21-أبريل-2024
المخرج الجزائري سمير شكور (فيسبوك/الترا جزائر)

المخرج الجزائري سمير شمور (فيسبوك/الترا جزائر)

يتحدّث المخرج سمير شمور، عن تجربته السينمائية "هوكدردام"، الفائز مؤخّرًا بالجائرة الأولى لمهرجان واسط السينمائي الدولي بالعراق، ويقول إن العمل روحاني يتطرق إلى عالم الخوارق في مجتمعاتنا، ويقدم رؤية فلسفية ويطرح عدّة أسئلة حول هذه الظواهر.

المخرج سمير شمور لـ "الترا جزائر": أنا مع التجديد السينمائي وتجربة شيء مختلف بالعودة إلى إبراز ثقافتنا الجزائرية الثرية

يعتبر المخرج أن تراثنا الجزائري غنيٌّ جدًا وخزان للثقافات والقصص والحكايات والأساطير، وأن أي تجديد في المجال السينمائي أو الخروج عن أنماط التصوير المعروفة، لا تجعله يتخلى عن الاشتغال على الموروث الجزائري.

  • بداية، حدثنا عن فيلمك القصير "هوكدردام"؟

الفيلم القصير "هوكدردام" هو عمل روحاني باللغة الأمازيغية، يتطرق إلى عالم الخوارق، بالعودة إلى ثقافتنا الجزائرية، وقد حاولت تقديم رؤية لهذا العالم، من خلال قصة شابة تستيقظ لتجد نفسها في غابة كبيرة وداخل هذه الغابة يوجد قلعة مهجورة تأوي إليها، فتحدث لها أشياء غريبة جدًا وتظهر عليها الاضطرابات والصراعات، وأشير هنا أن الممثلة تقمصت ثلاث شخصيات في العمل، دور الشابة العادية، ودور الجنية ودور المريضة عقليًا، لينتهي الفيلم أمام كتاب كبير ولكن صفحاته بيضاء.

  • لاحظنا أن بعض المشاهد اعتمدت على بعض التفاصيل الصغيرة في الثقافة الجزائرية، رغم أن بعضها الآخر كانت تبدو كأنها صُورت في دولة أوروبية؟

تراثنا الجزائري غنيٌّ جدًا وخزان للثقافات والقصص والحكايات والأساطير، وفي حكايات جداتنا سنجد كمًا هائلًا من هذه الثقافات الشعبية، ولكني حاولت من خلال هذا العمل تقديم رؤية فلسفية بعيد عن تفسيرات المعتقد والدين، وطرح أسئلة عقلية عن هذا العالم الخفي، هل هو موجود أم لا؟ هل ما يحدث لنا من خوارق حقيقة أو وهم؟

  • لماذا اخترت الحديث عن عالم الأرواح والخوارق في هذا العمل؟

هذا العالم لديه تفسيرات مجتمعية كثيرة، فيحن يصاب أحدهم بالجنون يحاولون معالجته بالطرق الروحانية وحين تفشل يهرعون به إلى الطبيب النفسي، ولكلٍ رؤيته في تفسير هذه الظواهر، وهو ما حاولت التطرق إليه في العمل من خلال مشهد "الجدب" أو ما يشبه الحضرة مثلما هو معروف في مجتمعاتنا، ويقال إنها طريقة لطرد الأرواح بعزف الموسيقى وضرب الدف وما شابه، وهناك في رؤيتنا ما يربط الجنون بالفن، حتى أن كثيرًا من الفنانين والمبدعين يتهمونهم بأن أرواحًا تسكنهم، حتى من خلال مشاهد الفيلم حين ذهبت الفتاة إلى المنزل المهجور، عزفت على البيانو والكمنجة بشكل هستيري.

المخرج الجزائري سمير شمور

  • هل هذا العمل هو تجربتك السينمائية الأولى؟

صحيح، هذه تجربتي السينمائية الأولى، ولقد حاولت كسر بعض الطابوهات، هناك جيل شاب، جيل ذهبي بحاجة إلى فضاءات إبداعية لإثبات نفسه، بعضهم لم يجد ذلك، هم بحاجة إلى عيش تجارب جديدة، وقدوة يقتدون بها، وفي هذا العمل حاولت تجربة شيء مختلف وكسر بعض النمطيات في صناعة الأفلام على أن يكون ذلك مرتبطًا بثقافتنا.

  • تسمية الفيلم "هوكدردام" تجلب الانتباه. ما معنى ذلك؟

"هوكدردام" هو اسم غريب فعلًا، ونستطيع أن نقول إنه اسم متخّيل، وباللاتينية ينطق بهذا الشكل، ولكني نطقه الحقيقي هو "هوشدردام"، وربما قد نجد ما يشبهها في الحضارات السحيقة باللغة السريالية القديمة، وهي لغة توحي إلى أصل الحضارات في العالم.

المخرج الجزائري سمير شمور

  • بالعودة إلى بعض المشاهد. أين صورت العمل؟

فضاء التصوير كان في غابة أكفادو أو جبال جرجرة، التي تقع ضمن الحديقة الوطنية جرجرة ما بين ولايتي تيزي وزو وبجاية، هذا بخصوص الفضاء الخارجي، أم الفضاء الداخلي للقلعة التي صُورت فيها المشاهد، فهي مختلفة قليلًا، فكل ما شهدناه من ديكورات كانت صناعة فنية من مادة البوليتسار، الجدران والبيانو والأثاث.

العمل مختلف من ناحية الديكور والرؤية وزاوية المعالجة، ويكسر القواعد السينمائية، وربما سيقول بعض الأكاديميين والنقاد إنني كسرت القواعد السينمائية، وهذا لأننا مازلنا في المدرسة القديمة، وهو أمر اعترض مخرجين سابقين في عالم السينما مثل ألفريد هيتشكوك، المخرج الذي تميزت أعماله بالغوص في أعماق النفس البشرية لاقى اعتراضات وانتقادات عنيفة في بادئ الأمر. أنا مع التجديد السينمائي وتجربة شيء مختلف بالعودة إلى إبراز ثقافتنا الجزائرية الثرية، فأنا مختص في السمعي البصري وقد نمت فيَّ مهنة التصوير منذ الولادة.

سمير شمور لـ "الترا جزائر": حاولت من خلال هذا العمل تقديم رؤية فلسفية بعيد عن تفسيرات المعتقد والدين

أود الإشارة أن هذا الفيلم حصل على 13 جائزة، هنا في الجزائر وفي الهند والبرازيل وعدد من الدول العربية، منها جائزة أحسن ممثلة وأحسن إخراج وجائزة لجنة التحكيم، ولدي الآن عملين آخرين؛ فيلم طويل وآخر قصير، انتهيت من كتابة السيناريو الخاص بهما كليهما، فالفيلم الطويل فهو يدور في التيمة نفسها حول عالم الأرواح في الصحراء الجزائرية، أما الفيلم القصير فتعود قصته إلى طرح أسئلة حول نشأة الإنسانية.