21-أغسطس-2019

فريق نادي الدراجات الهواية (صفحة: BBA VÉLO CLUB/ فيسبوك)

باتت ولاية برج بوعريريج شرقي البلاد، الحاملة لـ رقم 34 في التقسيم الإداري الذي يضمّ 48 ولاية، من أكثر الولايات الجزائريّة مبادرة من طرف فعاليات المجتمع المدنيّ. وهي بهذا جديرة بلقب عاصمة الحراك الشّعبي، لولا عوامل معيّنة أدّت إلى تراجعه، خلال الجمعات الأخيرة.

تهدف حملة استعمال الدرّاجات الهوائية إلى التقليل من انبعاث الغازات الملوّثة ومصاريف الوقود والحظائر المحروسة

في هذا الإطار، بادر "نادي الدرّاجات"، الذّي يضمّ نخبة من الجامعيّين والفنّانين والنّشطاء في الولاية، إلى إطلاق حملة تهدف إلى نشر ثقافة استعمال الدّرّاجة الهوائيّة، "لتصبح عامّة فتجني المدينة ثمارها، منها التّقليل من انبعاث الغازات الملوّثة للهواء والاحتباس الحراريّ ومصاريف الوقود والحظائر المحروسة". كما ورد في المطويّة التوعويّة، التّي يسهر أعضاء النّادي على توزيعها في الشّوارع.

اقرأ/ي أيضًا: طبيب جزائري في مخيمات الروهينغا

لاقت الحملة استحسان الشّباب والمسنّين على حدّ سواء، فالتقى بعضهم، الجمعة، في ساحة القلعة، التّي تحوّلت مؤخّرًا إلى فضاء للنّشاط الثقافيّ، وشكلوا موكبًا من الدّرّاجات الهوائيّة مختلفة الأحجام، راح يجوب مفاصل المدينة، ويتوقّف أحيانًا لشرح طبيعة وأهداف المبادرة.

سأل أحدهم رئيس النّادي الفنّان نسيم ساسي، عن خلفيّة تنظيم التّظاهرة بالموازاة مع انطلاق مسيرة الجمعة السّادسة والعشرون، بما يشكّل تشويشًا عليها، رغم أنّ بعض أعضاء نادي الدّراجات متشبّعون بروح الحراك، فردّ بالقول إنّه على الجزائريّين أن يوسّعوا مفهوم الحراك، "فهو ليس حركة سياسيّة فقط، بل حركة ثقافيّة وحضاريّة وأخلاقيّة أيضًا. ويجب أن يأتي الهاجس البيئيّ ضمن الأولويّات".

يقول نسيم ساسي لـ"الترا جزائر" إنّ انخراط الجزائري في الهواجس والمبادرات، التي تتبنّى البيئة وما يتعلق بها يعدّ ضئيلًا ولا يرقى إلى المطلوب. يسأل: "لماذا لا نملك حزبًا أخضرًا في البرلمان، في الوقت الذّي تكاد فيه الأحزاب الخضراء تهيمن على برلمانات أوربا؟ لماذا يكثر الإمام الجزائري من الحديث عن شجرة الزّقّوم في الآخرة، رغم أهمّية ذلك في سياقه، ولا يلتفت إلى أشجار الدّنيا، التّي باتت تحترق على بعد خطوات من بيوتنا؟ لماذا لا نضغط على الحكومة، فتفرض استعمال الطاقة النّظيفة، في بلد يتوفّر على خزّان هائل من الطّاقات البديلة؟".

من هنا، يقول نسيم ساسي، ارتأينا أن نبادر إلى نشر ثقافة استعمال الدّرّاجة الهوائيّة عوضًا عن السّيّارة أو الدّراجة النّارية، خاصّةً في المدن الصّغيرة، التّي يمكن أن نجوبها في وقت قصير. يضيف: "علينا أن نناضل من أجل نقل بؤرة التّفاخر الاجتماعيّ من استعمال السّيّارة إلى استعمال الدّرّاجة، بناءً على الوعي العميق بالبيئة".

وفي حديث مع الفنّان إدريس بن شرنين، الذّي صادفناه يجوب المدينة بدرّاجته الهوائيّة، قال إنّ الجزائريّ اليوم بات يستعمل سيّارته أو سيّارة أجرة حتّى وهو ينتقل من شارع إلى شارع مجاور، "وهذا سلوك علينا تغييره مستغلّين الأزمة الماليّة، التّي بات يعاني منها الشّارع الجزائريّ مؤخّرًا، بحيث يربط استعمال الدّرّاجة بالتّقشّف الماليّ أوّلًا، وصولًا إلى ربطه بالحفاظ على الصّحة والبيئة لاحقًا".

وقدّم بن شرنين جملة من الاقتراحات منها إقناع المؤسّسات التّربويّة والأسر باختيار الدّرّاجة الهوائيّة لتكون هدية للمتفوقين في الدّراسة وللمحتفلين بأعياد ميلادهم، "إنّ اعتماد سياسة الإقناع المصحوبة بالإغراء تؤتي ثمارًا حميدة. وحملة نادي الدّرّاجين في برج بوعريريج واعية بأهدافها ووسائلها ونحن نراهن على هذا الوعي".

يسعى نادي الدرّاجات الهوائية إلى تكرار المبادرة في جمعات الحراك القادمة

وحسب انطباعات استحسان المبادرة، التّي رصدها "الترا جزائر" في الواقع وفي مواقع التّواصل الاجتماعي، فإنّ المبادرة مؤهّلة لأن تحظى بالاحتضان الشّعبي، في الجمعات القادمة، إذ سيتمّ تكرارها كلّ جمعة، بما يعزّز حظوظ الدرّاجة الهوائيّة في أن تكتسب حضورًا أكبر في الفضاء الجزائري.

 

اقرأ/ي أيضًا:

"ناس الخير".. روح المجتمع المدني الجزائري

"لقد سكنتنا الجزائر".. لقاء بشابين يطوفان البلاد على الأقدام