حين أعلن الناخب الوطني جمال بلماضي عن القائمة النهائية للاّعبين الذين سيقع على عاتقهم تمثيل الألوان الوطنية في نهائيات كأس الأمم الإفريقية الجارية في مصر، ساد الأوساط الرياضية والشعبية تشاؤمٌ غير مفهوم، إذ رأى كثيرون أن المنتخب الوطني لن يذهب بعيدًا في العرس الإفريقي، معبّرين عن عدم اقتناعهم بالقائمة التي اختارها بلماضي.
تزايدت حدّة القلق بعد أداءٍ مخيّبٍ للخضر في مباراة حسمها التعادل ضدّ منتخب بورندي في أوّل امتحان ودّي قبل "الكان"
تزايدت حدّة هذا القلق؛ بعد أداءٍ مخيّبٍ للخضر في مباراة حسمها التعادل ضدّ منتخب بورندي المغمور، في أوّل امتحان ودّي قبل "الكان"، ليبلغ التشاؤم أوجّه بعد "فضيحة" اللاعب هاريس بلقبلة، لكن كل تلك التنبؤات زالت بعد بداية موفقة للخضر في أرض الكنانة، ليرتفع سقف الرهان إلى مطالبة جمال بلماضي بقيادة "الأفناك" للتتويج بالنجمة الثانية.
اقرأ/ي أيضًا: 5 أسباب لتفاؤل الجزائريين في أمم أفريقيا 2017
المحاربون من جديد
حين حطّ المنتخب الجزائري الرحال بالقاهرة قادمًا من الدوحة، أين خاض في معسكره التدريبي مبارتين ودّيتين، صرّح الناخب الوطني جمال بلماضي للإعلام أن المنتخب الجزائري ليس مرشّحا للفوز بالكأس الإفريقية، ولا يمتلك حظوظًا وفيرةً قياسًا بمصر ونيجيريا والمغرب ومنتخبات أخرى، لقد كان ذلك العامل محفّزًا للعناصر الوطنية للعب دون ضغط؛ إذ سيجدون راحة أكثر دون تقمّص ثوب المرشّح للفوز باللقب.
بداية المنافسة الإفريقية كانت موفّقة، بعد أن تخطّى رفاق رياض محرز بسلام فخّ المنتخب الكيني، لتصعد أسهم "محاربي الصحراء" بعد فوز مقنع بالأداء والنتيجة أمام أسود التيرانغا، وهي المباراة التي كان ينتظرها الجزائريون للحكم على قوّة فريقهم، بعد أن أرجعوا الفوز الأوّل لضعف المنتخب الكيني، لكن أداء الخضر في مباراة السنغال جعل الجزائر في مصاف المنتخبات التي كشّرت عن أنيابها مبكّرا في الدورة.
نال لاعبوا المنتخب الوطني قسطًا وفيرًا من المدح والثناء، سواءً من طرف الجزائريين على مواقع التواصل، أو من طرف المحلّلين في بلاتوهات التلفزيون. سماع تلك الأحاديث والتحاليل تُحيلك لنقطة مشتركة وهي الكلام عن عودة الروح للمنتخب الجزائري، وذلك الحماس الذي بدا واضحًا في طريقة اللعب، مؤشّرٌ غاب عن المنتخب منذ سنوات، في ظل توالي النتائج السيّئة وعدم استقرار في العارضة الفنيّة التي تداولت عليها خمسة أسماء منذ رحيل المدرّب البوسني وحيد حاليلوزيتش.
شخصية بلماضي
ورث جمال بلماضي منتخبًا منهكًا معنويًا، بعد تجربة فاشلة ميّزتها عديد المشاكل مع نجم الكرة الجزائرية رابح ماجر، الذي لم يوفّق في قيادة كتيبة المحاربين، وبعد أن وقع الاختيار على نجم مرسيليا السابق جمال بلماضي ليكون خليفة لصاحب "الكعب الذهبي" على رأس المنتخب، تفاءل متابعون بقدوم الرجل الذي صنع بسرعة فائقة اسمًا في مجال التدريب من بوابة الدوري القطري.
يجزم العارفون بخبايا الكرة الجزائرية، أنّ بلماضي سيعيد المنتخب إلى سكّة الانتصارات، مبرّرين ذلك لكونه شخصًا لا يحبّ الهزيمة حتّى في مباريات مع الأصدقاء، إذ أنه يملك شخصية صلبة ولن تفلح أمامه الضغوطات والإملاءات والانتقادات، كما أن قدومه من نفس البيئة التي قدم منها غالبية لاعبي الخضر وهي المهجر، سيجعله يحسن التعامل معهم من منطلق معرفته لثقافتهم وطريقة تفكيرهم حتى خارج ميدان كرة القدم، كما سيكون له دور كبير في التواصل مع نجوم المنتخب من منطلق أنه كان أيضًا أحد أبرز نجوم الجزائر في الماضي القريب.
انضباط تكتيكي
المتابع لمبارتي المنتخب ضد كينيا والسينغال، ستتّضح له طريقة اللعب الجميلة التي صار ينتهجها المنتخب في عهد جمال بلماضي، فالفريق صار هجوميًا ويمتلك جرأة أكبر في اللعب نحو الأمام وهي طريقة اللعب الجزائرية الخالصة، التي تتسم بالكرات القصيرة والتوغل عن طريق الأجنحة إحدى نقاط قوة الخضر عبر تاريخه الكروي، محاربو الصحراء أيضا يغلقون المساحات في نصف ملعبهم حين تكون الكرة لدى المنافس، ولديهم من الأسماء ما يؤهّلهم لتسجيل وصناعة الأهداف بعد استرجاع الكرات أو التحوّل من الدفاع إلى الهجوم.
إضافة إلى كل ذلك، اكتسب كل لاعبي الخضر ثقافة دفاعية، إذ يشارك الجميع في العملية الدفاعية بمجرّد فقدان الكرة على أرض الملعب، مما جعل الهجوم وخط الوسط يشكّلان خطًا دفاعيًا متقدمًا يمارس الضغط على المنافس ويسمح لخطّ الدفاع بتنظيم نفسه، فيما برزت أيضًا قوّة المجموعة أثناء اللعب أو في الحصص التدريبية.
أحيا جمال بلماضي آمال المشجّعين بفوز المنتخب الجزائري بكأس الأمم الإفريقية للمرّة الثانية بعد تسع وعشرين سنة
رغم وجود أسماء وازنة في المنتخب الجزائري، مثل ياسين براهيمي وإسلام سليماني فقدت أماكنها لصالح لاعبين آخرين، إلا أن ذلك لم يمنعهم من تقديمهم النصائح ومساعدة المجموعة، كما أظهرته عدّة صور أثناء المباريات، إنها اللحمة التي أعادها جمال بلماضي من جديد، مسترجعًا حلم الفوز بنجمة ثانية تضاف إلى قميص المنتخب، تجعله يتسيّد القارة الأفريقية مجدّدًا، بعد تسع وعشرين سنة كاملة من الغياب.
اقرأ/ي أيضًا: