21-فبراير-2024
بن جامع

عمار بن جامع، الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة (تركيب: الترا جزائر)

لقيت الفقرة الأخيرة من كلمة مندوب الجزائر الدائم للجزائر لدى منظمة الأمم المتحدة عمار بن جامع تفاعلًا واسعًا عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بعدما وصف شهداء فلسطين بشهداء الجزائر، وأكّد إصرار بلاده على طرح مشروع قرار جديد أمام مجلس الأمن  لوقف العدوان على غزة، بالرغم من وجود الفيتو الأميركي الرافض لأي مبادرة توقف حمام الدم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

الإجماع على مشروع القرار الجزائري بشأن وقف فوري لإطلاق النار في غزة خرج من مجلس الأمن الأممي، رغم إسقاطه بالفيتو الأميركي،  إلى منصات التواصل الاجتماعي

وتخلى بن جامع في لحظة فارقة عن قبعة الدبلوماسي، معبرًا بروح جزائرية ثورية عن الإصرار في بذل كل الجهود لجعل مجلس الأمن يتبنى مشروع القرار الجزائري المتعلق بوقف حرب الإبادة في غزة.

خاتمة تاريخية

وجاءت هذه الفقرة في كلمة بن جامع خلال جلسة التصويت على مشروع القرار الجزائري في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة، والذي لم يعتمد للمرة الثالثة بسبب الرفض الوحيد المتمثل في الفيتو الأميركي.

وتضمنت خاتمة بن جامع فقرة جاء فيها "أقول للجميع، سندفن شهداءنا هذا المساء بفلسطين، والجزائر ستعود غدًا باسم الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم، ومعنا أرواح آلاف الأبرياء التي أزهقها المحتل الإسرائيلي، ستعود الجزائر لتدق أبواب مجلس الأمن وتطالب بوقف حمام الدم في فلسطين ولن نتوقف، فلنا نفوسًا لا تمل وعزيمة لا تكل".

وشكل هذا الجزء من المداخلة المقطع الذي نشره حساب الأمم المتحدة على منصتي "إكس" وفيسبوك، بالنظر لقوته، ولشبه الإجماع الذي يحظى به مشروع القرار الجزائري من قبل أعضاء مجلس الأمن.

واعتبر الصحفي مهدي مخلوفي في منشور على فيسبوك مداخلة بن جامع أنها "كلمة للتاريخ عبّر من خلالها مندوب الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع عن موقف بطولي نابع من عقلية ثورية اتجاه القضية الفلسطينية".

وغرّد مراسل قناة العربية في الأمم المتحدة قائلا: "إنّ الجزائر التي صاغت مشروع قرارها المطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتفاوضت عليه لثلاثة أسابيع، اصطدمت جهودها الحميدة وللأسف اليوم بالفيتو الأميركي في مجلس الأمن."

وواصل: "استمعوا إلى كلمتي مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة قبل التصويت وبعده باللغتين الإنجليزية والعربية. كلمات قوية ومؤثرة من السفير الجزائري عمار بن جمعة، في شهره الثاني في عضوية هذا المجلس، ممثلًا للمجموعة العربية".

اهتمام واسع

رغم أن الجزائريين في الغالب لا يهتمون كثيرًا بنشاطات الهيئات الدولية، كونهم مقتنعين أنها فقدت شرعيتها وتعتمد ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا العربية والعادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، إلّا أن مداخلة بن جامع جعلت وسم مجلس الأمن ضمن المواضيع الأكثر تداولًا في الجزائر في الساعات الأخيرة، وبعدد تغريدات تجاوز رقم 47 ألف إلى حد كتابة هذا المقال.

وتصدّرت أوسم  محكمة العدل الدولية، التي قدم فيها الوفد الجزائري، الثلاثاء، أيضًا مداخلة تصبُّ في خانة وقف العدوان على غزة، وفلسطين والولايات المتحدة، والشيطان الأكبر (في إشارة إلى الولايات المتحدة) ضمن المواضيع التي شدت اهتمام الجزائريين في الساعات الماضية، وهي كلها مرتبطة بمداخلة بن جامع ومشروع القرار الجزائري أمام مجلس الأمن.

وعلى محرك البحث "google" كانت كلمة مجلس الأمن من بين المواضيع التي بحث عنها الجزائريون في الساعات الماضية سواء باللغة العربية أو الفرنسية، وفي عدة ولايات من البلاد، والأمر ينطبق أيضًا على الكلمات الدلالية الأخرى المستعملة مثل "بن جامع"، فيما تظل فلسطين وغزة ضمن الملفات التي تشكل أبرز المواضيع التي يهتم بها الجزائريون على محرك البحث ذاته.

تمثيل مختلف

وما شدّ المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي هو أن التمثيل العربي عبر مجلس الأمن أصبح مختلفًا منذ بداية عضوية الجزائر غير الدائمة في مطلع هذا العام، لأنه يُعبر عن الشارع العربي عكس ما كان سابقًا، بالنظر إلى أن هذا الموقف كانت تمثله في السنتين السابقتين الإمارات المطبّعة مع الاحتلال الصهيوني.

وكتب أحمد داود معلقًا: "بغضّ النظر عن الفيتو الأميركي لكن ما ميًز مشروع القرار الجزائري عن سابقيه حتى الذين تقدّم بهم ممثل المجموعة العربية أنه لا يساوي الضحية بالجلاّد، ولا يدعو إلى إطلاق المحتجزين بدون الأسرى الفلسطينيين، ولا يُدين المقاومة الفلسطينية وحقها الطبيعي في أن تُقاوِم الاحتلال. الجزائر صاغت المشروع بتفاصيل مهمة وواضحة مبنيةً على مبادئها".

وغرّد المدون المغربي حميد المهداوي قائلا: "كلمة سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة للأمانة تاريخية في مواجهة مباشرة مع الفيتو الأميركي... هناك دول تهرول لأميركا لمجرد تغريدة في تويتر. أصدح بالحق".

وعلق التونسي جلال الورغي الذي يشغل منصب مدير المركز المغاربي للبحوث والتنمية على كلمة بن جامع قائلًا إنها "الجزائر التي نُحب".