توقّع البنك الدولي في تقريره الأخير، أن يصل نمو الناتج المحلّي للجزائر خلال سنة 2019 إلى نسبة 1.9 في المائة، مراجعًا بذلك تقديرات شهر كانون الثاني/يناير التي توقّعت أن تتراجع نسبة النمو إلى 0.4 في المائة.
يعيد البنك الدولي تراجع النمو في الجزائر إلى انخفاض أسعار النفط والصناعات النفطية
وأرجع البنك الدولي، في تقريرٍ نشره يوم الثلاثاء الرابع حزيران/ يونيو، تراجع النمو إلى انخفاض أسعار النفط والصناعات النفطية، نتيجة قرار منظمة أوبك، القاضي بتقليص الحصص الإنتاجية، رغم تسجيل نمو قوّي في الزراعة، والمنشآت القاعدية، ومجال الخدمات، كما جاء في التقرير.
اقرأ/ي أيضًا: 5 سلوكات شعبية تدلّ على "هوان" الدينار الجزائري
هنا، يقول الخبير الاقتصادي كمال سي محمد في حديث إلى "الترا جزائر"إن البنك الدولي يبقى متفائلًا بشأن توقّعاته، ومعدّل النمو هذه السنة لن يزيد عن 1.6 في المائة، معتبرًا أن قطاع المحرقات هو السبب الرئيسي في رسم نسبة النمو على حدّ تعبيره.
ويُشير المتحدّث، إلى أن معدّل السعر السنوي للنفط يتراوح ما بين 71 دولارًا إلى 64 دولارًا، رغم تراجع حجم الاستثمارات في المجال النفطي، وارتفاع نسبة التضخّم السنوية التي بلغت حدود 4.33 في المائة في السنة الماضية وتراجع القدرة الشرائية.
تراجع احتياطي الصرف
من جهته، كشف البنك الجزائري في مذكّرته الظرفية للسداسي الثاني من السنة الماضية، أن احتياط الجزائر من الصرف انخفضت إلى 79.88 مليار دولار في نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2018، مقابل 97.33 مليار دولار نهاية، 2017 أي أنّه تراجع بـ 17.45 مليار دولار.
وأضح البنك المركزي، في مذكّرة نشرها على وكالة الأنباء الجزائرية في الثالث حزيران/ يونيو الجاري، أن هذا التراجع "مرتفع قليلًا عن عجز الرصيد الكلّي لميزان المدفوعات، بسبب التثمين بحوالي 1.73 مليار دولار، المرتبط بانخفاض قيمة الأورو أمام الدولار في الفترة الممتدّة ما بين كانون الثاني/ ديسمبر 2017 والفترة نفسها من العام 2018".
المدفوعات والتجاري في الحضيض
الانخفاضات السنوية لاحتياطات الصرف، المرتبط بعجز الرصيد الكلي للمدفوعات، يعكس ارتفاع النفقات الداخلية الخام لمجموع العناصر الفعالة الاقتصادية حول الدخل الوطني، ما يعني ارتفاع الواردات مقارنة بالصادرات حسب تقرير البنك المركزي الجزائري.
وانعكست هذه الوضعية حسب المصدر نفسه،على عجز في الميزان التجاري، الذي انتقل من 14.421 مليار دولار في سنة 2017، إلى 7.418 مليار دولار في سنة 2018، أي سجّل انخفاضًا بنسبة 48.384 في المائة خلال سنتين.
في هذا السياق، يلفت الخبير الاقتصادي سي محمد إلى تراجع احتياط الصرف في 2018 بـ 17.45 مليار دولار، أي أنه أقل من سنة 2017 حيث انخفض بـ 21 مليار دولار، ويتوقعّ المتحدّث أن يتآكل احتياطي الصرف إلى 58 مليار دولار نهاية سنة السنة.
ترشيد الواردات
من جهتها، شرعت الحكومة الجزائرية في خطوة جديدة ترمي إلى صدّ استنزاف احتياطات الصرف، عبر ترشيد استهلاك الواردات، خاصّة في ترشيد استيراد قطع الغيار (CKD/SKD ) الموجهة لتركيب السيارات السياحية وكذا المجموعات الموجّهة لصناعة المنتجات الكهرومنزلية والالكترونية والهواتف النقالة، وقد بلغت فاتورة استيراد (CKD/SKD) الموجهة لتركيب السيارات خلال ثلاثة أشهر فقط ما يقارب 1 مليار دولار، و تم تكليف كل من وزير المالية ووزير التجارة بوضع تصوّر حول الآليات القانونية الكفيلة بالترخيص للمواطنين باستيراد السيارات المستعملة.
التبعية للمحروقات
ويُبرز الاستاذ مصطفى راجعي، رئيس معهد "هايك" للتفكير الاقتصادي في حديث إلى "الترا جزائر"، أسباب الهشاشة المالية التي تعيشها الجزائر إلى عوامل سياسية واقتصادية، موضحًا أن الاقتصاد الجزائري يعتمد كليًا على الموارد البترولية، موضحًا أن نسبة النمو ومواردها المالية، يعكسه حجم الاستثمارات الداخلية والخارجية الذي يبقى دون المستوى على حدّ تعبيره.
يستطرد راجعي: "الحكومة لم تشرع في تقديم إصلاحاتٍ اقتصادية، ولم تُحسّن مناخ الأعمال، إذ ارتفعت مؤشّرات الفساد، وأصبحت البلاد بيئة طاردة الأعمال، مليئة بالقيود، هي القيود الأساسية في وجه الاستثمار الدولي والمحلّي، كلّ هذا يسهم في خفض رقم النمو".
هناك عوامل أخرى تثّر على النمو حسب المتحدّث، وهي انخفاض الاستثمار الحكومي في المنشآت القاعدية، وتراجع الاستهلاك الاسري نتيجة انخفاض الـجور، وارتفاع الاسعار، وزيادة معدّل التضخم.
يعلّق راجعي عن تراجع في احتياطي الصرف، ويعتبر أن انخفاضه من 240 مليار دولار إلى80 مليار دولار، يعود إلى الإنفاق الحكومي المباشر على الاقتصاد منذ سنوات، في غياب الاستثمار الدولي أو الوطني، وربّما سنتكلم مستقبلًا عن الانكماش الاقتصادي لأوّل مرّة في الجزائر، على حدّ قوله.
تمرّ البلاد بمرحلة استنزاف وتصحّر، خاصة مع الحراك الشعبي
ويستمرُّ استنزاف الاحتياطي في دعم التجارة الخارجية، حيث تحوّلت عمليات الاستيراد إلى تصدير للعملة الدولية في حساب الشركات نفسها التي تقوم ببيع السلع لفروعها في الجزائر، خاصّة أن القروض الموجّهة للتجارة يتمّ تسديدها بالدينار الجزائري، وبالتالي فإن البلاد تمرّ بمرحلة استنزاف وتصحّر، خاصة مع الأزمة السياسية الحالية واستمرار الحراك الشعبي، حيث أن الأجواء مازالت مشحونة بالقلق والترقّب على مستوى المستثمرين المحليين والدوليين.
اقرأ/ي أيضًا:
مؤشر التنمية الشاملة.. المغرب ومصر تتذيلان الترتيب والجزائر تخلق المفاجأة