30-أكتوبر-2022

الصحافي أحسن خلاص (فيسبوك/الترا جزائر)

في حوار خص به "التر جزائر"، أبرز أحسن خلاص، المحلل السياسي، أهميّة انعقاد القمة العربية في الجزائر، والرهانات التي تواجه العالم العربي وسط التدافعات الإقليمية وجيو السياسية، وما هي قدرات الدول العربية من أجل فرض مكانته وإسماع صوته.

أحسن خلاص: من المفيد اليوم التطلع إلى نوع جديد من العلاقات بعيدًا عن الشعارات القديمة

وتحدث المحلل السياسي عن الواقع العربي اليوم وما هي سبل توحيد الصف العربي ولم الشمل الشعوب العربية، ومدى خطورة اختراق الكيان المحتل للجسد العربي.

  • ما هو وضع العلاقات العربية-العربية وسط هذا التدافع الإقليمي والتحولات العالمية التي نعيشها؟

أقل ما يمكن أن يقال عن الروابط العربية أنها هشة وملغمة، بل تحتاج إلى مقاربات جديدة، لإعادة بنائها تتجاوز تلك التي بنيت عليها خلال ما يقرب من ثمانين سنة مرت على إنشاء جامعة الدول العربية. هذه الروابط نشأت في ظل كفاح أغلب هذه البلدان ضد الاستعمار، فاكتسبت طابعا ثوريًا تحرريًا، كما تزامنت نشأتها مع غرس الكيان الاسرائيلي في قلب الجسم العربي، الذي كان يعاني من تداعيات مخطط سايكس بيكو ووعد بلفور.

لم يبق من هذا المشهد إلا بعض الصور التي يريد الكثير من البلدان التخلص منها، وتريد الجزائر وبلدان قليلة معها التذكير بها كمرجعية للعمل العربي المشترك. يبدو أنه من المفيد اليوم التطلع إلى نوع جديد من العلاقات أكثر موضوعية وابتعادًا عن الشعارات القديمة التي أعلن أغلب البلدان العربية أن الزمن عفا عنها. هناك مصير عربي مشترك يتعدى اليوم الموقف والعلاقة من الكيان الإسرائيلي، يتمثل في الحفاظ على حد أدنى من السيادة على الأرض وثرواتها وضمان الأمن الغذائي والأمن المائي والأمن الرقمي وإنشاء سوق عربية مشتركة وتنمية المبادلات وأشكال الشراكة مع احتفاظ كل بلد بمواقفه تجاه الغير لاسيما الصراعات الدولية القائمة اليوم بين الشرق والغرب.

ما هي أهم الملفات التي ستكون في صدارة القمة العربية؟

الوضع العربي اليوم ازداد سوءًا كما أسلفنا إلى الحد الذي يعتبر كل ملف ذا أولوية. هناك الوضع الداخلي للعديد من البلدان مثل ليبيا واليمن ولبنان وتونس والسودان وضرورة دعم المصالحة الفلسطينية، وفض النزاعات البينية وتوحيد الموقف تجاه القضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك مثل الحرب الاوكرانية وموقع العالم العربي في مخاض تشكيل النظام العالمي الجديد. لكن الأجدر في اعتقادي أن تطرح الملفات الاقتصادية في صدارة ترتيب الملفات.

  • كيف السبيل إلى توحيد الصف العربي وجمع الكلمة ولم الشمل؟

وزير الخارجية السيد لعمامرة تحدث عن تحدي الوجود العربي في عالم لا يرحم الضعفاء. العالم العربي يمتلك كل أسباب القوة والبقاء إذا ما تم تجميع هذه الأسباب ووضع آلية مشتركة لتفعيلها. لا يمكن توحيد الصف العربي اليوم بالشعارات بل يجب إنهاء الخصومات البينية فورًا ورفض أي تدخل أجنبي مع تشجيع الحوار السياسي العربي وبناء علاقات اقتصادية تأسيًا بالتكتلات الإقليمية الأخرى من أجل الوصول إلى اتحاد عربي تلغى فيه التأشيرات ويوحد فيه نظام التعريفات، ويعود التبادل الثقافي أفضل مما هو الآن. يجب تقريب الشعوب العربية قبل الأنظمة لإكساب الوحدة متانة أكبر.

