17-نوفمبر-2021

الكاتب إسماعيل ولد يعقوب ولد الشيخ سيديا (فيسبوك/الترا جزائر)

في حوار خص به "التر جزائر"، تحدث الكاتب والمحلّل السياسي الموريتاني، إسماعيل ولد يعقوب ولد الشيخ سيديا عن طبيعة العلاقات التي تجمع الجزائر وموريتانيا، وأهمّ التحدّيات الأمنية والاقتصادية التي تواجه البلدين، وسبل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين، وانعكاسات التنمية الحدودية على مستوى الأمن القومي وتراجع ظاهرة الغلو والتشدد الديني التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي.

إسماعيل ولد يعقوب: على المستوى السياسي والدبلوماسي يمكن للجزائر وموريتانيا استثمار جودة علاقاتهما من أجل بناء وحدة مغاربية

هنا، يرى ولد يعقوب أن موريتانيا تشكّل بوابة تجارية للجزائر على منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وهو ما يعِد، حسبه، بمستقبل واعدٍ في هذا المجال في ظلّ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، أما على الصعيد السياسي والدبلوماسي، فيعتقد المتحدّث، أنه يمكن للبلدين استثمار جودة علاقاتهما من أجل بناء وحدة مغاربية، تقوم على تعزيز المشترك، وتجاوز المختلف بشأنه من القضايا.

اقرأ/ي أيضًا: حوار| هشام دراجي: الجزائر محور استقرار المنطقة المغاربية والساحل الأفريقي

  • ماهي طبيعة العلاقات بين الجزائر وموريتانيا؟

العلاقات بين الجزائر وموريتانيا علاقات قديمة قدم البلدين، وتقوم على مرتكزات قويّة، يتكامل فيها السياسي مع الدبلوماسي، والأمني مع الاقتصادي إضافة إلى التاريخي واللساني والقومي.

ظلت هذه العلاقات تتعزز باطراد، خصوصًا خلال الأعوام الأخيرة حيث تعزّز المحور الاقتصادي والتجاري، ليعطي دينامية جديدة لهذه العلاقات، قائمة على أساس رابح - رابح؛ فالبلدان أصبحا يتبادلان المنتجات الاقتصادية والتجارية، بل إن موريتانيا شكلت بوابة تجارية للجزائر على منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وهو ما يعد بمستقبل واعدٍ في هذا المجال في ظلّ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، التي دخلت حيز التنفيذ مطلع  شهر كانون الثاني/جانفي الماضي، والتي يشكل تعزيز التبادل البيني على مستوى دول القارة أحد أهدافها الرئيسية. فضلًا عن ذلك فوشائج اللغة والعقيدة والجيرة والمصير المشترك ماثلة للعيان.

  • في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة ما هي التحديات التي تواجه كلا البلدين؟

على الصعيد الأمني، رغم استقرار البلدين في محيط إقليمي يطبعه الاضطراب، جرّاء عدم الاستقرار السياسي ببعض دول الجوار، وأيضًا تنامي هجمات الجماعات المسلحة، إلا أن تحدي الإرهاب يظلّ هاجًسا بالنسبة لموريتانيا والجزائر، وقد اكتوتا في السابق بنيرانه.

ومن هذا المنطلق، فإن التحدي يبقى مشتركًا للبلدين، وهما بحاجة إلى أن يعزّزا التعاون في المجال العسكري والاستخباراتي، ويكملا بعضهما البعض، من خلال تبادل الخبرات والتجارب.

ثم إنه على مستوى الحدود، تبرز مسألة الهجرة السرّية، لتشكّل كذلك أحد التحدّيات التي تواجه البلدين، بل إنها تشكل تحديًا مغاربيًا مشتركًا.

وهذا التحدي تمكن مواجهته بالعمل المشترك الثنائي ومتعدّد الأطراف، ذلك أنه يتجاوز في بعده وخطره - حاله حال الإرهاب - الفضاء المغاربي نحو أوروبا، ما يعطيه طابعًا دولًيا، يستدعي تضافر جهود كل الأطراف.

تنضاف إلى ذلك المعضلة الصحراوية التي طال عليها الأمد؛ ولمَّا يتقرر مصير الشعب الصحراوي فيها، والبلدان هما دولتا الطوق الصحراوي بامتياز وعدم استقرار الأقاليم الصحراوية فيها يعنيهما بشكل مباشر.

