياسية".

وزاد أن تعزيز الجبهة الوطنية وسط المخاطر الإقليمية، يتطلب علينا جميعًا البحث عن آليات التوافق والاجماع وتقريب وجهات النظر، على حدّ قوله.

وختم المتحدث أن حزب جيل جديد لم يستلم وثيقة أو أرضية تتحدث عن مشروع "لم الشمل"، موضحًا أن اللقاء مع الرئيس تبون جاء ضمن المشاورات السياسية.

التحديات السياسية المستقبلية  

من جانبه، قال لحسن خلاص، المحلّل السياسي، في اتصال مع "التر جزائر" إنّه مبدئيًا مهما كان الأمر؛ مشروعًا أو مسعىً للمصالحة، فلا يمكن أن يرفضه أيّ عاقل ناهيك عن رجل سياسي، على حدّ تعبيره.

ويرى خلاص أن التحدّيات بالنسبة إلى عبد المجيد تبون هي إتمام الفترة الرئاسية في مناخ أكثرً استقرارًا من الناحية السياسية.

هذا الأمر، يتجسد حسب خلاص من خلال انخراط أوسع في تجسيد خياراته السياسية، لافتًا الانتباه إلى أن "الرئيس أو محيطه الرسمي لم يصدر عنهما أيّ تصريح مباشرة أو وثيقة مطروحة للنقاش أو اللإثراء".

تقرير وكالة الأنباء الجزائرية، يقرؤه خلاص، بأنه يوحي بتشكيل كتلة سياسية وطنية موسعة، لمواجهة المرحلة المقبلة في أفق الاستحقاقات السياسية القادمة بداية من الرئاسيات 2024.

وأفاد محدث "الترا جزائر"، أن أي مبادرة سياسية مهما كان اسمها لا يُمكن أن تتجسد دون فتح المجال الإعلامي وإتاحة الفضاء للجميع ودعم التعددية السياسية وترسيخ ثقافة التعايش المشترك.

حكومة تكنوقراطية؟

في مقابل ذلك، استبعد محدثنا أن يكون التعديل الحكومي المرتقب له علاقة بالمشاورات السياسية الأخيرة، موضحًا أن الرئيس عبد المجيد تبون ليس مقتنعًا بحكومة ذات صبغة سياسية، بل من أنصار الحكومة التكنوقراطية ليس لها مرجعية سياسية، وحكومة تجسد برنامج الرئيس والقرارات والتعليمات التي تتخذ من خلال المجالس الوزارية، بحسب أقواله.

ويستطرد المحلل السياسي، أن مسألة التوافق والمبادرات السياسية هي من تقاليد النظام السياسي الجزائري: "النظام كلما شعر بأزمة تلوح في الأفق، أو ارتفاع في الاحتقان الاجتماعي، يبادر إلى أصدر العفو عن المعتقلين وسمح بالعودة إلى التراب الوطني لعدد من المعارضين المتواجدين بالخارج، إضافة إلى إصلاحات سياسية".

يأتي توقيت استقبال عبد المجيد تبون لبعض الوجوه السياسية تزامنًا مع إعلان عن وجود تغيير حكومي مرتقب

وعلى العموم، يأتي توقيت استقبال عبد المجيد تبون لبعض الوجوه السياسية تزامنًا مع إعلان عن وجود تغيير حكومي مرتقب، وقد يكون لهذه اللقاءات بين الرئاسة والشخصيات السياسية والوطنية، دفع سياسي وإعلامي ينهي حالة الركود والخمول في المشهد العام، ويعطي نفسًا جديدًا لحكومة أيمن عبد الرحمان، التي تعاني من أداء ضعيف رغم ارتفاع حجم التحديات الاقتصادية وعديد من الورشات العالقة.