أفرجت الحكومة أخيرًا عن المراسيم التنفيذية المعدلة للقوانين الأساسية الخاصة بالأساتذة الجامعيين والنظام التعويضي الخاص بهم، بعدما كانت مقررة نهاية العام الماضي، في خطوة ينتظر منها أن تجنب قطاعي التعليم العالي والصحة أي اضطرابات واحتجاجات في الفترة المقبلة.
الدكتور عبد الصمد سعودي لـ "الترا جزائر": الزيادات في الأجور تنطلق من 6 ألاف دينار في الراتب بالنسبة للأساتذة المساعدين، وتصل إلى 45 ألف دينار للحاصلين على درجة بروفيسور
ولقي التشريع الجديد ترحيبًا من الشركاء الاجتماعيين بما أنه سيساهم في تحسين القدرة الشرائية لنخبة المجتمع، في انتظار ان تنعكس نتائجه على رفع مستوى التعليم الجامعي وتوسيع دائرة البحث العلمي.
تعديلات
صدرت في العدد 18 من الجريدة الرسمية المراسيم التنفيذية المعدلة للقوانين الأساسية الخاصة بالأستاذ الباحث الاستشفائي الجامعي والأستاذ الباحث والباحث الدائم.
ويشير المرسوم التنفيذي المعدل والمتمم، المتعلق بالقانون الأساسي للأستاذ الباحث الاستشفائي الجامعي, إلى أن هذه الفئة "تتمتع, في إطار ممارسة مهامها في التدريس والتكوين والبحث, بالحريات الأكاديمية في حدود احترام القيم الجامعية ودون المساس بالثوابت الوطنية والنظام العام وميثاق أخلاقيات وآداب المهنة الجامعية".
وبموجب هذا النص، يتعين على الأساتذة الباحثين الاستشفائيين الجامعيين "ضمان خدمتي التدريس والبحث, حيث يوزع حجم العمل المرجعي المرتبط بهما بالمناصفة، مع مراعاة حجم العمل المرتبط بممارسة أنشطة الصحة".
أما القانون الأساسي المتعلق بالأساتذة الباحثين فيوضح أنهم "يوظفون بصفة متربصين لمدة سنة تجريبية, يلتزمون خلالها بمتابعة تكوين يستهدف تعميق كفاءاتهم ومهاراتهم الشخصية والبيداغوجية ليتم بعدها الإعلان عن ترسيمهم".
وتضمن المرسوم أيضًا كيفيات تحويل الأساتذة الباحثين, المساعدين منهم والمحاضرين, والمهام المنوطة بهم وشروط التوظيف والترقية.
وأما المرسوم التنفيذي المتضمن القانون الأساسي للباحثين الدائمين الذين يضمنون نشاطات البحث العلمي والتطوير التكنولوجي شروط الترقية والمهام الموكلة لهم وتصنيف رتب أسلاكهم.
وتضمنت الجريدة الرسمية ذاتها صدورالمراسيم التنفيذية المعدلة والمتممة, المتضمنة تأسيس نظام تعويضي لفائدة الفئات الثلاثة المذكورة.
وأوضح عضو المجلس الوطني لأستاذة التعليم العالي الدكتور عبد الصمد سعودي في حديثه مع "الترا جزائر" أن التعديلات التي تضمنها النظام التعويضي على سبيل المثال نلمس فيها محاولة الحكومة لدعم الاستاذ الجامعي، باعتباره يمثل نخبة المجتمع ويستحق مكانة أكبر داخله، حيث جاءت التعديلات الجديدة لإعادة الروح لهذه الفئة العمالية الخاصة.
وأشار سعودى أن النظام التعويضي الجديد حمل في مادته الرابعة تعديلات مقارنة بالنص السابق الصادر في 2010 تتعلق برفع منحة الخبرة من 4 إلى 7 في المئة، إضافة إلى تغييرات في منحة التوثيق التي تم بناؤها وفق الرتبة العلمية.
ولفت سعودي إلى أن المادة 5 تضمنت منحة خاصة بالبيداغوجيا، ورفع منحة التأهيل تصاعديًا، مبينًا أن الزيادات المترتبة على هذه الزيادات تنطلق من 6 ألاف دينار في الراتب بالنسبة للأساتذة المساعدين، وتصل إلى 45 ألف دينار للحاصلين على درجة البروفيسورية.
مكاسب
ثمنت الاتحادية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي صدور التشريعات الجديدة المتعلقة بالقوانين الأساسية للأساتذة الجامعيين والأنظمة التعويضية الخاصة بها، لذلك وجهت النقابة المنضوية تحت لواء المركزية النقابية، ووجهت في هذا الإطار رسالة للرئيس تبون تشكره على وفائه بتنفيذ التزاماته المتعلقة، يإصدار قانون أساسي جديد للأستاذ الجامعي.
