06-يوليو-2024
عدل

سكنات عدل باتت المطلب الأول للعائلات الجزائرية

في باب الوادي، وهو أحد الأحياء الشعبية بالجزائر العاصمة، تروى قصص العديد من المواطنين الذين اضطروا لإعادة ترتيب أولوياتهم المالية بعد إطلاق تسجيلات سكنات صيغة البيع بالإيجار المعروفة في أوساط الجزائريين بسكنات "عدل 3".

أحمد، أب لثلاثة أطفال، يعتبر واحدًا من هؤلاء المواطنين، فمنذ الإعلان عن بدء التسجيلات، قرر أحمد وزوجته تقليص مصاريفهم لأقصى حد، والتخلي عن العديد من الكماليات

 أحمد، أب لثلاثة أطفال، يعتبر واحدًا من هؤلاء المواطنين، فمنذ الإعلان عن بدء التسجيلات، قرر أحمد وزوجته تقليص مصاريفهم لأقصى حد، والتخلي عن العديد من الكماليات. يقول أحمد: "لقد اضطررنا للتخلي عن عطلتنا الصيفية هذا العام، سنقضيها في المنزل، كل دينار ندخره يذهب نحو الشطر الأول للسكن".

تضيف زوجته، فاطمة، أنهم كانوا يخططون لشراء سيارة جديدة، ولكن مع توقف الاستيراد الحالي، اضطروا لإلغاء هذا المشروع والتركيز على الادخار للسكن، مضيفة: "قررنا أن نستمر في استخدام سيارتنا القديمة، رغم أعطالها المتكررة فالأولوية الآن هي تأمين منزل لعائلتنا"، تقول فاطمة بنبرة مليئة بالتفاؤل.

ليلى، موظفة في إحدى الشركات الخاصة، تروي قصة مشابهة، كانت ليلى تحلم بالسفر هذا الصيف إلى إحدى الولايات الساحلية، ولكنها قررت تأجيل هذا الحلم لمستقبل غير محدد، مشددة: "فور سماعي عن تسجيلات السكنات، جمعت كل مدخراتي، كان عليّ أيضًا تقليص مصاريفي اليومية، حتى أنني لم أقتنِ خروف العيد هذا العام"، تقول ليلى وهي تتذكر موسم الأضحى الذي مر بدون الاحتفالات الاعتيادية.

محمد بومدين وزوجته وأولاده قرروا التخلي عن تناول الطعام في المطاعم كما تعودوا والتسوق للكماليات. تقول الزوجة، مريم: "أصبحنا نطبخ في المنزل ونحاول إعداد وجبات صحية واقتصادية، الأطفال يتفهمون الوضع ويساعدوننا في هذا القرار."

إجماع على ضرورة الادخار

كل هؤلاء المواطنين يشتركون في هدف واحد، وهو تأمين الشطر الأول لتكلفة سكنات "عدل" في صيغتها الثالثة التي تم فتح المنصة الرقمية للتسجيل بها رسميا الجمعة 5 جويلية/ تموز 2024، فالتضحيات التي يقومون بها اليوم تعكس آمالهم الكبيرة في الحصول على منزل مستقر وآمن لأسرهم، في ظل توقف استيراد السيارات وصعوبة الظروف الاقتصادية، حيث بات الادخار للسكن هو الخيار الأول للعديد من العائلات الجزائرية.

فقصص أحمد وليلى وعائلة بومدين هي مجرد نماذج من كثيرين آخرين يضحون بالرفاهية والراحة لتحقيق حلم السكن، فالسكن بالنسبة لهم ليس مجرد جدران وسقف، بل هو أمان واستقرار وأمل في مستقبل أفضل.

وتجسد هذه التضحية الجماعية الإرادة القوية التي يتمتع بها الشعب الجزائري للظفر بسكن وفق هذه الصيغة، خاصة وأن الحكومة أطلقت آخر صيغة من سكنات “عدل” سنة 2013 ولم تعد فتح باب التسجيل منذ ذلك الوقت، حيث يظهر الجزائريون اليوم القدرة على التكيف والتخلي عن الكماليات لتحقيق الضروريات، فقد تكون الظروف صعبة، لكن الأمل والإصرار يبقيان دائماً حاضرين في نفوسهم للظفر بمنزل لائق هذه المرة.

