30-يناير-2020

العلم الفلسطيني لم يغب عن مظاهرات الحراك الشعبي (تصوير: فاروق باتيش/ الأناضول)

اتّفقت ردود الفعل الجزائرية الشعبية، على استنكار الخطّة التي كشف عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المتعلّقة بالإملاءات الأميركية لتصفية القضية الفلسطينية، الموسومة إعلاميًا بـ "صفقة القرن"، حيث خلّفت رفضًا صارخًا واستهجانًا شعبيًا في الجزائر، تجسّد في تعاليقهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ودعواتهم للتنديد بهذه الصفقة في مسيرات الحراك الشعبي.

دعا الصحافي هشام موفّق إلى أن تكون فلسطين محور المسيرات الشعبية في الجزائر

ووضع نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، من حقوقيين وكتاب وإعلاميين، خاّصة على موقع فيسبوك، وسمًا خاصًا بهذه الخطوة حمل عبارة #لتسقط_صفقة_القرن.

وحدة عربية؟

حالة الغضب والاستنكار التي عبّر عنها جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي، تجسّدت في تعاليقهم ومنشوراتهم وصور بروفايلاتهم، هنا، يعلّق أستاذ العلوم السياسية محمد مجاهر، على صفحته بموقع فيسبوك قائلًا: "نعزّي الأمّة الإسلامية بمناسبة صفقة القرن، ونسأل الله أن يتغمّد الوحدة العربية بواسع رحمته.."

في مقابل ذلك، ورغم حالة الحزن والإحباط التي بدت في تعاليق بعض النشطاء الجزائريين، إلا أن هناك من اعتبر "صفقة القرن" مشروعًا وُلد ميّتًا، بمنطق أن ترامب أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، هنا، يشبّه الناشط الصغير سلام، هذه الصفقة بـ "الجبنة السويسرية التي تحتوي على فقاعات"، وترامب حسبه أعطى الجبن للإسرائيليين ومنح الفلسطينيين الفقاعات.

تتّجه بعض تعليقات الجزائريين، نحو التشديد على أهميّة الوحدة العربية، وتأثير الوضع السياسي الراهن الذي تمرّ به الدول العربية، على الوضع السياسي في فلسطين، وضرورة المقاومة ضدّ الاعتداءات، وهو ما تعبّر الناشطة رحمة ربيعي بقولها "لا بديل عن المقاومة والتوجّه الوحدوي".

من جهتها، دعت الناشطة الحقوقية فدوى لزعر، إلى ضرورة القيام بحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، للتنديد بالخطوة التي أقدم عليها الرئيس الأميركي، ونشرت الناشطة قميصًا مكتوب عليه "جزائريون ضدّ صفقة القرن".

دعوات كبيرة من الناشطين، إلى ضرورة إحياء القضية الفلسطينية المحورية في الأمّة، لأنّ المؤامرات كبيرة ووجب التغلّب عليها. في هذا السياق، يعبّر الناشط سعد الله كمال في تدوينة له، بأنّه "ستظلّ قضية فلسطين، من البحر إلى النهر، هي الترمومتر الأوّل، لقياس حيويّة الأمّة، وكلّما كانت القضية حيّة، كلّما كانت الأمّة في كامل حيويتها والعكس كذلك".

ارتفعت أصوات الجزائريين المندّدة بـ "الصفقة"، واهتم الرأي العام في الساعات القليلة الماضية، بما يدور حول القضية الفلسطينية، وهو ما لفت إليه الناشط هشام موفق، من خلال تدوينة له، داعيًا وسائل الإعلام الجزائرية، إلى تكثيف التغطية الإعلامية حول القضية لتوضيحها للمتلقّي، مشدّدًا على أن الجزائريين و"رغم اختلاف مشاربنا وخياراتنا المحليّة، متّحدون تجاه هذه القضية".