  • في رأيك كيف يمكن تفعيل وتنشيط الدور المحوري بين الجزائر ونواقشط؟

أعتقد أن تنشيط الدور المحوري بين موريتانيا والجزائر، يكون بتعزيز التعاون وتكثيف مجالاته، من خلال توسيع الشراكة وتنويعها، وإعطاء زخم للبعدين الدبلوماسي والاقتصادي، عبر تكثيف اللقاءات، بما فيها تلك التي تكون بين رجال أعمال الدولتين، لبحث الفرص الاقتصادية والتنموية.

وعلى المستوى السياسي والدبلوماسي يمكن للبلدين استثمار جودة علاقاتهما من أجل بناء وحدة مغاربية، تقوم على تعزيز المشترك، وتجاوز المختلف بشأنه من القضايا، وهو ما من شأنه تفعيل اتحاد المغرب العربي ليضطلع بالدور المنوط به، أسوة بباقي التكتلات الإقليمية، كالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "سيدياو" التي تعد رائدة في هذا المجال.

وعلى الصعيد الاقتصادي يمكن للبلدين أن يتكاملا ويبنيا قطبًا اقتصاديًا مشتركًا وفاعلًا، خصوصًا في أفق الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال، المرتقب إنتاجه عام 2023، والذي يمكن أن يفتح للبلدين نافذة على الفضاء الغرب الأفريقي.

كما أن معضلة العزلة وقلة السكان على الحدود المشتركة (شمال موريتانيا وجنوب الجزائر) يمكن التغلب عليها برفع الإشكال التنموي وتوفير الماء والكهرباء على الجانبين.

  • في ظل التوتر التي تشهده منطقة الساحل الأفريقي، كيف يمكن للجزائر وموريتانيا المساهمة في استقرار وأمن المنطقة؟

أعتقد أن للبلدين دورًا هامًا يمكن أن يسهم  في استقرار منطقة الساحل، وذلك من خلال تقاسم تجربتيهما في التصدي للإرهاب مع باقي دول المنطقة، خصوصًا وأن الجماعات الإرهابية الناشطة في الساحل في عمومها جماعات محلية، ما يجعل إمكانية أن تكون ذات الحلول، ناجعة لنفس المشاكل واردة.

وهنا يمكن للجزائر أن توسع دورها في منطقة الساحل، ليتجاوز مالي إلى باقي البلدان الأخرى، وتبني إسهامها بالتالي على ما حققت من دور طلائعي في مالي من خلال اتفاق السلم والمصالحة، الذي يشكل اليوم مرجعية للحكومة وللحركات الأزوادية.

كما يمكن لموريتانيا أن تعزّز دورها، ليتجاوز البعد العسكري، المتمثل في المشاركة بقوة دول الساحل الخمس، والتنموي ممثلًا في الرؤية المشتركة لدول الساحل، المنبثقة عن قمة تأسيس مجموعة دول الساحل الخمس التي احتضنتها نواكشوط عام 2015، لتقدم تجربتها في مجال الحوار مع السلفيين، كبعد من أبعاد استراتيجيتها الأمنية.

  • لموريتانيا تجربة طويلة في مجال مكافحة التطرف الديني، كيف يمكن الاستثمار في هذه التجربة؟

محاربة التطرّف تكون بإشاعة الاعتدال، وقد كانت لموريتانيا تجربة حديثة أثبتت نجاعتها من خلال فتح حوار مع السجناء السلفيين، حيث تراجع عدد منهم عن الأفكار التي كان يتبنى، وعلى أساسها حمل السلاح، وقاتل ضد بلاده.

ويمكن للبلدين على المستوى الثنائي وضع برامج وتصورات ثنائية مشتركة، تتصدى للغلو والتطرف في صفوف الشباب، وتحارب البطالة وانسداد الأفق في وجوههم، من إخلال إدماجهم وتوفير البدائل لهم.

إسماعيل ولد يعقوب: حيثما وجد الفقر والتهميش تصبح البيئة مواتية للتشدّد والبحث عن تجريب طرق جديدة، تكون في الغالب عبارة عن ردات فعل متطرفة غير محسوبة العواقب.

ويمكن كذلك محاربة الغلو والتطرف من خلال تعزيز البرامج الاقتصادية والتنموية الوطنية، ذلك أنه حيثما وجد الفقر والتهميش تصبح البيئة مواتية للتشدّد والبحث عن تجريب طرق جديدة، تكون في الغالب عبارة عن ردات فعل متطرفة غير محسوبة العواقب.

 

اقرأ/ي أيضًا:

حوار | نصيرة محمدي: ولّد الحراك الشعبي سلوكًا تحرريًا

حوار | الهادي بوذيب: العقل الجزائري تشكّل في سياق المقاومة ورفض الإذلال