04-أكتوبر-2019

ميناء الجزائر العاصمة (Getty)

أفاد بيان الحكومة الجزائرية في آخر اجتماع لها برئاسة الوزير الأوّل، نور الدين بدوي، أن الوضعية المالية وموارد الخزينة لسنة 2020، ستُفضي إلى عجز في الميزان التجاري يقدر بـ 1533.4 مليار دينار، أي ما يُمثّل 7.2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، مقابل 12000 مليار دينار سُجّلت في سنة 2019.

تصدّرت ميزانية وزارة الدفاع  الوطني، قائمة الدوائر الوزارية في توزيع الاعتمادات المالية لسنة 2020

يعود هذا العجز، إلى نسبة التباين الموجودة بين مستوى الإيرادات والنفقات، حيث تقدّر ميزانية التسيير والتجهيز لسنة 2020 في حدود 7773 مليار دينار، وتتعلّق ميزانية التسيير برواتب وأعباء الضمان الاجتماعي، وتكاليف سير المرافق العامة، وتلك المخصّصة للتكفّل بالاحتياجات الخاصّة، أمّا ميزانية التجهيز فهي مرتبطة بسياق الإصلاحات الهيكلية، الملازمة للتحكّم في الإنفاق العام، وترشيد النفقات.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائر تسعى لجذب الاستثمارات.. هل آن الأوان للخروج من اقتصاد النفط؟

في مقابل ذلك، يُتوقّع أن تصل إيرادات الدولة لسنة 2020، إلى 6239.7 مليار دينار، أي بنسبة تراجع تقدّر بـ 7.72 في المائة، مقارنة بسنة 2019، وتتكوّن إيرادات الدولة من الجباية البترولية التي ستصل إلى 22200.3 مليار دينار، أما المداخيل العادية والجبائية سترتفع إلى 3030 مليار دينار، أي بنسبة 8.6 في المائة، مقابل 2714.5  لسنة 2019.

في السياق نفسه، تم اعتماد سعر مرجعي للميزانية 2020 .50 دولار للبرميل، وسعر السوق 60 دولار، وسعر الصرف 123 دج/ 1 دولار، أمّا الإطار الاقتصادي العام، فهو يعتمد على نسبة نمو1.9 في المائة، مقابل  2.6 في المائة  لسنة 2019، مع نسبة تضخّم 4.10 في المائة.

وزارتا الدفاع والمجاهدين تتصدّران

تصدّرت ميزانية وزارة الدفاع الوطني، قائمة الدوائر الوزارية في توزيع الاعتمادات المالية لسنة 2020، بما يتجاوز 1000 مليار دينار، متبوعة بوزارة التربية الوطنية بحجم إنفاق 720 مليار دينار، فقطاع الداخلية بأزيد من 430 مليار، واستقرّت ميزانية الصحّة في حدود 408 مليار دينار، يليه قطاع التعليم العالي بـ 362 مليار دينار، وارتفعت ميزانية وزارة المجاهدين إلى أزيد من 230 مليار دينار، أي بارتفاع قدره 60 مليار عن السنة الماضية.

في هذا السياق، أكّد وزير المالية محمد لوكال، في تصريح إعلامي، أنّ الحكومة الجزائرية خلال سنة 2020، ستعتمد على الموارد الجبائية الداخلية، وعبر ترشيد النفقات المرتبطة بتسيير الإدارة، والاستهلاك العقلاني لموارد التجهيز، التي تهدف إلى بلوغ نسبة 20 في المائة، مقارنة بالسنة الماضية، مضيفًا، أنّ الحكومة لن تلجأ إلى التمويل غير التقليدي، رغم احتفاظ الخزينة العمومية برصيد استهلاكي يقدر بـ 610.7 مليار دينار، وبقائه كآلية سارية إلى غاية سنة 2022، حيث "تبقى وسيلة هامّة لكن غير حصرية لتمويل عجز الخزينة، إلى غاية نهاية صلاحيتها".