ودعا موفق في تدوينة فيسبوكية، "أن تكون فلسطين هي محور المظاهرات في الحراك الشعبي الجزائري". متسائلًا في الوقت نفسه، عن "التفاعل الباهت من قبل الأحزاب السياسية الجزائرية، والمنظّمات والشخصيات حيال ما يجري في فلسطين من مؤامرة خطيرة".

شرعنة الاستعمار

الترويج الإعلامي للخطة تحت مسمّى "الصفقة"، أثارت جدلًا هي الأخرى، فهي بحسب المنطق التجاري؛ فإنّ الحديث عن الصفقة، يعني "وجود طرفين مستفيدين منها" يقول الإعلامي مروان الوناس، لافتًا إلى أن الصفقة تتطلّب "تفاهمات ومفاوضات ولقاءات وتنازلات متبادلة من الطرفين"، مضيفًا في تدوينة فيسبوكية، أن أيّة تفاهمات، تُفضي في النهاية إلى التوصّل لاتفاق يكون محلّ رضا الجانبين".

لكن الناظر للبنود التي أعلنت عنها وثيقة ترامب، حسب الوناس، يُلاحِظ أن "صفقة القرن المزعومة، تغيب عنها كل مواصفات الصفقة، فهي مفروضة من جانبٍ واحدٍ كتبها، ووضعها شخص واحدٌ ومنحاز لطرف ضدّ آخر، لم يراع فيها في المبتدأ وفي المنتهى سوى مصلحة الجانب الإسرائيلي، وبالتالي فكلّ ما يبنى على باطل فهو باطل".

وأضاف أن "تفاصيل العرض الأميركي ما هو إلا تثبيت للاحتلال، وفرض سيطرته الكاملة على الفلسطينيين، مقابل حصول الشعب الفلسطيني على قطع أرضية متناثرة هنا وهناك ومناطق مشتتة وكيان ممزّق".

المُلفت أن الجزائريين متّفقون حول قضية فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، إذ تظلّ هذه المستجدات في الساحة الدولية، مسؤولية الأجيال لاسترجاع الحقّ للفلسطينيين، مثلما عبر عن ذلك الناشط محمد سليماني، فقال "إن معركة تحرير فلسطين، عقيدة ودين، وليست تربة وطين".

من جهته، حمّل الناشط أحمد محيجبة، الأنظمة العربية المستبدّة مسؤولية ما يحدث، وقال إنّها يجب أن تسقط حتى تنتصر القضايا العادلة، موضحًا في تدوينة له، أنه وجب أن تحل أنظمة شرعية في هذه البلدان حتى يعود المجد لقضايا الأمة الإسلامية، على حدّ قوله.

أما الكاتب جمال بنمنين فوصف "الصفقة"، بالتحديّ الذي يتطلّب ما بعده استجابة وردود فعل، مفيدًا أن "التحديّات هي من ستصنع الفارق وجب المواجهة عن طريق التقارب بين الفرقاء الفلسطينيين".

صفقة صهيونية

للإشارة، فإن مضمون " خطة السلام"، التي قدّمها ترامب بحضور رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، تنصّ على حسم القضايا الجوهريّة في الصراع لصالح إسرائيل. وعرض ترامب الخطة بشيء من التفصيل؛ مكونة من 181 صفحة، تكشف عن القدس عاصمة للكيان الصهيوني دون تجزئة، في خطوة جاءت بعد ادعاء أميركا أن القدس عاصمة الكيان الصهيوني، ونقلت سفارتها إلى هناك.

أحمد محيجبة: يجب أن تسقط الأنظمة العربية المستبدة حتى تنتصر القضايا العادلة 

كما اشترط ترامب، أن تكون الخطة "فرصة أخيرة للفلسطينيين، للحصول على دولة مستقلّة، فضلًا عن التنسيق مع الأردن من أجل ضمان العبادة في المسجد الأقصى، ووصول المسلمين للصلاة فيه، وتحديد أراض جديدة للفلسطينيين".