21-أبريل-2022
مائدة إفطار جامعية بشارع ديدوش مراد (تصوير: فاروق بتيش/أ.ف.ب)

مائدة إفطار جامعية بشارع ديدوش مراد (تصوير: فاروق بتيش/أ.ف.ب)

على مدار ثلاثة أعوام ترك علاء الدين "اللمة العائلية" ومائدة الإفطار في الرمضان، لينشط رفقة زملائه في توزيع الوجبات الرمضانية على المحتاجين والمشردين وعابري السبيل، حيث يَجُول صحبة أفراد جمعيته على المستشفيات، لتقديم وجبة إفطار ساخنة على المرضى وأفراد عائلتهم والطواقم الطبية.

يعد شهر رمضان عند الجزائريين مناسبة روحانية واجتماعية تتجسد فيها قيم ومعاني التضامن المجتمعي، واستعادة المبادرات الاجتماعية والإنسانية

علاء الدين شاب في العشرينيات من العمر، يَعمل في مجال الخدمات المعلوماتية، وينشط في جمعية ولائية على مستوى العاصمة، مقر الجمعية بلدية باب الزوار. يقول في حديث لـ “التر جزائر" إنه يُكرس شهر رمضان للعمل التطوعي والتضامني حيث يشكل الشهر بالنسبة له مناسبة للتآزر بين الناس.

وأضاف المتحدّث، أن العمل الجواري والخيري والتقرّب من الضعفاء والفئات الهشة أثمرت فضائله على الصعيد الشخصي والمهني "من خلال ملامسة الفئات الاجتماعية الأكثر حرمانًا، تتولد المشاعر الإنسانية، التي تملي عليك أداء الواجب الموطناتي تجاه المجتمع الذي تنتمي إليه، زيادة على الارتباط العاطفي مع الفئات الهشة".

ويردف المتحدث أن الاستعداد للتكفل بالمحتاجين، وعملية توزيع وجبات الإطعام وتنظيم توزيع ألبسة الأطفال، يتم تنظيمها مسبقًا في إطار العمل التضامني للجمعية خلال أشهر قبيل موعد رمضان.

تكثيف العمل الخيري  

يعد شهر رمضان عند الجزائريين مناسبة روحانية واجتماعية تتجسد فيها قيم ومعاني التضامن المجتمعي، واستعادة المبادرات الاجتماعية والإنسانية، على غرار توزيع المواد الغذائية على العائلات الفقيرة والمحتاجة، وتنظيم موائد الإفطار للصائمين وكذا توزيعها، وهذا قصد تعزيز التكافل والتضامن بين أفراد المجتمع.

هنا يقول سيد أحمد المكلف باللوجستيك على مستوى الجمعية، إن العمل التضامني والخيري يستلزم تجنيد الكفاءات والإرادات الخيرة وحسن التدبير والتنظيمن مضيفًا في حديث إلى "التر جزائر" أن العمل الخيري يحتاج إلى تأطير قانوني وتنظيمي ورسمي لكي يكون أكثر فعالية وينعكس بشكل إيجابي على المجتمع.

وزاد أن التأطير القانوني يساعد ويساهم في أداء رسالة الجمعية، معتبرًا ن العمل يَتضمن وضع خطة استباقية، يتم من خلالها إحصاء وجرد العائلات الفقيرة والهشة، وتحديد قائمة المواد الاستهلاكية الأساسية وتوقيت توزيعها.

وأشار أن أفراد الجمعية يُسخرون إمكانيهم الشخصية وسياراتهم، قصد توزيع المؤن والوجبات الإفطار على مستوى الولاية، وتحديد نقاط التوزيع بالتعاون مع جمعيات أخرى تنشط في مجال الخيري.

وتتعاون الجمعية مع بعض المقرات، التي تفتح مطاعم جماعية قصد تزويدها بالمواد الغذائية الأساسية وتوفير فرق العمل التطوعية. وعن عملية التمويل، قال ممثل الجمعية قبيل حلول شهر رمضان يتم التواصل مع المحسنين والتجار ورجال الأعمال لوضع وتحديد السلة الرمضانية وقيمتها المالية.

