انطلقت ثورة تحرير الجزائر، في الفاتح من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1954 بإمكانيات محدودة، تكفّل بها الشّعب نفسه. لكنّها استطاعت، بعد سنوات قليلة، أن تفرض نفسها عالميًّا، بصفتها ثورة عادلة وجديرة بالمساعدة، فحظيت بمساعدة ومآزرة الدّول والمنظّمات والشّخصيّات المؤمنة بحقّ الشّعوب في تقرير مصيرها.
إنّ الجزائر الرّسميّة والشّعبيّة فرّطت أحيانًا في تكريم وجوه ساهمت فعليًّا في مآزرة ثورة التّحرير
وتأتي شريفة مكّة والزّوجة الأولى لملك الأردن الحسين بن طلال وطليقته لاحقًا، وزوجة المناضل الفلسطيني العريق صلاح التعمري، الملكة دينا بنت عبد الحميد (1929 ـ 2019) في طليعة الشّخصيات العربيّة، التّي تبنّت خطاب الثّورة الجزائريّة، فاستقبلت نخبة من الطّلبة الجزائريّين في القاهرة، منهم محمّد بوخرّوبة، الذّي سيصبح لاحقًا رئيسًا للجزائر المستقلّة، تحت اسم هوّاري بومدين، وقبلت عرضهم بأن يكون يختها ناقلًا للأسلحة، التّي يحتاجها الثوّار في الجزائر.
اقرأ/ي أيضًا: رئيسة كرواتيا تثير الجزائريين.. إعجاب حقيقي أم حاجة سياسية؟
انطلق اليخت الذّي يحمل اسم الملكة نفسها، في ينّاير من عام 1955، من الإسكندريّة إلى النّاظور المغربيّة، من غير أن يتعرّض للتّفتيش من طرف الفرنسيّين، لأنّه يحمل طابعًا رسميًّا. ومن هناك تكفّل الثوّار الذّين أغرقوه طمسًا للأثر، بإدخال 300 بندقيّة و30 مسدّسًا وكمّية من الذّخيرة، بما أعطى دفعًا للثّورة عامًا فقط بعد اندلاعها.
من هنا، تفاعل الجزائريّون مع رحيل الملكة دينا بنت عبد الحميد، السبت، حسب نعيّ رسميّ صادر عن الدّيوان الملكيّ الهاشميّ الأردنيّ، بروح الاعتراف بالفضل على ثورتهم، التّي أدّت إلى الاستقلال الوطنّي عام 1962.
يقول النّاشط عبد الحميد براهيمي لـ"الترا جزائر"، إنّ الجزائر الرّسميّة والشّعبيّة فرّطت أحيانًا في تكريم وجوه ساهمت فعليًّا في مآزرة ثورة التّحرير، "وتعدّ الملكة دينا عبد الحميد واحدة من هذه الوجوه، التّي لم تحظ بالاحتفاء الجزائريّ المنسجم مع شجاعتها وكرمها في حقّ الثّورة والثوّار". في السّياق، ذكّر وزير الثقافة السّابق عزّ الدّين ميهوبي، في تغريدة له، بفضل الرّاحلة على الجزائريّين، ودعا إلى منحها وسامًا يليق بها.
هل ستبرمج وزارة المجاهدين التفاتة في حقّ الملكة دينا بن عبد الحميد؟
يذكر أنّ ثمّة وزارة في الحكومة الجزائريّة تسمّى وزارة المجاهدين. وتعنى بضمان حقوق المشاركين في ثورة التّحرير (1954 ـ 1962)، وتوثيق تاريخها والاحتفاء بوجوهها. فهل ستبرمج التفاتة في حقّ الملكة الرّاحلة؟
اقرأ/ي أيضًا:
قدماء جبهة التحرير.. "أفلانيون" رحّب بهم الحراك الشعبي
أوّل ملكة جمال سمراء من جنوب الجزائر تستفز العنصريات الدفينة