ورأت النقابة أن أهم ما جاء به النظام التعويضي للأستاذ الجامعي الذي سيطبق بأثر رجعي من الفاتح كانون الأول جانفي 2024 هو "رفع منحة التٱطير بنسبة 25%، ومنحة التأهيل بـ 20% ، ومنحة التوثيق إلى 9 ألاف دينار؟.
وأشارت الاتحادية إلى "جعل رتبة أستاذ مساعد أ رتبة آيلة للزوال، والتوظيف حصريًا بالدكتوراه، والترقية في الدرجة الدنيا آليًا لأستاذ التعليم العالي والأستاذ المحاضر- أ والمتوسطة والدنيا للأستاذ محاضر- ب، إضافة إلى أن حالة الوضع تحت التصرف سيتم تقنينها وتصبح وضعية قانونية".
واعتبر عضو المجلس الوطني لأستاذة التعليم العالي الدكتور عبد الصمد سعودي في حديثه مع "الترا جزائر هذه المراسيم مكسبًا للأسرة الجامعية، خاصة القانون الأساسي، بالنظر إلى التغييرات التي مسته، والمتعلقة بنظام العمل في الجامعة، وعلاقة الأستاذ الجامعي بالجانب البيداغوجي والعلمي، وعدد الساعات والأسابيع المحددة للعمل خلال الموسم الجامعي الواحد.
وأشار سعودي إلى النسخة الجديدة للقانون الأساسي تضمنت إجراءات الترقية، ودعم روح المقاولاتية في الجامعة، والتوجه نحو تعميم استعمال اللغة الانجليزية، مبينا أن الزيادات المالية لكل الفئات وإن تتفاوت بدرجات، إلا أن احترمت سلم الرتب العملية وسنوات الخبرة.
أول اختبار
لحد الآن، مر صدور القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية للأساتذة الجامعيين بسلام، حيث لم تبد أي نقابة اعتراضها على ما تضمنته التشريعات الجديدة، لتكون الحكومة قد نجحت في اختبارها الأول المتعلق بصدور القوانين الأساسية المتعلقة يعدة قطاعات.
ولم تعرف مرحلة صياغة قوانين أساتذة التعليم العالي جدلا كبيرا، باستثناء القوانين المتعلقة بالأساتذة الاستشفائيين الذين شددوا على ضرورة تحسين وضعية الأطباء لوقف هجرتهم المتواصلة إلى خارج البلاد.
وسيعطي هذا الهدوء الذي صاحب إصدار هذه القوانين مزيدا من الثقة للحكومة للإفراج عن القوانين الأساسية المتبقية الخاصة بممارسي الصحة العمومية وموظفي الشؤون الدينية، والتربية.
وكانت الحكومة قد وعدت أن تصدر هذه التشريعات قبيل نهاية 2023، ثم تأجلت إلى شباط/فيفري، لتؤجل اليوم إلى تاريخ يبقى غير معلوم، وبالخصوص في قطاع التربية، حيث ما تزال عدة نقابات غير راضية عن النصوص التي اطلعت عليها، ورأت في ما تسرب لها أن القانون الأساسي المنتظر لا يعطي الأستاذ القيمة المجتمعية والتعليمة التي يستحقها.
وحذر تكتّل النقابات المستقلة لأسلاك التدريس الأسبوع الماضي في بيان من "استمرار الغموض المطبق الذي يكتنف ملف القانون الأساسي الخاص بالأستاذ، وإصرار القائمين على وزارة التربية الوطنية على مواصلة انتهاجهم لسياسة الهروب نحو الأمام، من خلال الانغلاق والتعنت المعتمدين".
تكتل النقابات المستقلة لفت إلى خطورة الانحياز الممنهج لفرض الهيمنة الإدارية على حساب العملية البيداغوجية التعليمية
ولفت التكتل إلى "خطورة الانحياز الممنهج لفرض الهيمنة الإدارية على حساب العملية البيداغوجية التعليمية ومن الإقصاء المغرض للأستاذ وممثليه، ومن جملة سلسلة العروض المرتبطة بملف القانون الأساسي الخاص بالأستاذ والتي لا تخدم ولا تجسد مخرجات مجالس الوزراء وتصريحات رئيس الجمهورية والمتمثلة في الأستاذية مهنة وليست مجرد وظيفة، والمعلم مربٍّ وليس موظفا وفقط".