واستطرد المتحدث، أن الجمعية لا تقبل الإعانات المادية إلا من اشتراكات أعضائها بل تدعو المحسنين إلى تقديم المواد الغذائية الأساسية والألبسة والتطوع بكل الحاجيات والمستلزمات الأساسية.

كسوة العيد

في نفس السياق، تستعد "مؤسسة الجزائر المتحدة الخيرية"، الوقعة في حي الحياة بالعاصمة، إلى مباشرة حملة كسوة العيد لفائدة الأطفال المرضى بالسرطان واليتامى، وأبناء العائلات الفقيرة.

هنا، يقول أكسيل أورابح، ناشط ومتطوع بهذه الجمعية، إنه إضافة إلى مجموع نشاط المؤسسة المتمثلة في تقديم وتوفير الأدوية النادرة على مرضى السرطان والتكفل بهم، والعمل التطوعي على مستوى المستشفيات، أشرفت المؤسسة على تقديم الإفطار والتكفل بتوزيع الوجبات الساخنة على الطواقم الطبية والمرضى وعائلتهم.

وزاد أن نشاط المؤسّسة يمتد إلى تقديم الوجبات الغذائية على اللاجئين الأفارقة، وبعض المحاور ونقاط تجمع المسافرين وعابري السبيل، وتستقبل المؤسسة مساعدات وتبرعات من طرف كافة شرائح المجتمع، حيث أطلقت الجمعية نداءات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لإنجاح مشروع كسوة العيد.

رغم كل الصعوبات

 في مقابل ذلك، أبدى أكسيل أورابح في حديث لـ “التر جزائر" مخاوف من تراجع الحملات التضامنية والتكفل الاجتماعي في المستقبل، لو استمر الارتفاع الفاحش لأسعار المواد الغذائية الأساسية والتضخم المالي.

يوضح المتحدث أن الركود الاقتصادي وهشاشة الأوضاع الاجتماعية انعكست سلبًا على العمل الخيري والجمعوي، معتبرًا أن الأسباب تعود إلى انعكاسات الأزمة الصحية الواضحة على النشاط التجاري والاقتصادي على بعض رجال الأعمال والتجار، والذي سجّلا تراجعًا خلال السنتين الأخيرتين.

وأردف أنه لمس إرادة قوية وعزيمة لدى المحسنين في استمرار تمويل العمل الخيري، رغما الظروف المادية الصعبة، وإفلاس بعض التجار من المحسنين.

وكشف أن العائلات المتوسطة المساهمة في العمل الخيري سابقًا، تراجعت بشكلٍ ملفت الانتباه، إذ باتت الطبقة المتوسّطة في وضعية المحتاجة، بحسب أقواله.

وأرجع محدثنا أيضًا الصعوبات في التكفّل بالعائلات الفقيرة والمعوزّة بشكل أكمل، إلى ارتفاع تكاليف القفة الرمضانية وارتفاع الأسعار المواد الغذائية واللحوم البيضاء والحمراء والخضروات.

موضحًا أن سلة رمضان في السابق كانت تقدر بالمتوسط 5000 دج، أما اليوم فهي في حدود 10 آلاف إلى 15 ألف دج، والأمر ينطبق على الألبسة التي تشهد ارتفاعًا فاحشًا هي الأخرى.

ورغم ذلك قال الناشط الجمعوي أنهم يبادرون في العمل التضامني بشكل أكبر رغما كل الصعوبات المادية وتراجع المحسنين.

تجد الكثير من العائلات الفقيرة في الجمعيات الناشطة في الميدان ملجأً يساعدها على تجاوز تكاليف الحياة الباهظة

على العموم، تجد الكثير من العائلات الفقيرة في الجمعيات الناشطة في الميدان ملجأً يساعدها على تجاوز تكاليف الحياة الباهظة، ومخرجًا من الظروف الاجتماعية الصعبة، وبناءً على ذلك تناشد الجمعيات الميدانية السلطات العليا إلى مد يد العون إلى الجمعيات التي تنشط في الهوامش والأحياء الفقيرة، التي تؤمن وتأدي المهمة الرسالية يفرضها الإيمان والإحساس بالمواطنة، بدل التوزيع المادي الريعي لغير مستحقيه.