أمّا عن التمويل الخارجي، فأوضح الوزير، أن النصوص التطبيقية ستوضّح الآليات التطبيقية الانتقائية، لتلك التمويلات، مشيرًا إلى أنه لا يمكن الوصول إلى التطبيق الفعلي لهذا الإجراء، إلا ابتداءً من سنة 2021.

وفي تقدير محافظ البنك السابق، فإن الجباية العادية ستعرف ارتفاعًا بنسبة 8.6  في المائة، مقارنة بسنة 2019، أي ارتفاع سنوي بـ 300 مليار دينار، علمًا أن متوسّط ارتفاع الضريبة العادية خلال الأربع سنوات الأخيرة، كان في حدود 150 مليار دينار.

مخاطر تراجع الاستهلاك المحلّي

هنا، يتساءل مختصّون  في الشأن الاقتصادي، عن المعطيات التي اعتمد عليها المحافظ السابق، في استشراف ارتفاع المداخيل العادية بنسبة 8.6 في المائة، علمًا أن مسودّة قانون المالية لسنة 2020، لم تحمل أي تعديل في الرسوم، أو تجديد ضرائب جديدة، تحدد الفارق في المداخيل بنسبة 8.6 في المائة، مع استثناء رسم عن البيئة، وتعديل على الضريبة على الممتلكات، ورفع قيمة الرسم الإضافي المطبّق على مواد التبغ من 11 دج إلى 17 دج، للإشارة أن حاصل هذه الزيادة يذهب إلى حساب خاص بعنوان "الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي"، وذلك قصد تغطية العجز المالي، الذي يعرفه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

في مقابل ذلك، تُشير إحصائيات رسمية، إلى تراجع نسبة الاستهلاك المحلّي، وهو ما ينعكس سلبًا على حجم رقم أعمال المؤسّسات الصناعية والخدماتية، وبالتالي تراجع التحصيل الضريبي، إضافة إلى التذبذب الذي يعرفه قطاع الأشغال العمومية، وانعكاساته على قطاع صناعة مواد البناء، وكلّ هذه المعطيات، تأخذ بعين الاعتبار، مناخ الأعمال غير المحفّز، نظرًا لارتباطه بالأوضاع السياسية التي تعيشها البلاد.

في هذا السياق، أكّدت الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، أنّ حوالي 50 ألف تاجر تخلّى عن نشاطه، وشطبه من مصلحة السجّل التجاري والضرائب، خلال الأشهر الاخيرة، وهذا بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي أدّت إلى تراجع النشاط التجاري إلى حدود 40 في المائة، بحسب تصريحات رئيس الجمعية، حاج طاهر بولنوار، وهي معطيات تؤكّد انكماش في الوعاء الضريبي وليس العكس.

يتوقّف الأمر بخصوص الاستغناء عن قاعدة 49/51، قصد جلب الاستثمارات الأجنبية، على النصوص التطبيقية التي تحدّد القطاعات المستثناة من القاعدة، وبالتالي قرار الاستغناء عن قاعدة 49/51 هو جزئي وليس كلّي، ويخضع إلى تقديرات الحكومة في مجال فتح الاستثمارات والشراكة خارج قطاعي المحروقات والبنوك، وهي الشراكة التي لا تحفّز استثمار رؤوس أموال خارجية، أو جلب الشركات الأجنبية.

مجال فتح الاستثمارات والشراكة خارج قطاعي المحروقات والبنوك غير معني بالاستغناء عن قاعدة 51/ 49 الاقتصادية

من جهة أخرى، ترتبط المراهنة على ترشيد النفقات إلى حدود 20 في المائة، بجملة من الشروط، متعلقة بإعادة النظر في نمط وتسيير الإدارة ومؤسّساتها، من ناحية تكاليف استهلاك الماء والكهرباء، وترشيد النفقات المتعلّقة بالاتصالات، واقتناء السيارات، والتنقل إلى خارج الوطن، وتنظيم الحفلات والندوات ومصاريف الدراسات والتكوين بالخارج. 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

"توتال" الفرنسية والبترول الجزائري.. هل أصبحت القضيّة سياسية؟

الخزينة الجزائرية.. هل هو زمن الإفلاس؟