06-مايو-2022

(تصوير: نصر الدين زبار/ GETTY)

قال السفير الفرنسي الأسبق لدى الجزائر، كزافيي دريانكور، إن العلاقات الجزائرية الفرنسية خاصة جدًا، بالنظر لعوامل سياسية وتاريخية واجتماعية.

الدبلوماسي الفرنسي: تعديل اتفاقية 1968 بين البلدين الخاصة بانتقال الأشخاص ضرورة مُلحّة في الوقت الراهن

ووصف دريانكو، في حوار مع صحيفة لوفيغارو الفرنسية التعامل الفرنسي مع الجزائر بـ "الصعب والمتناقض".

الذاكرة..المهمة المستحيلة

وأكد دريانكور أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "كان له هدف، وهو إعادة تنشيط مشروع "معاهدة الصداقة" بين البلدين أو على الأقل اغتنام الفرصة "لتطبيع العلاقات مع الجزائر".

ووفق الدبلوماسي الفرنسي فإن ماكرون اعتمد في ذلك على المؤرخ بينجامين ستورا، "لكن الخطة لم تنجح لغياب تفاعل من الجانب الجزائري"، على حدّ تعبيره.

وأردف: "لقد أطلّ مستشار الرئيس الجزائري واعتبر الموضوع قضية فرنسية-فرنسية، هذه التصريحات أثارت خيبة أمل ومرارة في نفس الرئيس ماكرون فيما يتعلق بالجزائر".

ليوضّح "من هنا جاءت تصريحات إيمانويل ماكرون في تشرين الأول/أكتوبر 2021 حول "الريع التذكاري" هذه المرة فقط، ردت الجزائر بقوة، وحدثت أزمة ديبلوماسية يعلم تفاصيلها الجميع".

تناقض..

وعاد الديبلوماسي الخبير في تفاصيل الشأن السياسي في الجزائر، للحديث عن طبيعة العلاقات الجزائرية الفرنسية، قائلا: "كل الأزمات والخلافات لا تمنع وجود شكل من أشكال "التعلق"، فرنسا تستقبل طلبات كثيرة للغاية صادرة عن وزراء أو شخصيات جزائرية من أجل الحصول على تأشيرات دخول إلى فرنسا، أو الدراسة أو الإقامة والتملُّك".

وتابع: "بالنسبة للجزائريين، فإن فرنسا هي المستعمر السابق الذي ننتقده، لكنها أيضًا البلد المجاور حيث لكل فرد أخ، وجدة، وابن عم (..) أثناء انتقادنا لا ننسى البحث عن مكان في المدرسة الثانوية الفرنسية في الجزائر العاصمة أو في السوربون".

أما اقتصاديا، يرى دريانكور الذي مرّ على الجزائر كسفير لمرتين، الأولى بين عامي 2008 و2012، والثانية بين عامي 2017 و2020، أن المسافة تزداد هُوّة، ففي عام 2008، قدمت الشركات الفرنسية 16٪ من السوق الجزائري، واليوم هي 10٪ فقط، لقد تحول صُنّاع القرار الجزائري بشكل كبير إلى إيطاليا وإسبانيا وألمانيا وبالطبع تركيا والصين. ولكن عندما يتعلق الأمر بالصحة أو التعليم، فإن فرنسا هي الخيار الأول".

اتفاقيات للمراجعة

من جهة أخرى، كشف السفير الأسبق لفرنسا أن باريس تفاوضت مع الجزائر ثلاث مرات لتعديل اتفاقية 1968 بين البلدين الخاصة بانتقال الأشخاص، موضّحا: "كل المحاولات باءت بالفشل"، مشددا على "ضرورة مراجعة الاتفاقية بعد تغيّر الظروف والوقت".

ويرى دريانكور أن "تعديل الاتفاقية ضرورة ملحة، فاتفاقية 1968 جاءت لتسهيل حركة وتوطين الجزائريين في فرنسا في وقت كانت الأخيرة بحاجة لجلب العمالة الأجنبية، لكن الأمر اختلف الآن"، حسبه.

الحراك

وفي سياق مغاير، تحدّث كزافيي دريانكور على النظام الجزائري بعد الحراك الشعبي، مبرزا أنه "من الواضح أن ما يسميه الجزائريون أنفسهم النظام، وهو حُكمٌ مُبهمٌ ذو جوهر عسكري جزئيًا، لديه قدرة قوية على البقاء".

وأضاف: "مثّل الحراك رغبة حقيقية في التغيير بعد عشرين عامًا من حكم بوتفليقة. ففي ذروة الانتفاضة الشعبية، كان هناك ما يصل إلى 13 مليون متظاهر من أصل 44 مليون نسمة. ولكن تم إغلاق اللعب بشكل فعال وتم "احتواء الحراك" من قبل المؤسسة العسكرية".

وفي تصريحات سابقة، اعتبر دريانكور أن السلطات الجزائرية تستخدم فرنسا ككبش فداء، وكفزاعة لتوجيه الرأي العام، مؤكدا أن "الجزائر ستضل مناهضة لفرنسا خلال السنوات المقبلة".

وفي آذار/مارس الماضي، أصدر الديبلوماسي الفرنسي، مذكرات مساره الدبلوماسي في الجزائر، وحمل الكتاب عنوان "اللغز الجزائري.. مذكرات سفارة بالجزائر"، حيث تطرّق إلى تفاصيل مسيرته الدبلوماسية الطويلة في الجزائر.