يستعدّ الثلاثيني علي وأصدقائه الثلاثة للخروج في عطلة صيفية نهاية شهر آب/أوت أوت الجاري، بالذهاب في رحلة تخييم نحو إحدى الولايات الغربية للجزائر، وذلك بهدف تقليل التكاليف، وعيش تجربة خاصّة أصبحت تستقطب كثيرًا من الجزائريين في السنوات الأخيرة، خاصّة وأن العديد من النوادي الشبابية والجمعيات أصبحت تنظم خرجات للتخييم البرّي في عدة مناطق من الوطن في إطار تشجيع السياحة الداخلية.
بعدما كان التخييم البري نشاطًا غائبًا عن الجزائريين خلال التسعينات وبداية الألفية جراء الوضع الأمني الذي كانت تعيشه البلاد
وبعدما كان التخييم البري نشاطًا غائبًا عن الجزائريين خلال التسعينات وبداية الألفية جراء الوضع الأمني الذي كانت تعيشه البلاد، أصبح في السنوات الأخيرة من بين السلوكات التي دخلت قاموس الباحثين عن التنزه والتمتع بعطلة استثنائية في الطبيعة سواء في الغابات أو الوديان والشلالات أو بالجبال وشواطئ البحر.
إقبال
يؤكّد رئيس نادي "سيرتا" للمشي والتخييم بولاية قسنطينة منير بوجلال الذي ينشط ضمن جمعية معتمدة منذ 2018 أن التخييم أصبح من النشاطات التي تستهوي الجزائريين في جولاتهم السياحية، موضحًا في حديثه مع "الترا جزائر" أن هذا النشاط قد دخل ثقافة الجزائريين خاصة الشباب منهم.
ونظم النادي الذي ينتمي له منير يوم الجمعة نزهة تخييم إلى واد زهور الفاصل بين ولايتي سكيكدة وجيجل، حيث يشمل النشاط المشي في الوادي المعروف بنقاء مياهه العذبة، والسباحة به، وفق إعلان الجمعية المنشور على صفحتها بفيسبوك، والتي تحظى بمتابعة من قبل الباحثين عن التخييم البري.
وأشار منير إلى أن النادي ينظم رحلات للتخييم نحو الشلالات والوديان والينابيع والجبال والمرتفعات، مبينًا أن أهم شيء يجب مراعاته عند خوض التجربة هو أن يكون مكان المبيت قريبا من الماء وفي منطقة معروفة للسكان المحليين.
ولفت منير بوجلال إلى أن الخرجات التي تنظمها جمعيته تكون بعد الحصول على ترخيص من الجهات الأمنية حتى تكون على علم بوجود المخيمين في تلك المنطقة، إضافة إلى الاستعانة بدليل سياحي لد دراية بتفاصيل المكان الذي يتم فيه التخييم، وفق ما قاله لـ" الترا جزائر".
حتى العائلات
لم تعد نزهات التخييم تقتصر اليوم على الشباب الباحثين عن المغامرة والمتعة فقط، إنما أصبح هذا النشاط السياحي يجذب أيضًا حتى العائلات، وفق ما قالته إيناس بالي المنتمية لمجموعة شبابية بالعاصمة الجزائر تنشط في مجال خرجات التخييم لـ"الترا جزائر".
وأشارت إيناس إلى أن المجموعة التي تمثلها تتلقى عديد الطلبات للمشاركة في رحلات التخييم التي تنظمها، والتي تكون حتى من العائلات المحافظة بعدما لاحظت توفر الأجواء المناسبة التي تضمن لها الاحترام والهدوء والمتعة في آن واحد، وتراعي خصوصية المجتمع الجزائري.
وبينت إيناس أن وجهات التخييم تختلف حسب الفصول، والمناطق، فخلال هذا الصيف تم تنظيم رحلات تخييم إلى شلالات المدية وأوقاس ببجاية وسكيكدة، لمدة تتراوح من اليوم حتى الأسبوع الواحد.
وبدوره سجل منير بوجلال هذا الإقبال من العائلات بمختلف مكوناتهم من رجال ونساء وأطفال على نزهات التخييم، وبالخصوص بعد جائحة كورنا التي ساهمت في اكتشاف الجزائريين لبلادهم وتشجيع السياحة الداخلية، وفق ما أوضحه لـ"الترا جزائر".
اقتصاد
تؤكد إيناس بالي أن ما ساعد في إقبال الجزائريين من شباب وعائلات على نزهات التخييم هو مبلغها الرمزي الذي يتناسب مع القدرة الشرائية لكثير من الأسر والأشخاص، مقارنة بالأسعار الموجودة في الفنادق، وبالخصوص خلال فصل الصيف، إضافة إلى أن التخييم البري يوفر متعة خاصة من النادر عيشها داخل الفنادق.
وأشارت إيناس إلى أن التكاليف تختلف حسب الوجهة ومدة التخييم والخدمات الأخرى المقدمة من إطعام وكراء الخيمات، لذلك قد تبدأ من ألف إلى 1500 دينار، وترتفع حسب العوامل المذكورة آنفا.
وعلى سبيل المثال، بلغت تكاليف النزهة التي نظمها "نادي سيرتا" للمشي والتخييم إلى وادي زهور بين ألف دينار للبالغين و500 دينار للأطفال، واشتراط إحضار المشاركين لمستلزماتهم من غذاء وماء وملابس السباحة وحذاء خاص بالمشي في الماء، مع العلم أن بعض النوادي والجمعيات هي من تتكفل بتوفير الأكل وحتى الخيم لزبائنها.
وقدر منير بوجلال تكاليف التخييم بين 2500 و4000 دينار، والتي تشمل النقل والدليل السياحي، مع توفير ناديه لخدمة كراء الخيمة بسعر يصل إلى ألف دينار.
بلغت تكاليف النزهة التي نظمها "نادي سيرتا" للمشي والتخييم إلى وادي زهور بين ألف دينار للبالغين و500 دينار للأطفال
ولفت منير إلى إن مستلزمات التخييم أصبحت متوفرة اليوم في السوق الجزائرية، لكن سعرها يظلّ مرتفعًا لأنها مستوردة، حيث يصل سعر الخيمة حتى 15 ألف دينار، وكيس النوم قد يصل سعره إلى خمسة ألاف دينار.