10-يناير-2020

تزايدت هجرة الجزائريين السرية نحو أوروبا بعدالانتخابات الرئاسية (الصورة: في بلادي)

شهدت الجزائر في الأيّام الأخيرة الماضية، توقيف عشرات المهاجرين السرّيين "الحراقة"، من طرف عناصر حرس السواحل، كانوا بصدد الانطلاق بواسطة قوارب مطاطية، من الشواطئ الجزائرية إلى الضفّة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط.

كثير من المهاجرين لم يقتنعوا بمشروع "الجزائر الجديدة"، الذي تحدث عنه الرئيس عبد المجيد تبون

تتزامن عودة موجة "الحرقة" نحو أوروبا، خاصّة من طرف الشباب الذين يمثّلون أكثر من 70 في المائة من سكان البلاد، بعد أيّام من تقلّد الرئيس الجديد عبد المجيد تبون الحكم، الأمر الذي يُحتّم عليه التسريع بتقديم إجراءات جديدة، من شأنها وقف تدفّق الشباب الجزائري إلى أوروبا.

اقرأ/ي أيضًا: المهاجرون الأفارقة في الجزائر.. شقاء الأحلام

أرقام مرعبة

تنقل بيانات وزارة الدفاع الجزائرية، اطلعت عليها "الترا جزائر"، أرقامًا صادمة عن الجزائريين، الذين أحبطت وحدات حرس السواحل عبر الشواطئ الجزائرية رحلتهم عبر قوارب الموت نحو أوروبا.

وأفادت وزارة الدفاع الثلاثاء الماضي، أن حرس السواحل بكلّ من ولاية الشلف وسكيكدة وبني صاف، أحبطوا محاولات هجرة سريّة، لـ 57 شخصًا كانوا على متن قوارب تقليدية الصنع.

وقبلها في الـ 4 كانون الثاني/جانفي الجاري، أحبط حرس السواحل محاولات هجرة سرّية لـ 46 شخصًا، كانوا على متن قوارب تقليدية الصنع، بكل من وهران ومستغانم وسكيكدة.

وقبلها بيوم واحد، أحبطت الوحدات العسكرية ذاتها، محاولة 151 مهاجرًا سريًا على متن قوارب مطاطية، بكلّ من وهران والطارف وتيبازة والشلف غرب البلاد.

يبدو أنه في حال ما استمرت "حرقة" الجزائريين، نحو القارة العجوز بهذا الشكل، ستسجّل أقام مرعبة خاصّة بالهجرة السرية، تفوق تلك المسجلة في 2019، والتي وصلت إلى إحباط 3053 محاولة هجرة سريّة عبر البحر، وإنقاذ 331 آخرين في عرض البحر بعد غرق قواربهم.

أزمة ثقة

يبدو أن استمرار الرحلات عبر قوارب الموت نحو أوروبا، مردّه عدم اقتناع كثير من الجزائريين بالمسار السياسي الذي تشهده البلاد، فأفواج المهاجرين السرّيين التي توقفت مع الأسابيع الأولى للحراك الشعبي، الذي انطلق في الـ 22 شباط/فيفري الماضي، عادت الصيف الماضي واستمرّت حتّى فصل الشتاء، الذي في العادة لا يشهد رحلات نحو الضفّة الأخرى للمتوسّط بسبب اضطراب الطقس.

ويظهر أن من اختاروا طريقة شقّ البحر لرسم مستقبلهم في الخارج، لم يقتنعوا أيضًا حتى الآن بمشروع "الجزائر الجديدة"، الذي تحدث عنه الرئيس الجديد عبد المجيد تبون، بالنظر إلى أن هذه الموجة الحديثة للهجرة، تأتي بعد أقلّ من شهر من انتخابه رئيسًا للبلاد.

ووعد تبون في خطابه بتوفير مناصب شغل للجزائريين، خاصّة الشباب منهم، عبر دعم المؤسّسات الصغيرة والمتوسّطة، مع استفادتهم من تسهيلات ضريبية، وبدا ذلك واضحًا من خلال استحداث وزارات في حكومة الوزير الأوّل عبد العزيز جرّاد، تتعلق بالمؤسّسات الناشئة وحاضنات المؤسّسات والكفاءات الجزائرية بالخارج.

في مقابل ذلك، نقلت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيّام الماضية، فيديوهات لجزائريين وصلوا إلى إسبانيا  ينحدرون من ولاية الشلف غرب البلاد.

ولا تقتصر هجرة الشباب على الذين يعانون شبح البطالة، بل الأمر مسّ فئات أخرى، قد لا تكون تعاني عوزًا مثل لاعب اتحاد الحراش السابق أمين خيثر، الذي فقد أثره في رحلة سرّية نحو إسبانيا.

البحث عن الحلول

سيكون على الحكومة الجديدة التعجيل بإيجاد الحلول المناسبة لوقف ظاهرة الهجرة السرّية، التي صارت تفتك بكثير من الجزائريين سنويًا، والتي لم تعد تقتصر اليوم على الشباب فقط؛ بل إن العديد من التقارير الأمنية والصحافية أكدت في عديد المرات، وجود أطفال ونساء ضمن رحلات "الحرقة".

تشير التقارير، إلى أن الحكومة بات عليها اليوم أن تتخلّص من الاعتماد فقط على الحلّ الأمني، المتمثّل في التصدي لكل محاولة بالهجرة غير القانونية، لأنّ التجربة أظهرت أنّه غير كافٍ لاحتواء الظاهرة.

وفي هذا الإطار، أدانت محكمة عين تموشنت في الـ 7 كانون الثاني/جانفي الجاري، 12 متهمًا في شبكة لتنظيم رحلات الإبحار السرّي، بأحكام تتراوح بين شهرين حبسًا موقوفة النفاذ، وثلاثة سنوات حبسًا نافذة، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية.

سيكون على الحكومة الجديدة التعجيل بإيجاد الحلول المناسبة لوقف ظاهرة الهجرة السرّية

وتصدر هذه الإدانات أسبوعيًا من محاكم مختلفة، ورغم أهميّتها وضرورتها، إلا أنها تبقى غير كافية بالنظر إلى أنها تكون أحيانًا غير رادعة، بسبب قصر مدّة الحبس، وكذا بالنسبة لأنّ علاج الظاهرة اجتماعي واقتصادي وحتى سياسي في الأصل، ما يوجب على الحكومة معالجة الوضع العام في البلاد على كلّ المستويات، وإنهاء حالة الغموض والأفق المجهول الذي يعيش فيه الجزائريون.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

المهاجرون الأفارقة في الجزائر.. شقاء الأحلام

ترجمة | الهجرة السرّية إلى الجزائر.. أكبر مما تستقبله أوروبًا يوميًا