  • تسعى القمة العربية إلى تعزيز مكانة الدول العربية إقليميا ودوليا، ما هي الأدوات الضرورية لفرض صوت عربي قوي يعكس مكانته وتاريخه؟

لابد أن يدرك العرب أنهم يملكون من الإمكانات ما يجعل قراراتهم أكثر استقلالية عن التأثيرات الخارجية، بما فيها تلك التي تأتي من الدول الكبرى، شريطة أن توجه التوجيه المناسب وأن تسود الثقة. لم تعد البلدان العربية اليوم في مرحلة المراهقة فقد نضجت واكتسبت تجارب ثمينة والعديد من البلدان اكتسبت قيادات جديدة قادرة على إبداع مقاربات جديدة ومتجددة للعمل العربي المشترك، كل هذه عوامل مهمة يمكن أن تؤهل العرب لإسماع صوت قوي مستقل، والمشاركة في الحوار الدولي القادم كقوة موحدة. ولا يتأتى ذلك إلا بالتوحد حول تحديات السيادة والأمن الدفاعي والغذائي والمائي والطاقوي والرقمي والتكنولوجي المشترك، واكتساب مناعة ضد التدخلات الخارجية.

  • تعد القضية الفلسطينية جوهر انعقاد القمة العربية، في رأيك كيف يتم دفع الملف من أجل قيام دولة فلسطين؟

 لا شك أن قمة الجزائر مكسب هام للقضية الفلسطينية التي تدحرجت في السنوات الأخيرة إلى المراتب الأخيرة من اهتمامات العرب، لاسيما بعدما غطى عليها ما عرفته المنطقة منذ عام 2011 فيما سمي بالثورات العربية. هاهي القضية اليوم تعود إلى الواجهة بعد إعلان الجزائر للمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، هذه المصالحة التي ستشرف الجزائر رفقة لجنة عربية على تجسيد بنودها في غضون عام. ينتظر أن تعطي القمة قوة أكبر ودفعا لهذا الإنجاز. ويمكن لموقف عربي مشترك من هذا الإنجاز أن يدفع المجتمع الدولي للسعي والضغط على الكيان الاسرائيلي في اتجاه قبول حل الدولتين. مباركة عربية لاتفاق الجزائر تعني إنهاء الانقسام إلى سلطة في الضفة وإمارة في القطاع وتوحيد السلطة وإعداد العدة لإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس.

أحسن خلاص: التطبيع مع الاحتلال هو البوابة المثلى للكيان الاسرائيلي للتدخل في الشأن الداخلي العربي ورهن السيادة

  •  هل سيتم إعادة تفعيل مبادرة السلام العربية 2002؟

في قمة بيروت تبنى القادة العرب مقترحًا سعوديًا تمثل في مبادرة السلام العربية، وضعت قبولها من طرف الكيان الاسرائيلي كشرط لإقامة السلام معه وهو الشرط الذي رفضه الكيان جملة وتفصيلًا، إلا أنه ومع ذلك سارع العديد من الدول إلى خرق هذا الشرط والتطبيع بل هناك من أقام معه اتفاقيات دفاع وتعاون أمني. كل هذا يجعل العودة إلى هذه المبادرة أمرًا صعبًا جدًا إذ يقتضي إعادة النظر في سياسة التطبيع والسلام مع هذا الكيان، وهذا لا أعتقده ممكنا في الوقت الحالي. ويعتبر التطبيع البوابة المثلى للكيان الاسرائيلي للتدخل في الشأن الداخلي العربي ورهن السيادة وازدياد النزاعات العربية.