24-يونيو-2019

قناة دزاير نيوز توقّفت عن البث بشكل مفاجئ (فيسبوك/ الترا جزائر)

كانت الأجواء حزينة في مقرّ المجمع الإعلامي "الوقت الجديد" بالعاصمة، الذي تعود ملكيته لرجل الأعمال علي حداد القابع في السجن على خلفية الأحداث السياسية الأخيرة، إذ فضّل صحافيو وعمّال المجمّع الصمود ضدّ قرار غلق فروعه بسبب المتاعب المالية التي يواجهها، إذ يضمّ المجمّع جريدتي وقت الجزائر بنسختيها العربية والفرنسية، وقناتي دزاير نيوز  ودزاير. تي. في.

صحفيو وعمّال مجمّع "الوقت الجديد" لا يتحمّلون تبعات توقيف مالكه رجل الأعمال علي حداد

احتجاجًا على قرار غلق فروع المجمّع، وتسريح ما يقارب 400 موظف؛ نظّم صحافيو وعمّال المؤسّسات الإعلامية التابعة له، تجمعًا يوم الأربعاء الماضي 19 جوان/ يونيو أمام دار الصحافة "طاهر جاووت" بالعاصمة، تلته وقفات احتجاجية أخرى أمام إدارة المجمّع، مطالبين السلطات العمومية بالتدخّل قصد إيجاد مخرج للأزمة التي تهدّد بغلق مؤسّساتهم.

اقرأ/ي أيضًا: حرّية الصحافة في الجزائر.. ضحك على الذقون

يواجه مجمّع "الوقت الجديد"، صعوبات مالية منذ فترة طويلة، أثّرت على وتيرة دفع الرواتب للصحافيين والعمّال، وازداد الأمر تأزمًا بعد إيداع مالكه رجل الأعمال علي حدّاد الحبس، إذ يواجه عدّة تهم متعلّقة بالفساد.

ورفع عمّال 'الوقت الجديد" التحدّي ضدّ قرار غلق المؤسّسة تحت شعار"مستمرّون وصامدون"، عبر بث مفتوح ومباشر طيلة يوم السبت 22 جوان/ يونيو، وتمّ توجيه دعوة مشاركة لكل الصحافيين والسياسيين والناشطين، قصد التعبير عن التضامن والمساندة مع عمّال وصحافيي المجمّع.

 في هذا السياق، عبّر آمين حران أحد مذيعي قناة دزاير نيوز في تصريح لـ "الترا جزائر"، عن أسفه للوضعية التي وصل إليها المجمّع، مؤكدًا، أن صحفي وعمّال المجمّع لا يتحمّلون تبعات توقيف وحبس مالكه، فالكل يضيف المتحدّث "يشهد بالأداء المهني والموضوعي والاحترافية في تقديم الرسالة الإعلامية  للقناة". ويتأسّف آمين حرّان "عن قطع الإشهار العمومي، دون مراعاة وضعية ومصير العمّال"، داعيًا "السلطات إلى التفكير في وضع آليات تحمي مستقبل المجمّع والعمّال قبل كل اعتبار".

خلفيات قرار الغلق

قرار غلق فروع "الوقت الجديد"، جاء بعد التزام مالكي المجمّع بالشروع في مفاوضات التخلّي عن أصول المجمّع لمستثمر جديد، أو أيّ متعامل يريد شراء الدعائم الإعلامية التابعة لها.

وفي بيان وقّعه عبروس أوتودرت، المدير العام للمجمّع، أكدّ أن المؤسّسة حاولت إيجاد مخطط إعادة هيكلة لها، بدمج بين القناتين وتسريح بعض العمال، لكن الوضع المالي وشحّ المصادر التمويلية الأخرى جعل من كل هذه الحلول دون جدوى.

وتعود أسباب الوضع المالي الصعب الذي يعيشه المجمّع؛ إلى توقيف الرئيس المدير العام للمجمع علي حداد، أحد مقربي شقيق الرئيس السابق سعيد بوتفليقة، وضعية انعكست عن سحب كلّي للإشهار العمومي والخاص ونقص  في الموارد المالية.

عقوبات السلطة

مصادرة حرّية التعبير وغلق القنوات الإعلامية ليست ظاهرة جديدة في الجزائر، إذ عرفت قنوات إعلامية في السابق إجراءات وقرارات تقضي بغلقها وتشمعيها، أو قطع مصادر التمويل عنها، لأسباب يرجّح أنها سياسية.

كانت قناة الأطلس، أوّل قناة يتمّ غلقها بعد فتح المجال السمعي البصري، وتمّ توقيف إرسال بثّ القناة بشكل فجائي في 2 مارس/آذار سنة 2014 ، مع حجز معدّاتها وتشميع مقرّها الواقع في منطقة بئر خادم بالعاصمة، وتميّزت قناة الأطلس بتغطيتها الخاصّة للمظاهرات المعارضة لترشيح عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، وفُتح فضائها الإعلامي لحركة "بركات" المعارضة بقوّة لترشيح عبد العزيز بوتفليقة.

قناة "الوطن" الفضائية عرفت هي الأخرى التجربة والمصير نفسهما، بعدما طالبت وزارة الاتصال من والي العاصمة غلق القناة وحجز معداتها وتشميع مقرّها، دون المرور على القضاء، وكان مبرّر الغلق، هو عدم حصول القناة على ترخيص قصد ممارسة النشاط، وبحسب التقارير الاعلامية، فإن خلفيات الغلق جاءت بعد استضافة القناة للشيخ مدني مزراق، الأمير السابق لما يعرف بـ الجيش الإسلامي للإنقاذ"، أحد التنظيمات المسلّحة في التسعينات، و انتقاده للرئيس بوتفليقة.

وكان جعفر شلي مالك قناة الوطن، أكّد أن مدني مزراق، تم استقباله من طرف رئاسة الجمهورية في مشاورات حول تعديل الدستور سنة 2014، واعتبر حينها شخصية وطنية بحسب بيان الرئاسة، وأن حجّة استضافته غير قائمة على حدّ تعبيره.

أما مسألة الترخيص، فقد ذكر جعفر شلي حينها، أن كل القنوات على غرار قناة الوطن خاضعة للقانون الأجنبي، متسائلًا عن خلفيات استهداف قناته وتسريح 170 عامل في المؤسّسة.

يُجمع كثير من الصحافيين على فكرة عدم التعاطي مع مجمّع "الوقت الجديد" انطلاقًا من خلفيات سياسية

احتجاج صحافيي "الوقت الجديد"، تجاوب معه كثير من الصحافيين والإعلاميين على مواقع التواصل الإجتماعي، إذ أجمعوا على عدم إقحام الصراحات السياسية في العمل الإعلامي، خاصّة وأن وسائل الإعلام التابعة له تعاملت مع الأحداث السياسية باحترافية، ولم تقع في فخ الإنحياز والتوجيه بحسب متتبّعين.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الصحافة الجزائرية تودع أحد رجال الجيل الذهبي

مطالب بتصنيف الصحافة ضمن المهن الشاقة في الجزائر