03-نوفمبر-2023
ثازيري

(تركيب: الترا جزائر)

في الطبعة الـ26 لصالون الجزائر الدولي للكتاب، الذي يُسدِلُ سِتاره السبت بعد 10 أيام حافلة بالنشاطات الثقافية والأدبية، برزت أقلامٌ شابةٌ لافتةٌ، أبدعت في مجالات الشعر، الرواية، والترجمة، ..إلخ، ولعلّ من هؤلاء الكاتبة والمترجمة ثازيري بشرى التي جعلت "غريب" الروائي الفرنسي الجزائري المولد ألبير كامو يتلّكم "الشاوية".

الروائية والمترجمة بُشرى ثازيري لـ"الترا جزائر": ترجمة "الغريب" إلى الشاوية يرمي إلى تحبيب وترغيب المواطنين الناطقين بالأمازيغية في القراءة بهذه اللغة

دخلت الروائية والمترجمة ثازيري بشرى، صاحبة الـ22 ربيعًا، معرض الجزائر الدولي للكتاب برواية "إيمزدي" (IMEZDI) وهي ترجمة  باللهجة الشاوية الجزائرية (مكتوبة بالحرف اللاتيني) لرواية "الغريب" واحدة من أشهر الروايات التي كتبها ألبير كامو، الذي ولد وترعرع بالجزائر بمدينة الدرعان  عام 1913.

بانر

"الغريب" أوّل أعمال ألبير كامو تتكلم الشاوية صادرة عن دار "أدليس بلّزمة" للنشر، وذلك لأوّل مرّة منذ صدورها في العام 1942، أي بعد مرور نحو 80 عامًا، وذلك بعد أنّ ترجمت من الفرنسية إلى 40 لغة ومن بينها اللغة العربية، بحيث كانت أوّل ترجمة لـ"الغريب" إلى العربية عام 1997 عن الدار المصرية اللبنانية للنشر.

والشاوية، لهجة أمازيغية محلية، يتحدث بها سكان الأوراس في الشرق الجزائري (باتنة، خنشلة، تبسة، أم البواقي، وبدرجة أقل في سطيف وتبسة وبسكرة).  

لماذا "الغريب"؟

تقول ثازيري بشرى حول خلفية فكرة ترجمة "الغريب" لألبير كامو إلى الشاوية، في حوار مع "الترا جزائر"، إنّ " الكاتب الكبير كامو من الأدباء الذين تقرأ لهم كثيرًا، فقد قرأت له عدّة أعمال، تُعجِبها فلسفته في تحليل الحياة والإنسان، وبالخصوص هذه الرواية التي تؤثر فيها كثيرًا، وعليه أرادت منح "الغريب" صوتا أمازيغيا شاويا."

وتضيف ثازري: "بهذا قرّرت ضرب عصفورين بِحجر واحد، حيث يتعلق الأوّل بالإنتاج والكتابة بالأمازيغية الشاوية، ويتعلق الهدف الثاني بتحبيب وترغيب المواطنين الناطقين بالشاوية خاصة وبالأمازيغية بصورة عامة من مختلف ربوع الجزائر وخارجها في القراءة باللغة الأمازيغية."

وحول ما إذا كان الذي تأثرت به نابعٌ من أحداث رواية "الغريب" التي تحمل تمردًا وعبثًا، أوضحت ثازيري أنّ اختيار هذه الرواية للترجمة، كما سبق وأن ذكرت جاء لأنّها تؤثر فيها، لأنّها تشعر أنّها جزء من القصة، هي "مورسو" الذي يسير بحسن نية دائمًا، وفي النهاية تقع في المتاعب كما يقع لـ"مورسو" في القصة، عندما ذهب مع صديقه إلى البحر فوجد نفسه قاتلًا، فضلًا عن أحداث أخرى في الرواية ساهمت في التأثير فيها."

كما تُلفِت في معرض حديثها إلى أنّ الرواية الأصلية "الغريب" قرأتها باللغة الفرنسية وبالعربية أيضًا، غير أنّ الترجمة كانت من الفرنسية إلى اللهجة الشاوية.

الكتابات الشاوية

ولم تُخفِ المتحدثة في لقائها بـ"الترا جزائر" أنّها لم تواجه صعوبات أو عوائق بشكل من أيّ الأشكال في إصدار "إيمزدي" (الغريب)، وترجمتها إلى اللهجة الشاوية، باعتبار أنّها متمكّنة من "الشاوية" وهو ما جعلها تبدع وتقدم عملًا جميلًا استحسنه القراء في الجزائر.

وتشير ثازيري ابنة مدينة قالمة شرق الجزائر، إلى أنّ "الإقبال على روايتها "إيمزدي" في البداية لم يكن بشكل كبير، ولكنّ عندما روّجت لها عبر منصات التواصل لقيت تفاعلًا إيجابيًا وحقّقت مبيعات لا بأس بها في المعرض."

وبخصوص واقع الأدب الشاوي أو الكتابات الروائية الشاوية وعمومًا الأمازيغية، ترى المتحدثة أنّ عددها ضئيل في خارطة الإنتاج الأدبي الأمازيغي، وهي إحدى الأسباب التي دفعتها لإنجاز هذا العمل الأدبي بترجمة "الغريب" من الفرنسية إلى لغتها الأم الأمازيغية، وبهدف المساهمة في تقريب الفرد الناطق بالأمازيغية من الحقيقة لأّنّ الترجمة بلغته الأمّ –وفق ثاريزي- له طعم خاص وتفاعل خاص مع أحداث الرواية.

ثازيري بشرى ( 22 ربيعًا) ابنة الأوراس التلّي وتحديدًا ولاية قالمة، مبدعة قادمة في سماء الثقافة، فخورة بهويتها وثقافتها الجزائرية الأمازيغية، لا تترجم ولا تكتب فقط، وإنّما هي أيضا مغنية تؤدي أغانيها بالأمازيغية، وهي ضمن أعضاء الفرقة الموسيقية  "new n zik" (نيو نزيك)، التي تحصلت على المرتبة الثانية في مهرجان الأغنية الشاوية بخنشلة الذي جرى تنظيمه نهاية آب/أوت 2023.

وبالنسبة لرواية "الغريب" تنتمي إلى المدرسة العبثية، وهي جزء من سلسلة "العبث" التي تضم مؤلفات "أسطورة سيزيف"، "كاليغولا" و"سوء المفاهمة" (مسرحيات)، وهي أولى روايات ألبير كامو، وقد فاز عنها كامو بجائزة نوبل للآداب عام 1957.

وقد صدر لألبير كامو الذي اختار الصمت إبّان الثورة التحريرية ضد فرنسا الاستعمارية (1954-1962)، عدد من الأعمال مثل كتاب "ما بين وبين"، "المقاومة والتمرد والموت"، رواية "الطاعون" (1947)، "الصيف" (1950)، كتاب "السجلات الجزائرية" 1958.. وغيرها.