تجسد هذه التضحية الجماعية الإرادة القوية التي يتمتع بها الشعب الجزائري للظفر بسكن وفق هذه الصيغة

وفي ظل السعي الحثيث لتدبير الشطر الأول من مبلغ السكن، يضطر العديد من المواطنين للبحث عن مصادر دخل إضافية ووظيفة بعد الدوام.

 فكريم، موظف في إحدى الشركات، يقضي أمسياته في العمل مع شبكة "يسير" للسيارات، حيث يستخدم سيارته الخاصة كسيارة أجرة، يقول كريم: "بعد ساعات العمل الرسمية، أقضي وقتي في تقديم خدمات النقل لتوفير مزيد من المال للسكن."

سمية، أم لطفلين، تعمل في مجال البيع والشراء عبر الإنترنت، بعد خروجها من الوظيفة، تبيع مستحضرات التجميل والملابس عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تقول سمية: "الأمر متعب، لكنني ملتزمة بتحقيق هذا الهدف، فالسكن هو الأهم بالنسبة لي ولأسرتي."

وتعد هذه النماذج دليلاً على العزيمة القوية والإصرار لدى المواطنين الجزائريين لتحقيق حلم السكن رغم الصعوبات.

دفع الأشطر الأولى لسكنات "عدل" بداية 2025

ورغم أن المعطيات الدقيقة بخصوص تكلفة الأشطر المالية التي سيتم دفعها من قبل المكتتبين الجدد في صيغة عدل 3 لم تحدد بعد من قبل الحكومة، إلا أن ذلك لم يمنع وزير السكن والعمران محمد طارق لعريبي من التأكيد على أن هذه الأخيرة ستكون مدروسة وعقلانية.

وفي هذا الإطار، أكد الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي في إفادة لـ "الترا جزائر" أنه من الصعوبة تحديد تكلفة الأشطر المخصصة لسكنات عدل 3، غير أن الشيء المؤكد هو أن هذه الأخيرة ستعرف زيادة طفيفة مقارنة بالأسعار المطبقة قبل 12 سنة بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء وكذلك تكلفة الإنجاز التي ارتفعت هي الأخرى مقارنة بالسنوات الماضية.

الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي لـ "الترا جزائر" : "من الصعوبة تحديد تكلفة الأشطر المخصصة لسكنات عدل 3، غير أن الشيء المؤكد هو أن هذه الأخيرة ستعرف زيادة طفيفة مقارنة بالأسعار المطبقة قبل 12 سنة".

ويتوقع الخبير الاقتصادي أن دفع هذه الأشطر سيكون في متناول المكتتبين، خاصة في ظل الدعم الذي تقدمه الدولة لقطاع السكن والبرامج السكنية المختلفة التي تهدف إلى تخفيف العبء المالي عن المواطنين.

ويضيف الحيدوسي أن الحكومة تسعى جاهدة لضمان أن تكون هذه الزيادات في حدود المعقول، وأنها تتناسب مع القدرة الشرائية للمواطنين، كما توقع -محدثنا- أن تكون عملية دفع الشطر الأول لسكنات عدل 3 بداية السداسي الأول لسنة 2025 خاصة وان عملية تصفية الملفات ستأخذ وقت، قائلا:" توزيع السكنات واستدعاء المستفيدين لن تكون مثل سابقتها أي عدل 2 خاصة وان الدولة اكتسبت خبرة من العملية السابقة وبالتالي نتوقع أن تشهد العملية مرونة.

 هذا وسبق للنائب البرلماني عن الدائرة الانتخابية لولاية بسكرة عمر مسعودي وأن نشر توقعات بخصوص قيمة الشطر المالي الأولى لسكنات عدل 3 قائلا في منشور له على صفحته الرسمية أن قيمة الشطر الأول أن تتجاوز 30 مليون سنتيم، أو 300 ألف دينار وهو ما يساوي 2235 دولار .