12-ديسمبر-2019

رئاسيات الجزائر عرفت نسبة مقاطعة واسعة (تصوير: رياض كرامدي/أ.ف.ب)

أغلقت مكاتب الاقتراع أبوابها وسط مشاركة وصفها رئيس سلطة الانتخابات محمد شرفي بالمقبولة، وأعلنت السلطة المستقلة للانتخابات عن نتائج أصوات المواطنين الذين اختاروا التوجّه لمكاتب الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد بعد تسعة أشهر من عزل بوتفليقة عن الحكم، ما أسفر عن فوز عبد المجيد تبون، في استحقاق انتخابي أقيم وسط ظروف وصفها كثيرون بغير المواتية، ممّا أنتج واقعًا انتخابيًا متناقضًا. جزائريون يصوّتون، آخرون يغزون الساحات والشوارع، وطيف مقاطع تمامًا واصفًا الانتخابات الرئاسية بأنها لا حدث.

شهدت منطقة القبائل مقاطعة واسعة للانتخابات الرئاسية في الجزائر

أوراق في الصندوق وأخرى على الأرض

كان من الواضح أنّ حدّة التصعيد زادت في الأسبوع الأخير قبل الانتخابات، خاصّة في منطقة القبائل، حيث كانت بوادر المقاطعة تظهر جليّة منذ البداية، بعد أن تمّ غلق مكاتب الانتخابات في البلديات والدوائر، ليليها بعد ذلك تحطيم صناديق الاقتراع في كلٍّ من تيزي وزو وبجاية والبويرة، وبعض المناطق من ولاية سطيف ما أدّى إلى إلغاء الانتخابات بها، خاصّة أن بعضها تعرّض إلى عمليات تخريب. ووصل الأمر لحدّ إحراق المندوبية المحليّة للسلطة المستقلّة لتنظيم الانتخابات في البويرة شرقي العاصمة.

في تلك المناطق اختار المواطنون أن يرموا أوراق الانتخاب على الأرض، عوض وضعها في المكان المخصّص لها وهي الصناديق الشفّافة التي تحوّلت إلى حطام في ساحات المدارس الابتدائية التي تتحوّل في كلّ موعدٍ انتخابي إلى مراكز اقتراع.

بوتفليقة ينتخب..

قد تكون الصورة الأكثر تداولًا في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، هي لحظة دخول شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث أدلى ناصر بوتفليقة بصوته في مركز البشير الإبراهيمي بالأبيار، كما قام بالتصويت بالوكالة لشقيقه عبد العزيز، وهو ما أثار جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث غرّد جزائريون بتعليقات فيها الكثير من التهكّم، فمنهم من قال إنّ بوتفليقة انتخب أحد تلاميذه السابقين، وبأنّه أراد أن يُشارك في التغيير ويساهم في انتخابات الجزائر الجديدة، بينما ذهب آخرون بالقول إن ناصر بوتفليقة يزكّي انتخابات من عزلوا شقيقه الأكبر وسجنوا شقيقه الأصغر.

جدل آخر، أحدثه شريط فيديو لربّوح حداد، شقيق رجل الأعمال المسجون علي حدّاد، والذي تقدّم لأحد مكاتب الاقتراع للإدلاء بصوته، لكن كاميرات الصحافيين وأعينهم ترصّدته عند خروجه، فراح يخفي وجهه، وينهر مصوّرة بإحدى القنوات، وخرج من المركز مُهرولًا كمن ارتكب خطيئة ما.

تفاعل روّاد مواقع التواصل مع الفيديو بالقول، إنّ ربوح صوّت في انتخابات أشرف عليها من سجنوا أخاه وحكموا عليه بسبع سنوات حبسًا نافذًا قبل يومين، بينما حلّل آخرون الأمر بأنّ ربّوح حداد يكون اختار المرشّح الذي سيُفرج عن شقيقه؟

غرائب انتخابية

لم يخلُ هذا الموعد الرئاسي من بعض الغرائب والطرائف، أبرزها كان منشورًا نشرته إحدى الجزائريات، التي رأت صدفة جدّها ينتخب على شاشة قناة خاصّة، فكتبت على فيسبوك "يا إلهي، هذا لا يصدّق، الشيخ الذي يظهر في الفيديو هو جدّي، وقد توفي قبل أربعة سنوات، لا أصدّق أنهم يفعلون هذا"، وهو ما اعتبره روّاد مواقع التواصل الاجتماعي أنّه دليل فضح الإعلام الذي يحاول إيهام المواطنين بكثافة التصويت بصوّر قديمة من انتخابات سابقة، وذلك لإخفاء حدّة العزوف الذي عرفته هذه الانتخابات في الحقيقة.

صورة أخرى حامت حولها بعض الأسئلة والشكوك، والتي بثتها قنوات عمومية وخاصّة منذ ساعات الصباح الأولى، والتي تظهر شبابًا يصطفون أمام مكاتب الاقتراع في مدنٍ عديدة، هنا اعتبر متابعون أنّ هؤلاء على الأرجح هم أعوان أمن من الجيش أو الشرطة، قائلين: "يبدو أن ليس هناك لا شيوخ ولا كهول ولا نساء في هذه المدينة، كلّهم شباب في العمر نفسه تقريبًا، كلهم حلّقوا لحاهم، ألا يوجد بين هؤلاء من أطلق لحية ولو خفيفة؟".