11-يونيو-2023
صورة السجن

سجن مامرتينو (الصورة:Getty)

في آخر زيارة له إلى إيطاليا،شهر أيار/ماي من العام الماضي، قام رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون،  بزيارة سجن مامرتينو الذي سُجن فيه الملك النوميدي يوغرطة وألقى نظرة على الموقع الأثري الذي يضم شواهد حضرية بالعاصمة الإيطالية روما.

فتح الروائي الإيطالي ريكاردو نيكولاي  صفحة جديدة من كتاب التاريخ المشترك بين الجزائر وإيطاليا ليشتغل على قصة الملك النوميدي يوغرطة وحكاية أسره في أعتى السجون الرومانية

وقبله، زار وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة، المنطقة الأثرية في قلب العاصمة الايطالية روما، والتي تعدّ مكان سجن وإعدام ملك نوميديا يوغرطة، الذي قاد حربًا ضروسًا ضد الرومان.

حينها كتب لعمامرة على تويتر: "قطعة من تاريخ الجزائر الممتدة جذوره في قلب روما. آخر مكان سجن وقتل فيه ملك نوميديا يوغرطة ابن سيرتا وحفيد ماسينيسا سنة 104 قبل الميلاد، بعد حرب ضروس ضد الرومان دامت سبع سنوات".

سجن

كتابُ التاريخ

بعد روايته عن الأميرال علي بتشين وقصته المذهلة التي جعلت من أسير ٍ إيطاليٍّ قائدًا للبحرية الجزائرية في العهد العثماني، فتح الروائي الإيطالي ريكاردو نيكولاي  صفحة جديدة من كتاب التاريخ المشترك بين الجزائر وإيطاليا، ليشتغل على قصة الملك النوميدي يوغرطة وحكاية أسره في أعتى السجون الرومانية بعد أن تم تصنيفه كأكبر أعداء روما.

يروي نيكولاي في حديث لـ "الترا جزائر"، أنه "كان مدعُوًا لحفل في مقر السفارة الجزائرية في روما، وحين كان بصحبة سفير الجزائر في إيطاليا سنوسي بريكسي في حديث جانبي،  بدأت السماء تمطر، وفجأة اندلعت عاصفة رعدية، وهبّت ريحٌ قويةٌ.

يقول محدّث "الترا جزائر": "اقترب مني السفير ودعاني للاستماع إلى صوت البَرَد على الأرض، وقال لي إنه صوت يوغرطة المحبوس في سجن مامرتينو في روما، وهو يصرُخ "أيها الرومان ، ما أبرد سجونكم"، ليُضيف: "منذ تلك اللحظة بدأت في الاهتمام بموضوع الملك يوغرطة.

غلاف الرواية
غلاف الرواية

يُواصل الكاتب الإيطالي كلامه: "بعد تلك الحادثة شرعت في جمع المعلومات من المصادر التاريخية الموثوقة، ولنسج خيوط الرواية استخدمت ثلاثة مصادر تاريخية رئيسية، أهمها "حرب يوغرطة" للمؤرخ الروماني سالوستيوس، بالإضافة إلى ذلك ، قمت بدراسة تخطيط المدن والهندسة المعمارية لمدينة روما في وقت الوقائع (104 قبل الميلاد) ولكن قبل كل شيء ، قمت بزيارة سجن مامرتينو عدة مرات، والكهف الرهيب حيث مات يوغرطة من البرد والجوع، وأضفت بعض من الخيال، وهو مكوّن رئيسي في إعداد أيّة رواية".

محنة الملك الذي عرض روما للبيع

يُشير ريكاردو نيكولاي إلى أن "يوغرطة سُجن في اليوم الأول من شهر كانون الثاني/جانفي سنة 104 قبل الميلاد، في سجن مامرتينو الذي يضمّ قسمين: قسم علوي مخصص لجميع السجناء، فيما الجزء السفلي لأعداء روما المحكوم عليهم بالإعدام وهو المكان الذي وُضع فيه يوغرطة".

ويصف الروائي ذلك المكان بأنه "كهف بلا ضوء ولا هواء، لا يدخله إلّا أعداء روما اللامعين".

يعتبر الروائي الإيطالي أنه "مفتون بتاريخ البحر الأبيض المتوسط وبالعلاقات التاريخية بين إيطاليا وروما والجزائر ونوميديا منذ عهد الملك ماسينيسا، فقد كان هناك تبادل متبادل بين الضفتين ليس فقط البضائع، ولكن أيضًا وقبل كل شيء الرجال والأفكار".

الروائي الإيطالي أمام سجن مامرتينو
الروائي الإيطالي أمام سجن مامرتينو

وأردف: "أعتقد أن عالم اليوم سيكون أكثر إنصافًا إذا احتفظ بالصفحات التي قدمها لنا التاريخ".

لقد كان يوغرطة، حفيد الملك ماسينسا أكبر أعداء الإمبراطورية الرومانية، حيث خلّد التاريخ مقولته الشهيرة "روما للبيع"، ولكن بعد عدد من الانتصارات الكبيرة ضد روما، تعرض يوغرطة للخيانة من قبل صهره بوخوس ملك موريتانيا الذي سلّمه إلى روما مقيدًا بالسلاسل".

زنزانة يوغرطة
زنزانة يوغرطة في سجن مامرتينو

كانت روما تعذّب عدوها اللدود من خلال إطلاق الماء الساخن في الزنزانة وكان يوغرطة يردّ متحديًا: "أيها الرومان ما أبرد سُجونكم"

كانت زنزانة الملك يوغرطة دون باب، رُمي داخلها من بالوعة أفقية، لا يدخلها الهواء، ولا يجد ضوء الشمس ثُقبًا لينيرها نهارًا، كانت أشبه بالكهف، كانت روما تعذّب عدوها اللدود من خلال إطلاق الماء الساخن في الزنزانة وكان يوغرطة يردّ متحديًا: "أيها الرومان ما أبرد سُجونكم".